بعد صرخة القدس هاك صراخ كثير، وإذا كانت المدينة المقدسة لم تجد من يدافع عنها، فهل ستجد يافا وحيفا، ومعهما الجليل والنقب من يقف ليقول: كفّوا عن تهويد الأرض والبلاد وعن حرمان الناس من حقهم في الحياة؟
اليائس من ان تسمع الآذان الصماء صرخة مسرى الرسول، سيكون أكثر يأساً من سماع هذه الآذان لصرخة مدن اعترف عتاة العرب بأحقية الصهاينة بها، وهم يتواطأون مع حكومة العدو على محو هويتها التاريخية العربية والإسلامية للخلاص من "وجع الرأس" الذي يثيره النداء المنطلق من مئات الآلاف من الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين الذين لا يكفون عن الحراك منعاً لتهويد أرضهم وتاريخهم ومستقبلهم.
اليائس من ان يتحرك من فرضوا انفسهم زعماء على العرب كي ينقذوا المسجد الأقصى الذي باتت الأنفاق تحفر أرضه وتتركه خاوياً فوق خواء، سيكون أكثر يأساً من تحرك هؤلاء لإنقاذ أرض باتت بحكم استسلام العرب جزءاً من "دولة إسرائيل" المعترف بها من معظم الأنظمة التي باتت تتسابق للتطبيع معها وتقديم صنوف "الإغراءات" لها كي تقبل بـ"السلام".
إنه يأس كبير، إنه كيأس "الكفار من أهل القبور".
ولكن هناك بالمقابل يأس آخر.
إنه يأس الصهاينة والأميركيين ومن يقف معهم من القدرة على القضاء على الشعب الفلسطيني وإخراجه من الوجود، سواء داخل أراضي الـ48 أو في الضفة وغزة والقدس.
هذا اليأس هو الأمر الوحيد الذي ما زال يمنع الصهاينة من تنفيذ ضربتهم الكبرى في تهجير الفلسطينيين ومنعهم من التفكير بالعودة إلى هذه الأرض.
إنها إرادة المقاومة وإرادة الصمود التي لن يستطيع أحد القضاء عليها، ولا حتى العرب الذين يملأون الجرائد هذه الأيام بالحديث عن فوائد "التوطين".
محمود ريا
الانتقاد ـ العدد 1357 ـ 31 تموز/يوليو 2009