قد يكون الخبر صدمة للبعض، وقد يسميه البعض الآخر وثيقة، وربما يحق لـ "بوابة الشباب" في صحيفة الأهرام المصرية أن تعتبره "انفراداً" يميّز أخبارها عن أخبار وسائل الإعلام المصرية الأخرى، إلا أنه لمتابع واعٍ يعتبر خبراً عادياً، أو على الأقل هو خبر متوقع.
عبد الله كمال، رئيس تحرير مجلة روز اليوسف بين عامي 2005 و2011 عميل للصهاينة.
عبد الله كمال، "الصحافي" الأشرس ضد حزب الله وحركة حماس وإيران، كان يتلقى أوامره من جهاز معلومات المخابرات والإرهاب التابع لمركز المخابرات الإسرائيلية الموساد، وكان ينفذ أوامر صهيونية من أجل تشويه صورة هذه القوى المقاوِمة في الإعلام المصري.
بل أكثر من ذلك، "لقد طلبت إسرائيل من عبد الله كمال الضغط بواسطة مقالاته بشكل غير مباشر على الحزب الذي ينتمي إليه (عضو لجنة السياسات في الحزب الحاكم سابقاً في مصر) حتى يدفعه للعمل ضد إيران وحماس وحزب الله في مصر ولكي يشكل بمقالاته ضغطا ثقافيا يساعد إسرائيل".
المعلومات تتوسع أكثر من ذلك في شرح تفاصيل التوجيهات الصهيونية وأهدافها، ولكن ما ذُكِر هنا يكفي لاستنتاج بعض الحقائق:
ـ ليس في انكشاف المعلومات عن عبد الله كمال جديد، فهو كان مكشوفاً لدى كل الشرفاء في أمتنا، ولم يكن ينخدع به إلا أولئك السذّج الذين كانوا يصدّقون مقالاته التي كان يتهجم بها على كل شريف ومقاوم في أمتنا.
ـ "إسرائيل" تخترق الجسم الصحافي المصري، وهذا ما تثبته واقعة عبد الله كمال، فهو ليس وحده من يعمل في خدمة الأجندة الصهيونية، وإنما هناك العشرات من مثله الذين يقدّمون "الخدمات الإعلامية" للعدو، طوعاً أو طمعاً.
ـ "إسرائيل" تخترق الجسم الصحافي العربي بمجمله، وهناك الكثير من المواضيع والتقارير والتحقيقات والتحليلات التي تُكتب في مطابخ الاستخبارات الصهيونية، ومن ثمّ تُنشر في وسائل الإعلام العربية، ممهورة بتوقيع صحافيين كبار أو صغار من عالمنا العربي.
ـ إن انكشاف عمالة عبد الله كمال لـ "إسرائيل"، وعمله وفق توجيهاتها، ليس نهاية المطاف، وإنما هو مجرد بداية لكشف حجم ارتهان بعض الأقلام العربية للإرادة الصهيونية، لا بل لأوامر الضباط الصهاينة المباشرة. وبناءً على ذلك فإن أسماءً عديدة تدّعي أنها عربية وتعمل في صحف عربية ستظهر حقيقة عمالتها خلال مرحلة مقبلة، ومن هذه الأسماء من يملك صحفاً يخصّصها للتهجم على القوى نفسها التي أمرت المخابرات الصهيونية عبد الله كمال أن يهاجمها في المجلة التي كان يصادر قرارها في مصر.
ـ إن عبد الله كمال هو "غراب في سرب من الكتّاب" الذين تخصصوا بمهاجمة قوى المقاومة في المنطقة، وبعضهم "نال شرف" نشر مقالاته على موقع وزارة الخارجية الصهيونية (التواصل)، وقد وصفت وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيبي ليفني هؤلاء الغربان في اجتماعٍ خاص بخلية أزمة تم تشكيلها في الوزارة خلال العدوان على غزة بالقول: "إن هؤلاء سفراء إسرائيل لدى العالم العربي، وأفضل مَن يُوصِّل وجهة النظر الصهيونية إلى الشارع العربي بشأن حركة حماس والمقاومة!".
ـ إن هؤلاء "الصحافيين" يعملون لدى رب عمل واحد متعدد الرؤوس، فمنهم من يخدم الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه)، ومنهم من يخدم الاستخبارات الصهيونية (الموساد)، ومنهم من يعمل في خدمة أجهزة استخبارات عربية، هي بدورها تخدم الأميركيين والصهاينة.
ـ إن مبلغ الخمسمئة مليون دولار الذي تحدث عنه العرّاب الأميركي جيفري فيلتمان والذي فُرِز لـ "تشويه صورة" حزب الله في العالم العربي هو دفعة من مبالغ كبيرة توزَّع فُتاتاً على ممتهني تجارة الكلمة وحاملي أقلام الحقد المشحونة بلوثة الخيانة والعمالة لأعداء الأمة.
هناك الكثير من الحقائق والاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من هذه الواقعة، ولكن لا بد من الاختتام بالقول إن أمتنا التي لفظت عبد الله كمال بعد انكشاف عمالته ـ بالوثائق والأدلّة ـ ستتمكن في المقبل من الأيام من فضح العملاء الآخرين ـ كباراً وصغاراً ـ وستضعهم في مكانهم الذي يستحقونه: مجرّد مخبرين عملاء يتقاضون ثمن الكلمة الآثمة دراهم معدودة، وستكون نهايتهم كنهاية كل عميل، مهما لمّعت أسماءهم وسائلُ الإعلام التي يموّلها البترودولار، والتي تعمل في خدمة الصهاينة والأميركيين.