انسحب السيد فؤاد السنيورة من التحرير، كما كان قد تهرّب من الانتصار، ليكشف من جديد عن نوع مختلف من الناس، نوع يستحق الوقوف عنده مليّاً.
فما حصل في الخامس والعشرين من أيار/ مايو عام 2000 برأيه هو انسحاب للجيش الاسرائيلي وليس اندحاراً للعدوان الصهيوني، كما أن ما حصل في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس عام 2006 هو هزيمة للبنان، وليس هزيمة للاحتلال الصهيوني.
قد يقول قائل إن "الرجل" محاسب، وهو يتعامل مع الأمور على قاعدة أن "واحد زائد واحد يساوي اثنين"، وبالتالي لا يمكن لومه على "حسبته" التي قام بها والتي وجد من خلالها أن عدوان تموز هو خسارة للبنان لأنه كبده تضحيات في البشر والحجر.
وإذا جارينا هذا الطرح علينا أن نتذكر أن "انسحاب" جيش الاحتلال من مساحة كبيرة من جنوب لبنان أمّن لخزينة صاحبنا النهمة بلا شبع أموال ضرائب و"تي في آ" لا تعد ولا تحصى على مدى سنوات، ما يفترض أن يدفعه إلى إبداء شيء من الفرح بهذا "الانسحاب"، كما أن عدوان تموز أمّن للخزينة نفسها مئات الملايين من الدولارات من أموال المساعدات التي جُمّدت ولم تعطََ لمستحقيها ما جعلها وفائدتها مدخولا صافياً للخزينة النهمة، وهذا يعني أن الانسحاب كان نعمة على مالية السيد السنيورة وعلى أصابعه التي لا تعرف إلا العدّ والجمع والطرح، ولا تتقن مسحة على رأس يتيم او شدّة دعم على يد مصاب.
وقد يرى راءٍ أن الرجل ضعيف القلب، وسخي الدمعة، وهو عاجز عن تحمل مشهد عار وخزي حتى ولو أصاب "عدوه" ولذلك فهو "يكسر على نفسه" ويضع الهزيمة في داره حتى لا يجرح شعور أحد، حتى ولو كان من مرتكبي الجرائم ومسيّري طائرات الأف 16 ومطلقي أضخم الصواريخ وأكثرها فتكاً بالأطفال. ولكن حتى هذا التبرير لا ينجح في كشف حقيقة هذا التنكر للانجازات الكبرى، لأن صاحبنا مستعد لأن يفتح عينيه على وسعهما في وجه أبناء شعبه وأن يصرخ بأعلى صوته في وجه مواطنيه، ويطلق شعارات "باقية باقية باقية" عندما يتعلق الأمر بصراع داخلي ونزاع سياسي وبحث عن كرسي.
ما القصة إذاً؟
كل ما في الأمر أن هناك إنجازات بحاجة إلى قامات كبيرة لتحملها، وأمجاد تفتش عن رؤوس مرفوعة لتكللها بالغار، بينما قامات بعض الأشخاص تكون أقصر من أن ترى تحريراً، ورؤوسهم أخفض من أن تستطيع حمل إكليل انتصار.
إنهم معتادون على أن يكونوا إمّعة، فاذا قيل لهم هذا انسحاب أذعنوا، وإذا لقّنوا أن هذه هزيمة أمّنوا، وإذا أُمروا أن يضربوا رؤوسهم بالصخور الشامخة في أرض بلادي أطاعوا ولم يترددوا.
وجعي على رؤوسهم.
محمود ريا
فما حصل في الخامس والعشرين من أيار/ مايو عام 2000 برأيه هو انسحاب للجيش الاسرائيلي وليس اندحاراً للعدوان الصهيوني، كما أن ما حصل في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس عام 2006 هو هزيمة للبنان، وليس هزيمة للاحتلال الصهيوني.
قد يقول قائل إن "الرجل" محاسب، وهو يتعامل مع الأمور على قاعدة أن "واحد زائد واحد يساوي اثنين"، وبالتالي لا يمكن لومه على "حسبته" التي قام بها والتي وجد من خلالها أن عدوان تموز هو خسارة للبنان لأنه كبده تضحيات في البشر والحجر.
وإذا جارينا هذا الطرح علينا أن نتذكر أن "انسحاب" جيش الاحتلال من مساحة كبيرة من جنوب لبنان أمّن لخزينة صاحبنا النهمة بلا شبع أموال ضرائب و"تي في آ" لا تعد ولا تحصى على مدى سنوات، ما يفترض أن يدفعه إلى إبداء شيء من الفرح بهذا "الانسحاب"، كما أن عدوان تموز أمّن للخزينة نفسها مئات الملايين من الدولارات من أموال المساعدات التي جُمّدت ولم تعطََ لمستحقيها ما جعلها وفائدتها مدخولا صافياً للخزينة النهمة، وهذا يعني أن الانسحاب كان نعمة على مالية السيد السنيورة وعلى أصابعه التي لا تعرف إلا العدّ والجمع والطرح، ولا تتقن مسحة على رأس يتيم او شدّة دعم على يد مصاب.
وقد يرى راءٍ أن الرجل ضعيف القلب، وسخي الدمعة، وهو عاجز عن تحمل مشهد عار وخزي حتى ولو أصاب "عدوه" ولذلك فهو "يكسر على نفسه" ويضع الهزيمة في داره حتى لا يجرح شعور أحد، حتى ولو كان من مرتكبي الجرائم ومسيّري طائرات الأف 16 ومطلقي أضخم الصواريخ وأكثرها فتكاً بالأطفال. ولكن حتى هذا التبرير لا ينجح في كشف حقيقة هذا التنكر للانجازات الكبرى، لأن صاحبنا مستعد لأن يفتح عينيه على وسعهما في وجه أبناء شعبه وأن يصرخ بأعلى صوته في وجه مواطنيه، ويطلق شعارات "باقية باقية باقية" عندما يتعلق الأمر بصراع داخلي ونزاع سياسي وبحث عن كرسي.
ما القصة إذاً؟
كل ما في الأمر أن هناك إنجازات بحاجة إلى قامات كبيرة لتحملها، وأمجاد تفتش عن رؤوس مرفوعة لتكللها بالغار، بينما قامات بعض الأشخاص تكون أقصر من أن ترى تحريراً، ورؤوسهم أخفض من أن تستطيع حمل إكليل انتصار.
إنهم معتادون على أن يكونوا إمّعة، فاذا قيل لهم هذا انسحاب أذعنوا، وإذا لقّنوا أن هذه هزيمة أمّنوا، وإذا أُمروا أن يضربوا رؤوسهم بالصخور الشامخة في أرض بلادي أطاعوا ولم يترددوا.
وجعي على رؤوسهم.
محمود ريا