الأربعاء، فبراير 27، 2008

فريق السلطة.. ولعبة الاستغباء

يمارس قادة فريق السلطة في لبنان لعبة استغباء من النوع الثقيل على الشعب اللبناني، ويظن هؤلاء أن الناس سيصدقون فعلاً هذه اللعبة، لأن كل ظنهم - كما ظن أسيادهم هناك وهنالك - أن الناس أغبياء فعلاً (مع العذر على التعبير) ولا يعرفون ما يقومون به.
"يحور هؤلاء ويدورون" حول المبادرة العربية، ويناقشون فيها ويبحثون في بنودها ويؤيدون هذا الاقتراح ويرفضون ذاك، يطرحون هذه الفكرة ويتراجعون عن الأخرى، فيأتي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ويذهب، دون أن "تمشي" المبادرة خطوة واحدة إلى الأمام، بينما يبقى هذا الفريق في إطار المبادرة، ومن "الساعين" لتطبيقها.
خطأ.. اللعبة ليست منطلية على من يعرفون فريق السلطة جيداً.
هناك خطأ ما، خطأ بالأساس، يجعل كل ما يقوم به فريق السلطة من "مباحثات" حول المبادرة العربية غير ذي قيمة وبلا أي نتيجة، إلا ما يرغب به هؤلاء وأسيادهم من ذرّ للرماد في العيون و.. محاولة استغباء الناس.
الخطأ يكمن في البداية، في الانطلاقة، في أصل الموضوع.
لنقارن بين موقف فريق السلطة وبين موقف الإدارة الأميركية من المبادرة العربية.
السلطويون "يتباحثون" والأميركيون يتضاحكون، يتقاذفون كرة التصريحات في ما بينهم.. هذا يرفض وهذا يتراجع.. هذا يصمت وهذا يقول.. ولكن الكل، كل المسؤولين في الإدارة الأميركية لم يعلن في أي لحظة تأييدهم للمبادرة العربية.
كان ساترفيلد الأكثر صراحة، وربما الأكثر صدقاً، عندما سأل: ما هي المبادرة العربية؟! وعندما قال: ليس هناك إلا مبادرة واحدة هي المبادرة الأميركية!!
كل ما جاء قبل ذلك وبعده من مواقف أميركية هو "تنويعات" دبلوماسية وتأديات مختلفة لـ "النغم" نفسه. النوتة نفسها، ولكن مع اختلاف الآلة والمؤدي والجو الذي تؤدى فيه.
إذن، الأميركيون لا يرون العرب، و"لم يسمعوا" بمبادرتهم، ولا يكترثون بتحركاتهم، ولا يقيمون وزناً لخطاباتهم.
الأميركيون غير معنيين بما يحصل في بيروت وفي غيرها من العواصم العربية من لقاءات واتصالات واتفاقات وتفاهمات.
الأميركيون لا يريدون إلا ما يقررونه هم، وما يرونه هم، وما يحقق أهدافهم هم.
وهنا تظهر خفايا اللعبة، وتنكشف محاولة فريق السلطة التغابي على اللبنانيين.
كيف يمكن ان يكون لهذا الفريق المنسحق أمام الأميركي والمنفذ لقراراته، والمطيع لإملاءاته، والذي يرى ما يراه أسياد البيت الأبيض، ولا يرى غيره، كيف يمكن له أن يتفق في بيروت على ما لا يعترف به أولئك المقيمون في واشنطن؟
كيف يمكن أن ينتج عن اللقاءات الرباعية والاتصالات الثنائية والاجتماعات الحوارية ما لا يستطيع أقطاب فريق السلطة أن يتمتموا بشفاههم به أمام القابع ـ والقابعة ـ في عوكر؟
إنهم فريق تابع وملحق ومنفذ، بلا قرار، بلا استقلالية وبلا موقف، والحوار معهم.. بلا فائدة.
أما لعبة الاستغباء، فقد تنطلي على من يلعبها فقط، لا على من هو أدرى بكل ما يجري.

تحديات العام الجديد


افتتاحية العدد الرابع والثلاثين من نشرة "الصين بعيون عربية" الالكترونية الأسبوعية

العاصفة المروّعة التي شهدتها الصين خلال الشهر الماضي وأوائل الشهر الحالي، موقعة خسائر بشرية كبيرة، وخسائر مالية فظيعة، إضافة إلى أضرار عظيمة بالبيئة، لم تكن النكسة الوحيدة التي تشهدها الصين خلال الفترة الحالية، بل هناك جديد في أكثر من مجال:
ـ الأرقام تتحدث عن ارتفاع كبير في رقم التضخم، حيث وصل إلى 7.1 بالمئة، وهو رقم لم يسجل منذ أحد عشر عاماً، أي منذ انطلقت الصين في عملية الإصلاح والانفتاح الاقتصادي .
ـ الأرقام الأخرى تتحدث عن انخفاض كبير في النمو الاقتصادي الإجمالي لهذا العام، حيث يتوقع أن ينخفض من خانتين (حوالي 11 بالمئة) إلى خانة واحدة، في ظل أرقام متوقعة لا يمكن تصديقها ترى أن النمو الصيني هذا العام لن يزيـد عن 7 بالمئة.
ـ الحرب الأميركية على الصين تتخذ أكثر من صورة، وآخر فصولها هجمة الرئيس الأميركي جورج بوش على أفريقيا التي بدأت الصين تعتبرها بمثابة ”سياجها الاقتصادي الخلفي“، الأمر الذي يدل على ممانعة أميركية قوية في السماح للصين ببسط نفوذها على القارة السمراء.
ـ وإذا كانت الصين ترى في استضافتها لألمبياد العام 2008 في العاصمة بكين نقطة قوة تمنحها لحظات اعتزاز قومي وتدفع اقتصادها وترفع من شأنها على المستوى الدولي، فإن الذين يكيدون للصين لا يجلسون مكتوفي الأيدي، وإنما هم يبذلون جهوداً جبارة لتشويه صورة البلاد وحرمانها من بناء موقع معنوي مميز على مستوى العالم، وذلك من خلال استغلال العديد من النقاط التي يرون أنها تشكل نقاط ضعف في السياسة الصينية، سواء على مستوى حقوق الإنسان في الصين، أو على مستوى علاقات الصين مع العالم، وبالتحديد أفريقيا، حيث يغمز الكثيرون من قناة الدعم الذي تقدمه الصين للسودان محمّلين هذا الدعم مسؤولية ”الوضع الكارثي“ في إقليم دارفور.
كل هذه المعطيات التي تجمعت في وقت واحد، لم تبتعد عن جو روحي تعيشه الصين في ما تسميه على مستوى تقويمها بـ ”عام الجرذ“ الذي بدأ هذا الشهر، حاملاً معه حسب المعتقدات الصينية أخطاراً كثيرة منها ما هو متوقع، ومنها ما لا يمكن توقعه.
كيف تتصدى الصين لكل هذه المخاطر والتحديات؟
تبدو القيادة الصينية حتى الآن بعيدة عن التداعي أمام هذه الهجمة التي تواجهها، وتعمل على معالجة كل مشكلة على حدة، بادئة بأزمة الطقس التي تعاملت معها بقوة وحزم وفاعلية، فيما تعد الخطط للتعامل مع المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الصيني، أما على صعيد الهجمة الأميركية فهي تنتقل بسرعة من مرحلة الدفاع إلى الهجوم متخذة من عدد من القضايا منصات للهجوم كالموقف من استقلال كوسوفو أو إسقاط البحرية الأميركية للقمر الاصطناعي في الفضاء.
وأمام هذه التحديات تبدو الصين في موقع صعب هذا العام، فهل تتمكن من الخروج منه؟
ما يزال العام في بداياته، والانتظار مفيد.

بعد غياب دام نحو شهر ونصف، تعود ”نشرة الصين بعون عربية“ الالكترونية الأسبوعية إلى الصدور، لتقدم للقارئ التحليل والمعلومة حول الصين بشكل عام وحول العلاقات العربية الصينية بشكل خاص.
لقد كانت فترة الغياب هذه ضرورية لإعادة هيكلة النشرة، ورسم خط تحريري جديد لها، تمثل في التركيز على التحليلات والقضايا الرئيسية، فيما تترك التفاصيل والمسائل الأخرى لمراجعتها من مصادرها الرئيسية، سواء في وسائل الإعلام العالمية أو في مدونة ”الصين بعيون عربية“ التي تستمر في جمع أهم الأخبار والمعلومات عن الصين وتقديمها للمتصفح العربي على شبكة الإنترنت، تمهيداً لخروج الموقع المتكامل الذي يحمل الاسم نفسه إلى الهواء، وهو الأمر الذي بات قريباً جداً إن شاء الله.
نشرة ”الصين بعيون عربية“ مع قرائها إذاً بمضمون جديد، وصولاً إلى تحقيق الهدف المنشود، وهو بناء جسر تواصل بين الشعوب العربية والصين