من يرغب بتأجيل الانتخابات النيابية في لبنان، من يحاول تعطيلها، من ضغط في الداخل والخارج من أجل تمرير يوم السابع من حزيران/ يونيو دون "شرب الكأس المرة"؟
ما يتسرّب من الجلسات المغلقة والاجتماعات التي تعقد خلف الأبواب المقفلة يشي بأن هناك من يعمل فعلاً من أجل سحب الاستحقاق الانتخابي من روزنامة الأحداث السياسية في لبنان، متوسلاً من أجل ذلك كل ما لديه من وسائل، باذلاًَ كل ما يملكه من مال، ومن ماء وجه (إذا وُجد) ومن طاقة في هذا المجال.
ولا يكتفي هؤلاء بالسعي الداخلي، أي على مستوى لبنان لتحقيق هذا "الهدف النبيل" وإنما هم "يتوسطون" لدى قوى إقليمية ودولية من أجل الموافقة معهم على هذه الخطوة. وقد تسرب من أكثر من مصدر أن هذا الطرح عُرض فعلاً في الاجتماعات مع أكثر من زائر أجنبي، وليس آخر مطّلع على هذا الطلب نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن الذي زار لبنان في الأسبوع الماضي.
يتبدى من هذه الوقائع أن الداعين إلى السير في هذا الخيار هم من أطراف فريق الرابع عشر من آذار، وإذا كان الأقطاب الفاعلون يعلنون تمسكهم بإجراء الانتخابات في موعدها، فإن "الصغار" لا يتورعون عن ترديد كلام يسمعونه من كبارهم، حتى ولو أدى ذلك إلى تعرضهم للتكذيب من الكبار في العلن.
ولكن لماذا يخاف هؤلاء من الانتخابات ومن حصولها ومن نتائجها؟
السؤال يحمل إجابته داخله. هم متوجسون فعلاً من أن تأتي النتائج كما بات الجميع مقتنعاً بانها ستأتي عليه: انتصار مدوّ للمعارضة الوطنية بكل أطيافها وفي مختلف المناطق، بما يمحو صورة الأكثرية التي تحكمت بالبلد من خارطة الفعل السياسي التي كانت سائدة في السنوات الماضية.
هل سينفع صراخ هؤلاء في منع حصول الانتخابات؟
يفترض أن يكون ما يفعله هؤلاء صراخاً في وادٍ أو زوبعة في فنجان، لولا أن البعض منهم لديه "قدرات تنفيذية" نرى بعض صورها لدى شبكات التجسس التي تنهار في لبنان.
محمود ريا
الانتقاد/ العدد 1348 ـ 29 أيار/ مايو 2009