الأحد، سبتمبر 30، 2007

الصين وتايوان إلى الحرب؟


افتتاحية العدد السابع عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
العنوان مثير حتماً، وقد يكون بعيداً عن التحقق في القريب العاجل، ولكن هل هو مستحيل التحقق فعلاً؟
ما يحصل من تطورات متسارعة على صعيد العلاقة بين ”البر الصيني“ و ”الجزيرة المتمردة“ يرجح أن التدهور الذي تشهده هذه العلاقة قد لا يتوقف عند حد، ولاسيما مع وجود زعيم في تايوان يرغب في تحريك الوضع الراكد، والسير في غير اتجاه ”إبقاء الوضع على ما هو عليه“ الذي بقي معتمداً على مدى العقود الماضية.
فمن العمل على إجراء استقتاء حول الاستقلال، إلى تقديم طلبات متكررة لدخول تايوان إلى الأمم المتحدة كـ ”دولة مستقلة“، بدأت الأجواء بالتشنج، وعلت تصريحات القيادة الصينية في بكين إلى حد الحديث عن خيارات أخرى غير المحادثات لمعالجة هذه الأزمة، ولا سيما في ظل القانون الذي أقرّته بكين قبل مدة والذي يتحدث عن خيارات غير سلمية في حال قررت تايوان إعلان استقلالها.
وقد ترافقت هذه التصريحات مع مناورات عسكرية كبيرة أجرتها منطقة شانغهاي، المستهدفة الأولى من قبل تايوان في حال اندلعت الحرب، مع ما يعنيه ذلك من إدخال الخيار العسكري كعامل أساسي في التعامل مع هذا الوضع.
المنطقي أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد، ولا سيما في ظل السعي الصيني إلى الحفاظ على مسيرة التنمية المذهلة التي يشهدها البر الصيني، لأن أي حرب في المنطقة لن تقتصر على نزاع محدود في مضيق تايوان، وإنما قد تتحول إلى حرب عالمية مع التدخل الأميركي المباشر في الأزمة دعماً لتايوان، ومن ثم تدخل الدول الأخرى ذات المصالح المتعددة في المنطقة.
ولكن من قال إن المنطق هو الذي يحكم في هذا العالم، ومن يمكنه التكهن في نتيجة سلسلة من الهزات الصغيرة، وما يمكن أن تؤدي إليه من زلازل؟
هل تندلع شرارة الحرب من المكان الذي لم يتوقعه أحد، فيما العالم ينظر إلى مكان آخر تفوح منه رائحة البارود والنار؟
يبدو أن الصين واعية لمخاطر هذا الواقع، فهل هناك في الجانب الآخر من يعي؟
محمود ريا
* من يرغب بالحصول على النشرة في بريده الالكتروني كل أسبوع يمكنه إرسال رسالة إلى البريد التالي: rayamahmoud1@hotmail.com أو chinainarabic@gmail.com

بدون تعليق: فيلتمان لا يتدخل

مع أن هذه الزاوية تحمل عنوان "بدون تعليق"، إلا أن هناك أخباراً لا يمكن أن تمر دون أن يتوقف المتابع عندها، كالخبر الذي يقول إن السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان صرح بعد زيارته قائد القوات اللبنانية سمير جعجع قائلاً إن بلاده "لن تتدخل في لعبة أسماء المرشحين" في الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
لا بأس من الإشارة قبل "التعليق" عند بعض "التفاصيل الصغيرة" المتعلقة باللقاء، فهو "استمر لمدة تسعين دقيقة"، و"تخللته خلوة بين جعجع وفيلتمان".
كل هذه المعطيات تجعل من الخبر نموذجياً للتعليق عليه، ابتداءًا من أشخاصه، مروراً بـ "ظروفه" وما حصل فيه، وصولاً إلى التصريح بعده.
السفير الأميركي يزور قائد القوات لمدة تسعين دقيقة، هذا يدفع اللبنانيين إلى التعوّذ بالله من الشيطان الرجيم.
السفير الأميركي يعقد خلوة مع قائد القوات، وهذا يدفع الكثيرين إلى تحسس رؤوسهم، وخصوصاً في هذه الظروف الدقيقة، حيث تتصاعد النبوءات عن الاغتيالات، و"أكثرها مصداقية" تلك التي تصدر من معراب.
أما ما يجعل الموقف أكثر غرابة، فهو التصريح الذي صدر عن السفير الأميركي بعد اللقاء، ولا سيما تلك النقطة المتعلقة بـ "عدم تدخل" الولايات المتحدة في لعبة الأسماء المتعلقة بانتخابات رئاسة الجمهورية.
هذا التصريح يجعل من جملة مستهلكة ومستخدمة كثيراً كجملة "شر البليّة ما يضحك" تستعيد نضارتها، وتقفز إلى الذهن مباشرة، وذلك نظراً لما يحويه هذا التصريح من تناقضات.
فالولايات المتحدة الأميركية التي لم تترك كبيرة ولا صغيرة في لبنان إلا وتدخلت فيها، إلى حد أن "مندوبها السامي" بات يقدم رأيه في تعيين حُجّاب في بلدية نائية في أقصى شمال لبنان أو جنوبه، تتعفف عن التدخل في تحديد اسم رئيس الجمهورية المقبل.
ولا يحلو لهذا المندوب السامي أن يطلق تصريحه إلا من معراب، التي أعلن "نزيلها" أنه هو وحده يحق له أن يحدد من هم "المؤهلون" لمنصب رئاسة الجمهورية من بين الموارنة.
فإذا لم يكن جعجع وفيلتمان يقرران من يريدان رئيساً للجمهورية فماذا كانا يفعلان؟ هل كانا يتناقشان في الاضطرابات في بورما، أم يبحثان أزمة الاحترار العالمي؟
وإذا كان فيلتمان وبلاده بعيدين عن لعبة تحديد الأسماء فهل يتركان لـ "حلفائهما" في لبنان مهمة الدخول في اللعبة؟
وسؤال آخر على الهامش: لماذا تتلاقى تلميحات فيلتمان مع تصريحات أشد المخلصين له في نعي أي إمكانية للتوافق على الساحة اللبنانية، إلى حد وصف إمكانية حصول هذا التوافق بأنه أمر "شبه مستحيل"؟
بعد الضحك من كثرة المرارة، يحق للبناني أن يتوقف قليلاً ليسأل ماذا كان يفعل فيلتمان حقاً عند جعجع، وأي مصائب سنشهدها بعد هذا اللقاء؟

"الكتلة الوطنية".. والمواقف الصوتية

في مقابل الأجواء الإيجابية التي توحي بها الاتصالات الجارية بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري، تتعالى أصوات الفريق الأكثري مشككة بأجواء الانفراج وموجهة أقسى عبارات النقد لفرقاء المعارضة، حيث يتخصص كل طرف من السلطويين بمهاجمة فريق من المعارضة في حملة تبدو منسقة بشكل كامل بين مختلف الأطراف.
وإذا كان النائب وليد جنبلاط وفريقه متخصصين بالتهجم على حزب الله وإطلاق فقاعات صوتية ضده مستخدمين كل أساليب التجريح والتهويل، فإن فرقاء آخرين في فريق السلطة تخصصوا بمهاجمة التيار الوطني الحر ورئيسه العماد ميشال عون.
وفي حين يمارس قائد القوات اللبنانية هجومه على العماد عون مستخدماً أسلوب التخفي ومعتمداً آليات تشكيكية بعيدة عن التهجم المباشر، فقد أوكلت مهمة هذا النوع من الهجوم اللاذع إلى شخصيات وتنظيمات هامشية تستخدم أساليب الشتم وطرق تغييب الحقائق في الرد على مواقف التيار الوطني الحر.
وقد لوحظ في هذا المجال البيان الذي أصدرته "الكتلة الوطنية" يوم أمس الخميس بعد اجتماع "اللجنة التنفيذية" للكتلة، حيث لم يبق أي وصف سيئ إلا وألصق بالعماد عون وصولاً إلى طلب محاكمته بعيداً عن حصانته النيابية لأنه "هدد الرئيس الذي ستنتخبه قوى 14 آذار" بالاغتيال!!.
البيان الذي أصدرته الكتلة الوطنية يرفض "تمرير" جلسة الثلاثاء بالشكل الذي حصل، ويشكك بسبب تأخير موعد الجلسة القادمة إلى 23 تشرين الأول/ اكتوبر القادم، ويهاجم الرئيس نبيه بري متهماً إياه بتجاوز "كل القواعد والأعراف ومواد النظام الداخلي" لمجلس النواب.
لهجة البيان توحي كما هو ظاهر بأجواء سلبية جداً في حال كان يعبر عن حقيقة موقف قوى السلطة، إلا أنه يبقى مجرد "تسجيل موقف" إذا كان لا يعبر إلا عن رأي مصدريه فقط.

هبة باردة.. هبة سخنة..

من أهم النصائح التي كنا نتلقاها من الكبار ـ يوم كنا صغاراً ـ أن لا نتعرض للطقس البارد ثم للطقس الدافئ بشكل متتابع، ودون المرور بفترة "انتقالية" يكون الطقس فيها معتدلاً، كي لا نصاب بالزكام، وربما بأمراض أكثر فتكاً وإيذاء.
لقد أثبتت هذه النصيحة صحتها، بدليل أنه لم يحصل مرة أن خرجنا فجأة من غرفة دافئة إلى طقس بارد إلا وأصبنا بنزلة برد، وعلى أيّام المكيفات ما زال الوضع على حاله، فمن ينزل من سيارة مكيّفة إلى حرارة أجواء بيروت سيجد نفسه بعد قليل في الفراش نتيجة "صدمة هوائية" ستطاله.
أتذكر هذا وأنا أنظر لما يحصل في هذا البلد، من تتابع خطير للموجات الهوائية التي يتعرض لها، بين موجة تشاؤم حادة توصل الناس إلى توقع الحرب الأهلية في أي لحظة، وموجة تفاؤلية تُجلس المتنافرين مع بعضهم في وئام تام، وتعد بـ"الحل الشامل" في لحظة أيضاً.
ولو حصل هذا الأمر مرة أو اثنتين لهان تحمّل عواقبه، ولكننا منذ ما يعلم الله من وقت ونحن نخوض في موجات تشاؤمية وتفاؤلية، حتى مادت أعصابنا من كثرة ما انقبضت وارتخت.
يحق للبنانيين أن يصلوا أخيراً إلى ميناء يعرفون حرارته فيتعودون عليها، وكل الأمل ان يكون ميناء سلام.
محمود ريا