أكره مشاهدة حفلات "المصارعة الحرة" تلك التي تعرضها المحطات التلفزيونية، وفيها كمية زائدة عن كل حد من العنف والضرب والتصرفات التي تخرج عن أي إطار أخلاقي.
إلا أن هناك نوعاً آخر من المصارعة يحس الإنسان بمتعة في مشاهدته، هو ذلك الذي يطلق عليه اسم المصارعة الرومانية على ما أعتقد، حيث يلتحم المصارعان ـ المتكافئان بنية وقدرة ـ في معركة يلعب فيها الذكاء والليونة وقدرة التحمل الدور الأكبر في تثبيت الخصم، ومن ثم ربح الجولة، وذلك وفق قوانين دقيقة ومراقبة حثيثة من الحكم الجاهز دائماً للتدخل.
كان الناس ـ مسؤولين وأشخاصاً ـ يظنون أن ما يجري في المنطقة هو حفلة من المصارعة الحرة يدخل فيها مصارع ضخم الجثة إلى الساحة كي يفتك بالمصارع الآخر الذي يتحمل الضرب دون أن يكون لديه أي قدرة على الرد، ويمارس القوي كل أنواع الإجرام بحق منافسه حتى يفوز بالمباراة.
ما يراه الذين يدققون النظر في ما يجري أن مباراة المرحلة هي مباراة تخضع لقوانين بالغة الدقة، يعلو لاعب فيها منافسه ثم يعود المنافس لاعتلاء الآخر وهكذا، في حركات فنية لا تلفت الإنسان العادي ولكنها "تمتع" المراقب الخبير الذي لديه اطلاع دقيق على المعطيات المكوّنة لميزان القوة بين المتنافسين.
ليس المهم في هذه المباراة كمية التقلبات التي يقوم بها المصارعان، وإنما من يثبّت الآخر في النهاية.
محمود ريا
السبت، ديسمبر 24، 2005
الجمعة، ديسمبر 16، 2005
دعوة لدفن الأحقاد
دعوة الأب المفجوع غسان تويني من قرب نعش ابنه المغدور لدفن الأحقاد والخلافات لا يبدو أنها تجد صداها عند الذين يرفضون أن يجعلوا من تضحية جبران تويني (وربما التضحية به؟) محطة للانطلاق في طريق مختلف تماماً عن ذلك الذي تساق الأمور فيه، وبشكل يدفع إلى تذكّر ذلك القول الشهير: يرضى القتيل، ولا يرضى.. الذين يريدون أن يستفيدوا من مقتله على كل الوجوه.
كلمات واعية، أنضجها الحزن المفجع، وأعطاها بُعدها الحقيقي العمر الطويل والتجربة التي خاضها ذلك الرجل الأشيب، الذي مرّ على رأسه الكثير، وعرف ما شهده لبنان على مدى عقود، وربما يكون انطلق في كلماته مما يشعر أنه يحاك للبنان في المستقبل.
وربما لا يلاقي كلام "العميد غسان" قرب ساحة النجمة، إلا الكلام الذي قيل تحت قبة البرلمان، في ساحة النجمة نفسها.
طبعاً ليس المقصود ذلك الكلام الغوغائي الاستفزازي الاستنفاري الذي لا يعبر عن منطق ولا يوصل إلا إلى الخراب، وإنما الكلام الهادئ الذي فيه دعوة إلى "حفظ الوحدة الوطنية وقطع الطريق أمام كل حالات الانقسام عبر الحوار".. "الحوار الذي لا ينبغي أن يمل بعضنا منه، لأن الخيارات الأخرى باهظة الثمن والتكاليف".
من كان أقرب من محمد رعد إلى دعوة غسان تويني أول من أمس؟
متى تعود لغة العقل لتحكم في هذه البلاد؟
محمود ريا
الأحد، ديسمبر 11، 2005
Shall we reach the truth?
It was said that there are four kinds of judges; three will end in hell whereas one (alone) will end in paradise.
The three judges that will end in hell are:
1- A judge that rules with injustice while perceiving that he is ruling with injustice.
2- A judge that rules with injustice while thinking that he is ruling with justice.
3- A judge that rules with justice thinking he is ruling with injustice.
On the other hand, the judge that will end in heaven is the judge that rules with justice while perceiving that he is ruling with justice.
This saying will first come to mind as justice, judges, litigants — and ill-treated victims occupy the major part of the picture, leaving only a small part for other interests.
The hearts of the people will break the instant they hear about justice throughout history and the wonders regarding judges who were bribed in order to twist the facts by changing what is right and what is wrong.
Even if the stages do not progress to reach the stage of trial, but freeze at the stage of investigation, yet the beginning of the road will indicate its end. In her beloved rural accent, my mother used to say, “What you place in the pot will be found in the ladle.”
We can only ask: With what kind of judges are we coexisting with? How can we reach the truth based on their judgment? How can the truth emerge, crystal clear, out of this vast amount of decay and out of the black corridors and back stages where no one knows what is happening—but through the stench that bothers the noses from time to time?
Shall we reach the truth?
Mahmoud Raya
The three judges that will end in hell are:
1- A judge that rules with injustice while perceiving that he is ruling with injustice.
2- A judge that rules with injustice while thinking that he is ruling with justice.
3- A judge that rules with justice thinking he is ruling with injustice.
On the other hand, the judge that will end in heaven is the judge that rules with justice while perceiving that he is ruling with justice.
This saying will first come to mind as justice, judges, litigants — and ill-treated victims occupy the major part of the picture, leaving only a small part for other interests.
The hearts of the people will break the instant they hear about justice throughout history and the wonders regarding judges who were bribed in order to twist the facts by changing what is right and what is wrong.
Even if the stages do not progress to reach the stage of trial, but freeze at the stage of investigation, yet the beginning of the road will indicate its end. In her beloved rural accent, my mother used to say, “What you place in the pot will be found in the ladle.”
We can only ask: With what kind of judges are we coexisting with? How can we reach the truth based on their judgment? How can the truth emerge, crystal clear, out of this vast amount of decay and out of the black corridors and back stages where no one knows what is happening—but through the stench that bothers the noses from time to time?
Shall we reach the truth?
Mahmoud Raya
الجمعة، ديسمبر 09، 2005
الانتخابات المصرية انتهت إلى مجلس "مختلف" ولكن غير مثالي
بين البلطجة والتزوير والإصرار على التعبير عن الموقف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين البلطجة وغياب الديموقراطية شهدت مصر المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية التي أسفرت عن بروز حركة "الإخوان المسلمون" بشكل لافت للنظر، دون أن تتمكن من تحقيق الحلم الذي راود الكثير من قادتها بالوصول إلى حافة المئة مقعد في البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه أربعمئة وأربعة وخمسين نائباً.
لم تنته الانتخابات بشكل نهائي حتى اللحظة، فنتائج بعض الدوائر لم تظهر بعد، وهناك دوائر عديدة، قد لا تزيد عن العشر تنتظر إعادة الانتخابات فيها بسبب شوائب كثيرة عاشتها، ولكن الصورة شبه النهائية للبرلمان بدت واضحة، وكذلك الحدود المتاح للشعب أن يظهر فيها إرادته الحقيقية، بعيداً عن تدخل السلطة لمصادرة خياراته ومنعه من التعبير عن رأيه.
الانتخابات في مصر جرت على ثلاث مراحل، وكانت الجولة التي شهدتها يوم الأربعاء الماضي هي جولة الإعادة لانتخابات المرحلة الثالثة ـ الأخيرة ـ وبناءً على نتيجتها يمكن القول إن البرلمان الجديد صار شبه جاهز للبدء بالعمل.
أهم الملاحظات على هذا البرلمان يمكن تلخيصها بما يلي:
ـ تلوث وجه هذا البرلمان بالكثير من المنغصات التي تشوه صورة الديموقراطية الحقيقية، فهو مجلس للشعب لم يستطع الشعب أن يقول كلمته كاملة فيه، بل بالعكس فإن الكثير من السدود وضعت أمام الناس لمنعهم من ممارسة قناعاتهم الانتخابية بشكل حر ومستقل.
فالعنف الذي شهدته مراحل الانتخابات الثلاث يدل على أن السلطة لم تتمكن من التخلص من نوازع الهيمنة والسيطرة بشكل كامل، وأنها ما زالت تحاول فرض قناعاتها على الناس بالقوة، وما لم تقم به السلطة من خلال جنودها وعناصر شرطتها، قام به "بلطجية" الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي نزلوا بكل قوة الى الشارع للتعبير عن "حضورهم" ولا سيما بعد النتائج المخيّبة التي حصل عليها الحزب الحاكم في المرحلة الأولى من الانتخابات.
ولم تقف الممارسات العنفية عند حدود البلطجة في الشارع، بل تعدّتها إلى التزوير في الصناديق وفي النتائج وصولاً إلى حد قتل المواطنين وإطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع عليهم.
وهكذا تلوّث وجه البرلمان القادم بالدم وبحبر التزوير وبوصمة الانحراف عن إرادة المواطنين.
ـ لقد نزل الشعب إلى الشارع، وإن لم يكن بشكل كامل، فإن ما قام به المواطنون حتى الآن يعتبر تقدماً لا بأس به مقارنة مع اللامبالاة التي كانت سائدة في المراحل السابقة، ونزول الشعب استطاع استنقاذ العديد من النتائج من يد السلطة التي كانت "تضمن" في المرات السابقة برلماناً مدجناً ليس للمعارضة فيه سوى أصوات متفرقة متناحرة فيما بينها قبل أن تكون على خلاف مع نواب الحزب الحاكم نفسه. وهذا التحرك الشعبي يبشر بتغيير حقيقي في تعاطي الناس مع القضايا السياسية، ويشير إلى بداية تفهم حقيقي لدور المواطن في اختيار نوابه وقدرته على إيصال من يعبرون عن رأيه من بينهم إلى الندوة البرلمانية.
ـ استكمالاً للملاحظة السابقة يمكن القول إن البرلمان بات يملك صوتين، وإن كان كل صوت لا يقارن بالآخر من حيث القوة والتأثير. فـ"الأخوان المسلمون" لديهم الآن كتلة في مجلس الشعب تزيد على الثمانين نائباً، وهؤلاء يمكنهم أن يشكلوا قلقاً فعلياً للحكومة من خلال قدرتهم على المسائلة والتحقيق بتصرفاتها وأعمالها، في حال تمكنوا من إيجاد آلية تنظم جهودهم وتوزعها على أكبر مروحة من المتابعة الدقيقة للعمل الحكومي.
ـ خرجت مصر من هذه الانتخابات غير مصر التي كانت قبلها، ولكنها ليست مصر التي كان يرجى أن تكون.
صحيح أن الانتخابات الحالية تميزت بإعطاء المواطن حيزاً أكبر من الحرية في الاختيار وفي التقرير، ولكن الممارسات التي لُحظت على هامش هذه الانتخابات لم تسمح بمحو اسم مصر من لائحة دول العالم الثالث، وتسجيله في سجل الدول التي تجري انتخابات حرة ونزيهة، وهذا سيكون له تأثير كبير على الصورة التي تعمل الدولة المصرية للترويج لها عن بلادها في العالم، ولا سيما في ظل حملة البحث عن موقع في صفوف "العالم الحر".
ـ يبقى هناك ملاحظة أخيرة تتعلق بدور مجلس الشعب نفسه، حيث ان البرلمانات في العالم العربي لا تملك الكثير من الأوراق لتلعبها على صعيد العمل السياسي، إذ هي تبقى أقرب إلى المجالس الاستشارية التي تنصح ولا تقرر، إن لم تكن مجرد "ديكورات" لتجميل منظر النظام الحاكم. وليس الوضع في مصر بعيداً تماماً عن هذه الصورة.
محمود ريا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين البلطجة وغياب الديموقراطية شهدت مصر المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية التي أسفرت عن بروز حركة "الإخوان المسلمون" بشكل لافت للنظر، دون أن تتمكن من تحقيق الحلم الذي راود الكثير من قادتها بالوصول إلى حافة المئة مقعد في البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه أربعمئة وأربعة وخمسين نائباً.
لم تنته الانتخابات بشكل نهائي حتى اللحظة، فنتائج بعض الدوائر لم تظهر بعد، وهناك دوائر عديدة، قد لا تزيد عن العشر تنتظر إعادة الانتخابات فيها بسبب شوائب كثيرة عاشتها، ولكن الصورة شبه النهائية للبرلمان بدت واضحة، وكذلك الحدود المتاح للشعب أن يظهر فيها إرادته الحقيقية، بعيداً عن تدخل السلطة لمصادرة خياراته ومنعه من التعبير عن رأيه.
الانتخابات في مصر جرت على ثلاث مراحل، وكانت الجولة التي شهدتها يوم الأربعاء الماضي هي جولة الإعادة لانتخابات المرحلة الثالثة ـ الأخيرة ـ وبناءً على نتيجتها يمكن القول إن البرلمان الجديد صار شبه جاهز للبدء بالعمل.
أهم الملاحظات على هذا البرلمان يمكن تلخيصها بما يلي:
ـ تلوث وجه هذا البرلمان بالكثير من المنغصات التي تشوه صورة الديموقراطية الحقيقية، فهو مجلس للشعب لم يستطع الشعب أن يقول كلمته كاملة فيه، بل بالعكس فإن الكثير من السدود وضعت أمام الناس لمنعهم من ممارسة قناعاتهم الانتخابية بشكل حر ومستقل.
فالعنف الذي شهدته مراحل الانتخابات الثلاث يدل على أن السلطة لم تتمكن من التخلص من نوازع الهيمنة والسيطرة بشكل كامل، وأنها ما زالت تحاول فرض قناعاتها على الناس بالقوة، وما لم تقم به السلطة من خلال جنودها وعناصر شرطتها، قام به "بلطجية" الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي نزلوا بكل قوة الى الشارع للتعبير عن "حضورهم" ولا سيما بعد النتائج المخيّبة التي حصل عليها الحزب الحاكم في المرحلة الأولى من الانتخابات.
ولم تقف الممارسات العنفية عند حدود البلطجة في الشارع، بل تعدّتها إلى التزوير في الصناديق وفي النتائج وصولاً إلى حد قتل المواطنين وإطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع عليهم.
وهكذا تلوّث وجه البرلمان القادم بالدم وبحبر التزوير وبوصمة الانحراف عن إرادة المواطنين.
ـ لقد نزل الشعب إلى الشارع، وإن لم يكن بشكل كامل، فإن ما قام به المواطنون حتى الآن يعتبر تقدماً لا بأس به مقارنة مع اللامبالاة التي كانت سائدة في المراحل السابقة، ونزول الشعب استطاع استنقاذ العديد من النتائج من يد السلطة التي كانت "تضمن" في المرات السابقة برلماناً مدجناً ليس للمعارضة فيه سوى أصوات متفرقة متناحرة فيما بينها قبل أن تكون على خلاف مع نواب الحزب الحاكم نفسه. وهذا التحرك الشعبي يبشر بتغيير حقيقي في تعاطي الناس مع القضايا السياسية، ويشير إلى بداية تفهم حقيقي لدور المواطن في اختيار نوابه وقدرته على إيصال من يعبرون عن رأيه من بينهم إلى الندوة البرلمانية.
ـ استكمالاً للملاحظة السابقة يمكن القول إن البرلمان بات يملك صوتين، وإن كان كل صوت لا يقارن بالآخر من حيث القوة والتأثير. فـ"الأخوان المسلمون" لديهم الآن كتلة في مجلس الشعب تزيد على الثمانين نائباً، وهؤلاء يمكنهم أن يشكلوا قلقاً فعلياً للحكومة من خلال قدرتهم على المسائلة والتحقيق بتصرفاتها وأعمالها، في حال تمكنوا من إيجاد آلية تنظم جهودهم وتوزعها على أكبر مروحة من المتابعة الدقيقة للعمل الحكومي.
ـ خرجت مصر من هذه الانتخابات غير مصر التي كانت قبلها، ولكنها ليست مصر التي كان يرجى أن تكون.
صحيح أن الانتخابات الحالية تميزت بإعطاء المواطن حيزاً أكبر من الحرية في الاختيار وفي التقرير، ولكن الممارسات التي لُحظت على هامش هذه الانتخابات لم تسمح بمحو اسم مصر من لائحة دول العالم الثالث، وتسجيله في سجل الدول التي تجري انتخابات حرة ونزيهة، وهذا سيكون له تأثير كبير على الصورة التي تعمل الدولة المصرية للترويج لها عن بلادها في العالم، ولا سيما في ظل حملة البحث عن موقع في صفوف "العالم الحر".
ـ يبقى هناك ملاحظة أخيرة تتعلق بدور مجلس الشعب نفسه، حيث ان البرلمانات في العالم العربي لا تملك الكثير من الأوراق لتلعبها على صعيد العمل السياسي، إذ هي تبقى أقرب إلى المجالس الاستشارية التي تنصح ولا تقرر، إن لم تكن مجرد "ديكورات" لتجميل منظر النظام الحاكم. وليس الوضع في مصر بعيداً تماماً عن هذه الصورة.
محمود ريا
مقبرة جماعية !
يوم غادر عمي قريتنا في تلك الليلة الجهنمية حاملاً عائلته ولاجئاً بها إلى أقرب قرية في سوريا هرباً من الإجرام الدموي الصهيوني الذي كان يستهدف البقاع ومعه كل المناطق اللبنانية، كنا نحن في القرية ننتظر منه ـ أو عنه ـ أي خبر، لأن القليل من المعلومات الذي وصلنا أفاد أن الطريق تعرض لحملة دموية معادية استهدفت السيارات والآليات والعسكر والمدنيين ولم تعفُ عن أحد.
كان يمكن لعمي وعائلته ـ وبينهم الأطفال ـ أن يكونوا من ضحايا تلك الليلة السوداء ـ بكل معنى الكلمة ـ من عام 1982 وأن نبحث عن جثثهم فلا نجدها، لأنها كانت ستدفن حينها في مقبرة جماعية يستحدثها الأهالي في أي منطقة لمواراة ضحايا الرعب الصهيوني الأسود.
لقد نجا عمي والعائلة حينها، ولكن أناساً كثراً آخرين لم ينجوا، وامتلاًت جوانب الطرق بالجثث، التي تم دفنها في مقابر جماعية، ولم يتحرك العالم أسفاً على هؤلاء الضحايا الأبرياء.
أنا أتذكر عمي، ولا أنسى تلك الليلة، كما لا أنسى المقابر الجماعية، ولا أنسى فظائع العدو الصهيوني، ولا فظائع الذين ساروا في ركابه ونفذوا مآربه وقتلوا على الهوية، وعلى غير الهوية.. فهل يتذكر اللبنانيون؟
محمود ريا
كان يمكن لعمي وعائلته ـ وبينهم الأطفال ـ أن يكونوا من ضحايا تلك الليلة السوداء ـ بكل معنى الكلمة ـ من عام 1982 وأن نبحث عن جثثهم فلا نجدها، لأنها كانت ستدفن حينها في مقبرة جماعية يستحدثها الأهالي في أي منطقة لمواراة ضحايا الرعب الصهيوني الأسود.
لقد نجا عمي والعائلة حينها، ولكن أناساً كثراً آخرين لم ينجوا، وامتلاًت جوانب الطرق بالجثث، التي تم دفنها في مقابر جماعية، ولم يتحرك العالم أسفاً على هؤلاء الضحايا الأبرياء.
أنا أتذكر عمي، ولا أنسى تلك الليلة، كما لا أنسى المقابر الجماعية، ولا أنسى فظائع العدو الصهيوني، ولا فظائع الذين ساروا في ركابه ونفذوا مآربه وقتلوا على الهوية، وعلى غير الهوية.. فهل يتذكر اللبنانيون؟
محمود ريا
الجمعة، ديسمبر 02، 2005
الأردن: "حكومة حرب" لمواجهة السلفيين
هل تستغل الوضع لمنع محاربة التطبيع مع الصهاينة؟
ـــــــــــــــــــ
بينما سعى الأردن إلى "الهروب" من المواجهة في جبهة طبيعي أن يواجه فيها بحثاً عما يراه قيادوه استقراراً مفقوداً، وجد نفسه وسط جبهة أخرى مفتوحة عليه بقوة، تكمن خطورتها أنها تأتيه من حيث لا يحتسب، من الداخل الذي طالما تغنى القياديون الأردنيون بأنه تحت السيطرة.
جاءت التفجيرات التي تعرضت لها الفنادق في العاصمة الأردنية عمان لتضع الملك الأردني في محنة غير متوقعة، هي محنة المواجهة مع قوى هلامية غير قابلة للضبط والسيطرة، تتحرك دون إذن ودون أن تترك أثراً، وتضرب ضربتها في المكان الذي لا يمكن توقعه.
لم يجد الملك عبد الله الثاني بدّاً من التغيير لمواجهة هذه القوى: تغيير الأولويات، وتغيير الشخصيات، وربما تغيير الآراء التي كان يحملها عن الوضع في المنطقة، فانتقل اهتمامه من التركيز على "الهلال الشيعي" إلى البحث لمواجهة "الخلل في الإسلام نفسه" كما قال، والذي ينتج عنه خروج تطرفين وإرهابيين يقتلون الناس دون تمييز.
هذا التغيير الفكري أراد تجسيده من خلال التركيز على قلب آليات العمل والتفكير في المساجد والمدارس، وذلك من أجل "إنتاج" جيل جديد لا يحمل بذور الأفكار المتطرفة ولا يجد لديه ميلاً لـ "الانحراف" باتجاه "الأفكار الجهادية" التي وضع الملك نصب عينيه مهمة محاربتها.
والتغيير في الأولويات ترجم في وضع ما سمي "الأجندة الوطنية للإصلاحات" التي كان يفترض أن تحكم الحركة السياسية الأردنية خلال السنوات العشر القادمة جانباً، من أجل التركيز على الوضع الأمني على المدى القصير، والعمل على منع الاختراقات التي شهدها الأردن خلال الأشهر الماضية والتي تمثلت في عملية العقبة الصيف الماضي وفي تفجيرات الفنادق في الشهر الذي انقضى.
ويبقى التغيير في الأشخاص، فكان اختيار "الرجل الثقة" حسبما أطلق عليه في عمان، معروف البخيت ليكون رئيساً لحكومة تطبق هذه الأولويات دون أن ينظر إلى الوراء، ودون أي توقف عند عقبات تقف في طريق جعلها واقعاً منفذاً على الأرض.
ومعروف البخيت هو رجل أمني بامتياز، دخل عالم الدبلوماسية من النافذة الأمنية البحتة، وكان انتدابه ليكون سفيراً للأردن في الكيان الصهيوني خطوة غير بعيدة أبداً عن هذا الواقع، وقد عاد ليحتل منصب مدير الأمن الوطني قبل أسبوع فقط من اختياره ليكون رئيساً للوزراء.
ومع تغيير الحكومة تم تغيير أعضاء الديوان الملكي الأردني الذين قدموا استقالة جماعية، تزامنت مع استقالات أبرز المسؤولين الأمنيين ليبدو من وراء ذلك أن "انتفاضة" حقيقية شهدها الأردن، لكنها بقيت دون مستوى الرأس الأعلى للنظام.
إزاء هذه الوقائع التي بات الأردن ينام على بعضها ليستيقظ على البعض الآخر، يخشى أبناء الشعب الأردني من أن يكون هذا الاكتساح الأمني لكل المؤسسات السياسية في البلاد تمهيداً لفرض قيود أكثر إحكاماً على الحريات، التي لم تكن في أي حال في وضع مقبول، ما يعني مزيداً من الإجراءات التي تخنق الكلمة وتمنع الاعتراض وتجعل جميع المواطنين يعيشون في قالب واحد وجامد.. يصنعه النظام وتقف الحكومة حارسة على بوابته.
وإذا كانت الجبهة بين النظام والحركة السلفية التي يقودها الأردني المتشدد أبو مصعب الزرقاوي تقف على حافة الانفجار البركاني الكبير نتيجة الإجراءات الأردنية الجذرية، فإن المواطنين يخشون من الاستغلال السلطة للجو الملائم من أجل تشديد القيود على الجبهة الأخرى المقابلة وهي جبهة رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، بعد أن تمكن الأردن ـ حتى الآن على الأقل ـ من تقييد أي تحرك عسكري أو سياسي معاد بشكل عنيف أو قوي لهذا الكيان.
ويرى أكثر من مصدر أردني أن أي محاولة للوقوف بوجه التطبيع يمكن أن تعتبر من الآن وصاعداً إخلالاً بأمن الدولة يما يعني مكافحتها بشكل قاس، بعد أن كانت القوى الأردنية الممانعة للتطبيع قد فرضت لنفسها هامشاً من التحرك لا يمكن لأحد أن يمنعه عليها.
وبهذا يبدو أن ضربة السلفيين الإرهابيين في العاصمة الأردنية جاءت لتصيب النضال الأردني في الصميم بدل أن تكون طاقات هؤلاء السلفيين جزءاً من حالة الحرب المعادية للكيان الصهيوني في المنطقة.
محمود ريا
ـــــــــــــــــــ
بينما سعى الأردن إلى "الهروب" من المواجهة في جبهة طبيعي أن يواجه فيها بحثاً عما يراه قيادوه استقراراً مفقوداً، وجد نفسه وسط جبهة أخرى مفتوحة عليه بقوة، تكمن خطورتها أنها تأتيه من حيث لا يحتسب، من الداخل الذي طالما تغنى القياديون الأردنيون بأنه تحت السيطرة.
جاءت التفجيرات التي تعرضت لها الفنادق في العاصمة الأردنية عمان لتضع الملك الأردني في محنة غير متوقعة، هي محنة المواجهة مع قوى هلامية غير قابلة للضبط والسيطرة، تتحرك دون إذن ودون أن تترك أثراً، وتضرب ضربتها في المكان الذي لا يمكن توقعه.
لم يجد الملك عبد الله الثاني بدّاً من التغيير لمواجهة هذه القوى: تغيير الأولويات، وتغيير الشخصيات، وربما تغيير الآراء التي كان يحملها عن الوضع في المنطقة، فانتقل اهتمامه من التركيز على "الهلال الشيعي" إلى البحث لمواجهة "الخلل في الإسلام نفسه" كما قال، والذي ينتج عنه خروج تطرفين وإرهابيين يقتلون الناس دون تمييز.
هذا التغيير الفكري أراد تجسيده من خلال التركيز على قلب آليات العمل والتفكير في المساجد والمدارس، وذلك من أجل "إنتاج" جيل جديد لا يحمل بذور الأفكار المتطرفة ولا يجد لديه ميلاً لـ "الانحراف" باتجاه "الأفكار الجهادية" التي وضع الملك نصب عينيه مهمة محاربتها.
والتغيير في الأولويات ترجم في وضع ما سمي "الأجندة الوطنية للإصلاحات" التي كان يفترض أن تحكم الحركة السياسية الأردنية خلال السنوات العشر القادمة جانباً، من أجل التركيز على الوضع الأمني على المدى القصير، والعمل على منع الاختراقات التي شهدها الأردن خلال الأشهر الماضية والتي تمثلت في عملية العقبة الصيف الماضي وفي تفجيرات الفنادق في الشهر الذي انقضى.
ويبقى التغيير في الأشخاص، فكان اختيار "الرجل الثقة" حسبما أطلق عليه في عمان، معروف البخيت ليكون رئيساً لحكومة تطبق هذه الأولويات دون أن ينظر إلى الوراء، ودون أي توقف عند عقبات تقف في طريق جعلها واقعاً منفذاً على الأرض.
ومعروف البخيت هو رجل أمني بامتياز، دخل عالم الدبلوماسية من النافذة الأمنية البحتة، وكان انتدابه ليكون سفيراً للأردن في الكيان الصهيوني خطوة غير بعيدة أبداً عن هذا الواقع، وقد عاد ليحتل منصب مدير الأمن الوطني قبل أسبوع فقط من اختياره ليكون رئيساً للوزراء.
ومع تغيير الحكومة تم تغيير أعضاء الديوان الملكي الأردني الذين قدموا استقالة جماعية، تزامنت مع استقالات أبرز المسؤولين الأمنيين ليبدو من وراء ذلك أن "انتفاضة" حقيقية شهدها الأردن، لكنها بقيت دون مستوى الرأس الأعلى للنظام.
إزاء هذه الوقائع التي بات الأردن ينام على بعضها ليستيقظ على البعض الآخر، يخشى أبناء الشعب الأردني من أن يكون هذا الاكتساح الأمني لكل المؤسسات السياسية في البلاد تمهيداً لفرض قيود أكثر إحكاماً على الحريات، التي لم تكن في أي حال في وضع مقبول، ما يعني مزيداً من الإجراءات التي تخنق الكلمة وتمنع الاعتراض وتجعل جميع المواطنين يعيشون في قالب واحد وجامد.. يصنعه النظام وتقف الحكومة حارسة على بوابته.
وإذا كانت الجبهة بين النظام والحركة السلفية التي يقودها الأردني المتشدد أبو مصعب الزرقاوي تقف على حافة الانفجار البركاني الكبير نتيجة الإجراءات الأردنية الجذرية، فإن المواطنين يخشون من الاستغلال السلطة للجو الملائم من أجل تشديد القيود على الجبهة الأخرى المقابلة وهي جبهة رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، بعد أن تمكن الأردن ـ حتى الآن على الأقل ـ من تقييد أي تحرك عسكري أو سياسي معاد بشكل عنيف أو قوي لهذا الكيان.
ويرى أكثر من مصدر أردني أن أي محاولة للوقوف بوجه التطبيع يمكن أن تعتبر من الآن وصاعداً إخلالاً بأمن الدولة يما يعني مكافحتها بشكل قاس، بعد أن كانت القوى الأردنية الممانعة للتطبيع قد فرضت لنفسها هامشاً من التحرك لا يمكن لأحد أن يمنعه عليها.
وبهذا يبدو أن ضربة السلفيين الإرهابيين في العاصمة الأردنية جاءت لتصيب النضال الأردني في الصميم بدل أن تكون طاقات هؤلاء السلفيين جزءاً من حالة الحرب المعادية للكيان الصهيوني في المنطقة.
محمود ريا
القضاء.. والقضاة.. والمقضي عليهم
في المأثور أن القضاة أربعة أصناف، ثلاثة منهم في النار والرابع (لوحده) في الجنة.
أما الأنواع الثلاثة من القضاة الذين هم في النار فهم:
ـ قاض يحكم بالباطل ويعرف إنه يحكم بالباطل.
ـ قاض يحكم بالباطل ويظن أنه يحكم بالحق.
ـ قاض يحكم بالحق وهو يظن أنه يحكم بالباطل.
أما القاضي الذي هو في الجنة فهو ذلك الذي يحكم بالحق وهو يعرف أنه يحكم بالحق.
يتبادر إلى الذهن هذا الحديث في لحظة يحتل فيها القضاء والقضاة والمتقاضون والمقضي لهم والمقضي بهم.. والمقضي عليهم كل مساحة الصورة، فلا يتركون لغيرهم إلا القليل القَليل من الاهتمام.
وتتداعى في قلوب الرجال كل ما يعرفونه عن عدالة القضاء في التاريخ وهم يسمعون العجب العجاب عن قضاة رشَوا أو رُشوا من أجل أن يقلبوا حقاً باطلاً أو أن يقلبوا باطلاً حقاً.
وإذا كانت المراحل لم تصل إلى حد التحاكم وبقيت عند حد التحقق، فإن أول الطريق يدل على آخره، وما "يوضع في الدست سنجده في المغرفة" كما كانت جدتي تقول، مستخدمة لهجتها القرويّة المحببة.
ليس لنا إلا أن نسأل: في عصر أي نوع من القضاة نحن، وهل نصل إلى الحق نتيجة قضائهم، وهل تخرج الحقيقة بيضاء ناصعة من هذا الكم من العفن ومن الكواليس والدهاليز السوداء التي لا يعرف أحد ما يدور فيها.. إلا عندما تخرج بين الفينة والأخرى الروائح التي تزكم الأنوف؟
هل سنصل إلى الحقيقة؟
محمود ريا
أما الأنواع الثلاثة من القضاة الذين هم في النار فهم:
ـ قاض يحكم بالباطل ويعرف إنه يحكم بالباطل.
ـ قاض يحكم بالباطل ويظن أنه يحكم بالحق.
ـ قاض يحكم بالحق وهو يظن أنه يحكم بالباطل.
أما القاضي الذي هو في الجنة فهو ذلك الذي يحكم بالحق وهو يعرف أنه يحكم بالحق.
يتبادر إلى الذهن هذا الحديث في لحظة يحتل فيها القضاء والقضاة والمتقاضون والمقضي لهم والمقضي بهم.. والمقضي عليهم كل مساحة الصورة، فلا يتركون لغيرهم إلا القليل القَليل من الاهتمام.
وتتداعى في قلوب الرجال كل ما يعرفونه عن عدالة القضاء في التاريخ وهم يسمعون العجب العجاب عن قضاة رشَوا أو رُشوا من أجل أن يقلبوا حقاً باطلاً أو أن يقلبوا باطلاً حقاً.
وإذا كانت المراحل لم تصل إلى حد التحاكم وبقيت عند حد التحقق، فإن أول الطريق يدل على آخره، وما "يوضع في الدست سنجده في المغرفة" كما كانت جدتي تقول، مستخدمة لهجتها القرويّة المحببة.
ليس لنا إلا أن نسأل: في عصر أي نوع من القضاة نحن، وهل نصل إلى الحق نتيجة قضائهم، وهل تخرج الحقيقة بيضاء ناصعة من هذا الكم من العفن ومن الكواليس والدهاليز السوداء التي لا يعرف أحد ما يدور فيها.. إلا عندما تخرج بين الفينة والأخرى الروائح التي تزكم الأنوف؟
هل سنصل إلى الحقيقة؟
محمود ريا
الأحد، نوفمبر 27، 2005
الصحافة الحرة.. في العصر الأميركي!!
تتحفنا الصحف البترولية العربية بنفحة عميقة من الدعوة إلى الحرية والديموقراطية، وتتخمنا بالحديث عن الأنظمة الديموقراطية، وتبذل كل جهدها من أجل تقديم نفسها كمنبر للعصر المتنوّر الجديد، وهي تفلح أحياناًفي الضحك على عقولنا بتصوير نفسها بأنها واحة للديموقراطية ولحرية الرأي.
صحيفة الشرق الأوسط هي صحيفة العصر العربي الحر الجديد كما تقدم نفسها، وتحاول إقناعنا بأنها تقدم رؤية محايدة للأحداث، وتتعطى مع الآراء بموضوعية.
هنا عيّتة من هذه الموضوعية تتمثل في ردود القراء على حديث للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وإن كنت لا أنكر حقيقة أن هناك من يؤيد الملك ويوافق على حركته ويثني على مواقفه، إلا أنني اعجب من عدم وجود رد واحد يعبر بشكل أو بآخر عن اعتراض او عن اختلاف في الرأي مع خادم الحرمين الشريفين.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issue=9861&article=335338
تحيا الديموقراطية
صحيفة الشرق الأوسط هي صحيفة العصر العربي الحر الجديد كما تقدم نفسها، وتحاول إقناعنا بأنها تقدم رؤية محايدة للأحداث، وتتعطى مع الآراء بموضوعية.
هنا عيّتة من هذه الموضوعية تتمثل في ردود القراء على حديث للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وإن كنت لا أنكر حقيقة أن هناك من يؤيد الملك ويوافق على حركته ويثني على مواقفه، إلا أنني اعجب من عدم وجود رد واحد يعبر بشكل أو بآخر عن اعتراض او عن اختلاف في الرأي مع خادم الحرمين الشريفين.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issue=9861&article=335338
تحيا الديموقراطية
الجمعة، نوفمبر 25، 2005
لماذا الصدمة؟
قد يعتب البعض على من تضيع البوصلة لديهم في ظل ضغوط كبرى يتعرضون لها فيتحوّل سهم العداوة من "الجنوب الطبيعي والمغناطيسي والسياسي والعسكري والديني والأخلاقي" إلى أماكن أخرى، فتتوه الحركة وتتشتت الجهود، قبل أن تعود الأمور إلى مجاريها.. ولو بعد حين.
ولكن لمَ العتب على من لم يتغير، ولا يبدو أنه سيتغير، فتظل بوصلة عداوته السياسية منسجمة مع "رؤاه العقائدية"، فتتوجه دوماً في كل اتجاه، ولا سيما شمالاً وشرقاً، دون أن تفكر مرة واحدة بالتوجه نحو الجنوب؟
إنه اعوجاج فكري لا يحتمل أي تقويم، وانحراف سياسي يعصى على أي تعديل، وضياع عن الحقائق لا يجد مبرراً إلا في الانغماس في تواريخ لا ثوابت فيها ولا مناطق للمنطق.
وهكذا يبقى لدى هؤلاء "ذكرى طيبة"، تدفعهم ـ لولا العيب والمستحى ـ للاحتفال بالذكرى السنوية لـ "استشهاد" عقل هاشم ومن سبقه ولحقه من العملاء والخونة، في حين يتحول شهداء الاستقلال اللبناني، من أبناء المقاومة الإسلامية الذي ضحوا بأرواحهم للحفاظ على كرامة أهلهم وبلادهم إلى.. قتلى!
نعم.. لا مفاجأة في ذلك، وإلى الذين صدموا من هذه الوقاحة، نذكّرهم بذلك المثل الشعبي المعروف في قرانا، فالأعوج أعوج.. ولا يصلح اعوجاجه شيء.
محمود ريا
يوم الاستقلال: لحود يثبّت وجوده.. وخياراته
المزيد من الجنود المستعرضين وتشكيلة أكبر من الأسلحة المارة من أمام الحضور..
هذه هي الميزات التي لوحظت على عرض الاستقلال في ساحة الشهداء في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، إذا كان الحديث عن ميّزات ماديّة ومسائل تتعلق بالشكل وبالأسلوب.
أما في المضمون فالحديث يأخذ أبعاداً أخرى مختلفة تماماً، ويصير الموضوع بحاجة إلى جردة منذ البداية.
مجرد حصول العرض العسكري كان حدثاً، بعد أن تداخلت الوساطات وتعددت الاجتهادات حول ضرورة أو عدم ضرورة حصول العرض في الظروف السياسية التي تعيشها البلاد وفي ظل "المقاطعة" التي "يعاني منها" رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، والناجمة عن موقف "الأكثرية" منه نظراً لتداعيات قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وهكذا كان تضخيم حجم العرض المادي رسالة لمن يعنيهم الأمر، بأنه لن يمر عيد استقلال دون عرض عسكري، وكأن الرئيس يقول إنه سيعطي الإذن ببدء العرض مرتين، أو مرة أخرى على الأقل، قبل أن يسلّم راية السماح بانطلاق عناصر الجيش والقوى المختلفة في استعراض وحداتها أمامه.. وأمام الحاضرين الآخرين.
وإذا كان العرض هذه السنة يحمل ميّزة إضافية، فهي أن المستعرِضين والمستعرَضين مرّوا في محطة أساسية هي ضريح الرئيس الحريري، فمنهم من ألقى نحوه التحية، ومنهم من زار الضريح في ختام العرض، ومنهم من التزم ببروتوكولية المناسبة فمرّ من أمام الضريح دون أن يقف، أو يتوقف عنده.
إلا أن الرئيس الحريري لم يغب عن ذكرى الاستقلال، فكانت قضيته نقطة محورية في رسالة الرئيس إميل لحود إلى اللبنانيين ليلة العيد، فخصص انطلاقة الكلمة للحديث عن لمحة الحزن التي تعتري وجه لبنان نتيجة اغتياله هو والشخصيات السياسية والفكرية خلال الأشهر الماضية، وعبّر عن الإصرار على معرفة منفذي جريمة الاغتيال مكرراً مواقفه الحاسمة من المقاومة والعلاقة "مع الشقيقة سوريا" وقضية العرب المركزية، قضية فلسطين.
وإذا كانت هذه المواقف تلاقت في جزء كبير منها مع المواقف التي أطلقها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة من أمام ضريح الرئيس الحريري بعد عرض الاستقلال، فإن ما حصل من تجمهر أمام الضريح وما أطلقه البعض من هتافات خارج إطار هذه المواقف عبر عن حالة من الانقسام تتجاوز القوى السياسية لتصل إلى داخل العديد من القوى نفسها.
وما لم يظهر واضحاً في العرض العسكري كاد أن يكون سمة حفل الاستقبال الذي أقامه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، حيث ظهرت البلاد منقسمة على نفسها من خلال غياب البعض عن الحفل وحضور البعض الآخر، بغض النظر عن حجم هذا الطرف أو ذاك، ما جعل الحديث عن عزلة الرئيس لحود مجرد تعبير عن حالة من الانعزال تسود صفوف الفئات اللبنانية بين بعضها البعض، بعيداً عن عزلة هذه المرجعية أو تلك، وضعف موقع هذا الرئيس أو ذاك.
ومما لا شك فيه أن الرئيس لحود كان يحس بارتياح شديد وهو يرى هذا التدفق الكبير من الشخصيات المهنئة بعيد الاستقلال، وهي شخصيات كان يمكنها أن تستند إلى الكثير من الحجج لو كان لديها نية بمقاطعة رئيس الجمهورية، كما فعل المقاطعون، ولكنها أصرت على الحضور وعلى التعبير عن التواصل مع رئاسة الجمهورية من جهة ومع شخص الرئيس من جهة أخرى، الأمر الذي جعل الحديث عن مقاطعة شعبية ونقابية ونيابية وسياسية للرئيس لحود بعيدة عن أن تكون حقيقة مجسدة على أرض الواقع، وهذا له انعكاس كبير على الحديث عن دور رئيس الجمهورية ومدى بقائه في سدة الرئاسة، سواء لجهة اعتبار أن هذا الحضور الكثيف سيؤدي إلى تدعيم موقع الرئيس في المستقبل، أو لجهة الكشف عن مدى الدعم العلني والخفي الذي ساهم في إبقاء لحود صامداً في وجه الحملة الإعلامية والسياسية التي تعرض لها على موجات عديدة خلال الأشهر الماضية.
في ما حصل في يوم الاستقلال وما سبقه وما تلاه مقاربة جديدة للوضع الرئاسي لا بد من أن تعكس نفسها على مجمل الوضع السياسي في البلاد، سواء لجهة بقاء الرئيس لحود، أو لجهة إبقائه على خياراته الثابتة التي عبّر عنها في الرسالة المتلفزة، وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون الوجه الآخر من عملة الصمود في وجه حملة الضغوط الدولية والإقليمية التي يتعرض لها لبنان والمنطقة، على اعتبار أن الوجه الأول لهذه العملة هو.. خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في جامعة دمشق قبل أيام.
محمود ريا
هذه هي الميزات التي لوحظت على عرض الاستقلال في ساحة الشهداء في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، إذا كان الحديث عن ميّزات ماديّة ومسائل تتعلق بالشكل وبالأسلوب.
أما في المضمون فالحديث يأخذ أبعاداً أخرى مختلفة تماماً، ويصير الموضوع بحاجة إلى جردة منذ البداية.
مجرد حصول العرض العسكري كان حدثاً، بعد أن تداخلت الوساطات وتعددت الاجتهادات حول ضرورة أو عدم ضرورة حصول العرض في الظروف السياسية التي تعيشها البلاد وفي ظل "المقاطعة" التي "يعاني منها" رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، والناجمة عن موقف "الأكثرية" منه نظراً لتداعيات قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وهكذا كان تضخيم حجم العرض المادي رسالة لمن يعنيهم الأمر، بأنه لن يمر عيد استقلال دون عرض عسكري، وكأن الرئيس يقول إنه سيعطي الإذن ببدء العرض مرتين، أو مرة أخرى على الأقل، قبل أن يسلّم راية السماح بانطلاق عناصر الجيش والقوى المختلفة في استعراض وحداتها أمامه.. وأمام الحاضرين الآخرين.
وإذا كان العرض هذه السنة يحمل ميّزة إضافية، فهي أن المستعرِضين والمستعرَضين مرّوا في محطة أساسية هي ضريح الرئيس الحريري، فمنهم من ألقى نحوه التحية، ومنهم من زار الضريح في ختام العرض، ومنهم من التزم ببروتوكولية المناسبة فمرّ من أمام الضريح دون أن يقف، أو يتوقف عنده.
إلا أن الرئيس الحريري لم يغب عن ذكرى الاستقلال، فكانت قضيته نقطة محورية في رسالة الرئيس إميل لحود إلى اللبنانيين ليلة العيد، فخصص انطلاقة الكلمة للحديث عن لمحة الحزن التي تعتري وجه لبنان نتيجة اغتياله هو والشخصيات السياسية والفكرية خلال الأشهر الماضية، وعبّر عن الإصرار على معرفة منفذي جريمة الاغتيال مكرراً مواقفه الحاسمة من المقاومة والعلاقة "مع الشقيقة سوريا" وقضية العرب المركزية، قضية فلسطين.
وإذا كانت هذه المواقف تلاقت في جزء كبير منها مع المواقف التي أطلقها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة من أمام ضريح الرئيس الحريري بعد عرض الاستقلال، فإن ما حصل من تجمهر أمام الضريح وما أطلقه البعض من هتافات خارج إطار هذه المواقف عبر عن حالة من الانقسام تتجاوز القوى السياسية لتصل إلى داخل العديد من القوى نفسها.
وما لم يظهر واضحاً في العرض العسكري كاد أن يكون سمة حفل الاستقبال الذي أقامه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، حيث ظهرت البلاد منقسمة على نفسها من خلال غياب البعض عن الحفل وحضور البعض الآخر، بغض النظر عن حجم هذا الطرف أو ذاك، ما جعل الحديث عن عزلة الرئيس لحود مجرد تعبير عن حالة من الانعزال تسود صفوف الفئات اللبنانية بين بعضها البعض، بعيداً عن عزلة هذه المرجعية أو تلك، وضعف موقع هذا الرئيس أو ذاك.
ومما لا شك فيه أن الرئيس لحود كان يحس بارتياح شديد وهو يرى هذا التدفق الكبير من الشخصيات المهنئة بعيد الاستقلال، وهي شخصيات كان يمكنها أن تستند إلى الكثير من الحجج لو كان لديها نية بمقاطعة رئيس الجمهورية، كما فعل المقاطعون، ولكنها أصرت على الحضور وعلى التعبير عن التواصل مع رئاسة الجمهورية من جهة ومع شخص الرئيس من جهة أخرى، الأمر الذي جعل الحديث عن مقاطعة شعبية ونقابية ونيابية وسياسية للرئيس لحود بعيدة عن أن تكون حقيقة مجسدة على أرض الواقع، وهذا له انعكاس كبير على الحديث عن دور رئيس الجمهورية ومدى بقائه في سدة الرئاسة، سواء لجهة اعتبار أن هذا الحضور الكثيف سيؤدي إلى تدعيم موقع الرئيس في المستقبل، أو لجهة الكشف عن مدى الدعم العلني والخفي الذي ساهم في إبقاء لحود صامداً في وجه الحملة الإعلامية والسياسية التي تعرض لها على موجات عديدة خلال الأشهر الماضية.
في ما حصل في يوم الاستقلال وما سبقه وما تلاه مقاربة جديدة للوضع الرئاسي لا بد من أن تعكس نفسها على مجمل الوضع السياسي في البلاد، سواء لجهة بقاء الرئيس لحود، أو لجهة إبقائه على خياراته الثابتة التي عبّر عنها في الرسالة المتلفزة، وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون الوجه الآخر من عملة الصمود في وجه حملة الضغوط الدولية والإقليمية التي يتعرض لها لبنان والمنطقة، على اعتبار أن الوجه الأول لهذه العملة هو.. خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في جامعة دمشق قبل أيام.
محمود ريا
الخميس، نوفمبر 24، 2005
"معمعة التكفير"
مطالبة ولي العهد في إمارة أبو ظبي بإخراج تنظيم القاعدة وجماعة أبو مصعب الزرقاوي من الملّة تثير مشاعر متناقضة نظراً لـ"مكان" صدورها ولزمانه أيضاً.
فإذا كان مشايخ الخليج متضايقين من القاعدة بسبب ما يقال عن تهديدها لعروشهم، وبالتالي فإن المطالبة بإلقاء "الحرم" عليها مفهومة، فإن إدخال الزرقاوي في معمعة التكفير يشير إلى أن المحاولات التي بذلت لتدجين هذه المجموعة واستعمالها من أجل تحقيق أهداف سياسية "عربية" قد فشلت، وأن الزرقاويين انقلبوا ـ في بداية سعيهم للخروج من مأزقهم العراقي ـ على القوى التي كانت تمدّهم بالمدى الحيوي السياسي والمادي لتحركهم.
ليس هذا اتهاماً للمسؤول الظبياني بالذات، وإنما إشارة إلى أن "النظام السياسي العربي" يسير دائماً في "الاتجاه المعاكس" لمصالحه، فيعمل على البحث عن خلاصه في المكان الذي يمكن أن يجلب له المزيد من المتاعب، في حين أن الساحات العربية التي تشكل مجال الصراع الحقيقي مع الأعداء الحقيقيين للأمة تترك فارغة ليملأها من يزيد الطين بلّة.
لو كان العرب لم يفكروا في محاربة "الهلال الشيعي" وإنما بمحاربة الهجمة العسكرية الأميركية على المنطقة، ولو أنهم فكروا في التضامن مع الدول التي تتعرض للتهديد الخارجي بدل الانخراط في المؤامرات ضدها، لما حصلت انفجارات عمّان، ولما اضطر مسؤولون عرب إلى اللجوء إلى المنطق التكفيري نفسه الذي يحكم تفكير التكفيريين.. الزرقاويين.
محمود ريا
فإذا كان مشايخ الخليج متضايقين من القاعدة بسبب ما يقال عن تهديدها لعروشهم، وبالتالي فإن المطالبة بإلقاء "الحرم" عليها مفهومة، فإن إدخال الزرقاوي في معمعة التكفير يشير إلى أن المحاولات التي بذلت لتدجين هذه المجموعة واستعمالها من أجل تحقيق أهداف سياسية "عربية" قد فشلت، وأن الزرقاويين انقلبوا ـ في بداية سعيهم للخروج من مأزقهم العراقي ـ على القوى التي كانت تمدّهم بالمدى الحيوي السياسي والمادي لتحركهم.
ليس هذا اتهاماً للمسؤول الظبياني بالذات، وإنما إشارة إلى أن "النظام السياسي العربي" يسير دائماً في "الاتجاه المعاكس" لمصالحه، فيعمل على البحث عن خلاصه في المكان الذي يمكن أن يجلب له المزيد من المتاعب، في حين أن الساحات العربية التي تشكل مجال الصراع الحقيقي مع الأعداء الحقيقيين للأمة تترك فارغة ليملأها من يزيد الطين بلّة.
لو كان العرب لم يفكروا في محاربة "الهلال الشيعي" وإنما بمحاربة الهجمة العسكرية الأميركية على المنطقة، ولو أنهم فكروا في التضامن مع الدول التي تتعرض للتهديد الخارجي بدل الانخراط في المؤامرات ضدها، لما حصلت انفجارات عمّان، ولما اضطر مسؤولون عرب إلى اللجوء إلى المنطق التكفيري نفسه الذي يحكم تفكير التكفيريين.. الزرقاويين.
محمود ريا
السبت، نوفمبر 19، 2005
الانتخابات المصرية: الشعب يقرر أخذ المبادرة
"الأخوان" يتقدمون بقوة.. والحزب الحاكم في أزمة
___________________________________________
المتابع لوسائل الإعلام المصرية ـ ولا سيما المحطات التلفزيونية ـ هذه الأيام يجد إغراقاً في الحديث في السياسة، كما يرى معظم البرامج قد تحولت إلى برامج حوار سياسي، ما كان منها مخصصاً للحوار، كذلك البرنامج الذي بث مساء الأربعاء على قناة "المصرية" الفضائية، أو الذي يعتمد أساليب أخرى في التقديم.
هذا الدفق السياسي غير المعهود هو في الحقيقة تعبير عن أزمة أكثر منه إشارة على انفراج في الحياة السياسية المصرية، ولكن الأزمة لا تطال هذه المرة الشعب وإنما الذين بقوا يتحدثون باسمه على مدى عقود بحجة.. الديموقراطية.
المهم هو أن ما تحفل به هذه البرامج التلفزيونية ليس أكثر من حفلات من "الردح" (بلغة الأخوة المصريين) أو ما أسماه الباحث عبد الله رشوان ـ في الحلقة التلفزيونية نفسها ـ "بروباغندا" إعلامية تهدف إلى النيل من جماعة الأخوان المسلمين بعد تحقيقهم نتائج مذهلة في الانتخابات البرلمانية الجارية حالياً.
الديموقراطية المصرية أفرزت للمرة الأولى نتائج لا يمكن وصفها بأنها معلّبة ـ كما كان الحال في مختلف المراحل الماضية ـ بالرغم من كل المحاولات التي بذلت من أجل تغيير طابعها وحرفها عن الاتجاه الذي أخذته، والذي يمكن أن يصبح اتجاهاً زلزالياً في حال بقيت الأمور متجهة في المسار نفسه الذي بدأ في العاشر من هذا الشهر، والذي يفترض أن ينتهي في السابع من كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وهذا ما هو ظاهر حتى الآن، فالزخم الذي خاض به "الأخوان المسلمون" المرحلة الأولى من الانتخابات ـ في دورتها العادية الأربعاء ما قبل الماضي ودورة الإعادة الثلاثاء الماضي ـ يشير إلى استمرار الأخوان في اكتساح المقاعد خلال الدورتين القادمتين في السادس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر والأول من كانون الأول/ ديسمبر، على أن تجري انتخابات دورة الإعادة لهذه المرحلة الأخيرة في السابع من الشهر نفسه.
وبغض النظر عن الأرقام، التي لن تتبلور نهائياً قبل صدور النتائج النهائية للانتخابات، فإن ما حصل حتى الآن، وفوز الأخوان بأربعة وثلاثين مقعداً في المرحلة الأولى، يضع الحلم الأخواني بالدخول إلى البرلمان مع مئة نائب دفعة واحدة على طريق التحقق، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره بحق انقلاباً سياسياً حقيقياً في مصر.
وبالرغم من الدور الهامشي ـ أو المهمّش ـ لمجلس الشعب في الحياة السياسية المصرية، فإن تحقيق الأخوان لما يطمحون اليه يعني أن الحزب الوطني الحاكم في مصر دخل في سبات سياسي خطير ولا سيما في ظل الانقسام العميق الذي يسود صفوفه، بين من يسمّون بالحرس القديم الذين حكموا مع الرئيس حسني مبارك طوال العقود الماضية و"الشباب" الذين يشكل نجل الرئيس جمال مبارك رمزهم السياسي.
من هنا يمكن تفسير الحملة التي تشنها وسائل الإعلام الرسمية المصرية على جماعة الأخوان، والتي لا يستحي أحد من وصفها بـ"المسعورة"، حيث تحاول الطبقة الحاكمة في مصر استنقاذ ما يمكن استنقاذه قبل دهم المرحلتين المقبلتين من الانتخابات للواقع السياسي المصري، وتفجير "الأرضية" التي يقوم عليها حكم الرئيس حسني مبارك.
وهنا مكمن المشكلة، فالأزمة التي يعاني منها الطاقم الحاكم ليست نابعة فقط من الذين لم يصوّت لهم الشعب في الانتخابات، وإنما يلعب الخيار الذي يتبنونه (الولاء لمبارك ولحكمه) دوراً كبيراً في رفض المواطنين المصريين لهم، والبحث عن البديل لدى حاملي شعار "الإسلام هو الحل".
وبالرغم من أن هذه الحقيقة تفرض نفسها على الساحة المصرية، فإنه لا يجب تغييب واقع أن الأخوان لهم قاعدتهم الراسخة في الشارع المصري سواء على المستوى السياسي أو على مستوى الخدمات الاجتماعية التي يقدمونها للمواطن المصري العادي، وهذا السبب هو الذي دفع المواطن المصري لاختيارهم بديلاً عن الحزب الحاكم بدل التوجه الى الأحزاب السياسية الأخرى التي تتحرك في مصر.
ولا يمكن ـ من جهة أخرى ـ نسيان تغيّر الظروف الذاتية والموضوعية التي باتت تحيط بالمواطن المصري الذي خرج من قمقم "الشراء السياسي" الذي كان يمارسه معه الحزب الحاكم، وتفجر حالة من الوعي السياسي غير المسبوق في ظل التغيرات الكبرى التي يمر بها العالم، الأمر الذي سمح بتعدد الخيارات في ذهن المواطن، وبالتالي البحث عن البديل للوجوه المفروضة عليه وللخط السياسي الذي احتكر تمثيله على مدى السنوات الماضية.
وهكذا يبدو أن توليفة من الظروف فرضت نفسها وجعلت من انتخابات هذا العام مختلفة عن أي انتخابات سابقة، وإذا كان الحزب الحاكم سيحتفظ بالرغم من كل ما حصل بالأغلبية في مجلس الشعب ـ المؤلف من 454 مرشحاً، يعين الرئيس عشرة منهم، وينتخب الـ444 الباقون ـ فإن مصر ما بعد الانتخابات لن تكون مصر ما قبلها، حيث ان التغيير سيفرض نفسه بقوة على مجمل الحياة السياسية المصرية.
محمود ريا
___________________________________________
المتابع لوسائل الإعلام المصرية ـ ولا سيما المحطات التلفزيونية ـ هذه الأيام يجد إغراقاً في الحديث في السياسة، كما يرى معظم البرامج قد تحولت إلى برامج حوار سياسي، ما كان منها مخصصاً للحوار، كذلك البرنامج الذي بث مساء الأربعاء على قناة "المصرية" الفضائية، أو الذي يعتمد أساليب أخرى في التقديم.
هذا الدفق السياسي غير المعهود هو في الحقيقة تعبير عن أزمة أكثر منه إشارة على انفراج في الحياة السياسية المصرية، ولكن الأزمة لا تطال هذه المرة الشعب وإنما الذين بقوا يتحدثون باسمه على مدى عقود بحجة.. الديموقراطية.
المهم هو أن ما تحفل به هذه البرامج التلفزيونية ليس أكثر من حفلات من "الردح" (بلغة الأخوة المصريين) أو ما أسماه الباحث عبد الله رشوان ـ في الحلقة التلفزيونية نفسها ـ "بروباغندا" إعلامية تهدف إلى النيل من جماعة الأخوان المسلمين بعد تحقيقهم نتائج مذهلة في الانتخابات البرلمانية الجارية حالياً.
الديموقراطية المصرية أفرزت للمرة الأولى نتائج لا يمكن وصفها بأنها معلّبة ـ كما كان الحال في مختلف المراحل الماضية ـ بالرغم من كل المحاولات التي بذلت من أجل تغيير طابعها وحرفها عن الاتجاه الذي أخذته، والذي يمكن أن يصبح اتجاهاً زلزالياً في حال بقيت الأمور متجهة في المسار نفسه الذي بدأ في العاشر من هذا الشهر، والذي يفترض أن ينتهي في السابع من كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وهذا ما هو ظاهر حتى الآن، فالزخم الذي خاض به "الأخوان المسلمون" المرحلة الأولى من الانتخابات ـ في دورتها العادية الأربعاء ما قبل الماضي ودورة الإعادة الثلاثاء الماضي ـ يشير إلى استمرار الأخوان في اكتساح المقاعد خلال الدورتين القادمتين في السادس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر والأول من كانون الأول/ ديسمبر، على أن تجري انتخابات دورة الإعادة لهذه المرحلة الأخيرة في السابع من الشهر نفسه.
وبغض النظر عن الأرقام، التي لن تتبلور نهائياً قبل صدور النتائج النهائية للانتخابات، فإن ما حصل حتى الآن، وفوز الأخوان بأربعة وثلاثين مقعداً في المرحلة الأولى، يضع الحلم الأخواني بالدخول إلى البرلمان مع مئة نائب دفعة واحدة على طريق التحقق، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره بحق انقلاباً سياسياً حقيقياً في مصر.
وبالرغم من الدور الهامشي ـ أو المهمّش ـ لمجلس الشعب في الحياة السياسية المصرية، فإن تحقيق الأخوان لما يطمحون اليه يعني أن الحزب الوطني الحاكم في مصر دخل في سبات سياسي خطير ولا سيما في ظل الانقسام العميق الذي يسود صفوفه، بين من يسمّون بالحرس القديم الذين حكموا مع الرئيس حسني مبارك طوال العقود الماضية و"الشباب" الذين يشكل نجل الرئيس جمال مبارك رمزهم السياسي.
من هنا يمكن تفسير الحملة التي تشنها وسائل الإعلام الرسمية المصرية على جماعة الأخوان، والتي لا يستحي أحد من وصفها بـ"المسعورة"، حيث تحاول الطبقة الحاكمة في مصر استنقاذ ما يمكن استنقاذه قبل دهم المرحلتين المقبلتين من الانتخابات للواقع السياسي المصري، وتفجير "الأرضية" التي يقوم عليها حكم الرئيس حسني مبارك.
وهنا مكمن المشكلة، فالأزمة التي يعاني منها الطاقم الحاكم ليست نابعة فقط من الذين لم يصوّت لهم الشعب في الانتخابات، وإنما يلعب الخيار الذي يتبنونه (الولاء لمبارك ولحكمه) دوراً كبيراً في رفض المواطنين المصريين لهم، والبحث عن البديل لدى حاملي شعار "الإسلام هو الحل".
وبالرغم من أن هذه الحقيقة تفرض نفسها على الساحة المصرية، فإنه لا يجب تغييب واقع أن الأخوان لهم قاعدتهم الراسخة في الشارع المصري سواء على المستوى السياسي أو على مستوى الخدمات الاجتماعية التي يقدمونها للمواطن المصري العادي، وهذا السبب هو الذي دفع المواطن المصري لاختيارهم بديلاً عن الحزب الحاكم بدل التوجه الى الأحزاب السياسية الأخرى التي تتحرك في مصر.
ولا يمكن ـ من جهة أخرى ـ نسيان تغيّر الظروف الذاتية والموضوعية التي باتت تحيط بالمواطن المصري الذي خرج من قمقم "الشراء السياسي" الذي كان يمارسه معه الحزب الحاكم، وتفجر حالة من الوعي السياسي غير المسبوق في ظل التغيرات الكبرى التي يمر بها العالم، الأمر الذي سمح بتعدد الخيارات في ذهن المواطن، وبالتالي البحث عن البديل للوجوه المفروضة عليه وللخط السياسي الذي احتكر تمثيله على مدى السنوات الماضية.
وهكذا يبدو أن توليفة من الظروف فرضت نفسها وجعلت من انتخابات هذا العام مختلفة عن أي انتخابات سابقة، وإذا كان الحزب الحاكم سيحتفظ بالرغم من كل ما حصل بالأغلبية في مجلس الشعب ـ المؤلف من 454 مرشحاً، يعين الرئيس عشرة منهم، وينتخب الـ444 الباقون ـ فإن مصر ما بعد الانتخابات لن تكون مصر ما قبلها، حيث ان التغيير سيفرض نفسه بقوة على مجمل الحياة السياسية المصرية.
محمود ريا
الأربعاء، نوفمبر 16، 2005
لماذا.. لا أفهم (2)
بعد أنني لم أفهم لماذا يحرم القول.. مجرد القول إن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد يكون من نفذها من أصوليي القاعدة أو من هو حولها أو يحمل أفكارها من أبناء "السلفية الجهادية" وان الدافع لقيامهم يهذه العملية يمكن إيجاده فيما لو فتش الإنسان جيداً، يتبادر إلى ذهني قلة فهم أخرى، لا بد لي من أذكرها قبل أن تخنقني.
فأنا لا أفهم مثلاً لماذا تحصل الجريمة في عمان فيلقى القبض على من تبقى من منفذيها بعد اقل من ثلاثة أيام من حصولها، ويرتكب الفعل في الرياض فيحال الفاعل إلى المحاكمة بعد أيام، وتقبض لندن على صور منفذي تفجيراتها وشركائهم بعد ساعات ليس أكثر، ثم نسمع عن محاكمات مدريد للمشاركين في تفجيرات القطارات، وتبدو صور محمد عطا وزياد الجراح ومن معه واضحة بعد تفجيرات 11 أيلول، وغير ذلك الكثير من أنحاء العالم، وصولاً إلى أندونيسيا في أقصى الشرق.
كل هذا يحصل، فيما لا نستطيع أن نعرف حتى الآن مثلاً من قتل رفيق الحريري، وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على اغتياله.
أكثر من ذلك، تحصل في لبنان عشرات العمليات الأمنية فلا يظهر مرتكبها، تفجيرات.. اغتيالات.. اضطرابات، ولا دليل على الفاعل.
لماذا؟
وماذا يفعل الأف بي آي وأجهزة الأمن القديم منها والمستحدث؟
أين الحقيقة.. الحقيقة؟
لماذا لا تظهر؟
......
لا أفهم
الخميس، نوفمبر 10، 2005
لماذا.. لا أفهم!!
منذ مدة يطرأ على ذهني سؤال، وقد عاد ليلح عليّ بقوة هذه الليلة بعد تفجيرات الأردن التي لا يمكن إلا أن تكون مدانة بغض النظر عن الهدف منها:
وسؤالي اللئيم الذي لا يكف عن ملاحقتي هو: لماذا تتهم "القاعدة" ومن هو معها وحولها بأي انفجار يحصل في مصر وفي الأردن وفي السعودية وفي العراق وفي بريطانيا وفي الولايات المتحدة وفي اسبانيا وفي فرنسا وفي اندونيسيا وفي الفيليبين وفي أقصى الأرض وفي أدناها وحتى قبل إحصاء عدد القتلى والجرحى في هذه الانفجارات، إلا في حالة الانفجار الذي حصل في لبنان والذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري ومن معه، حيث يدان فوراً ويعتبر خارجاً على الإجماع الوطني ومشككاً بحقيقة الحقائق ومنتهكاً لقدس الأقداس أي شخص لمجرد أن يدعو إلى مناقشة ـ مجرد مناقشة ـ احتمال أن تكون القاعدة أو السلفيون وراء اغتيال الحريري؟
لا أدري ما هو الجواب.. فهل أحد يدري؟
محمود ريا
الأحد، نوفمبر 06، 2005
لماذا تحشد "إسرائيل قواتها على الحدود اللبنانية؟
تحشد "إسرائيل" قواتها على الحدود اللبنانية ولا سيما في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
وتقول المصادر الإسرائيلية إن هذه الحشود وما يرافقها من نشاطات عسكرية هدفها التحسب لهجوم من المقاومة اللبنانية.
إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن ما تقوم به القوات الإسرائيلية ليس رداً على تحركات للمقاومة الإسلامية في لبنان التي لم تردّ على الاعتداءات الإسرائيلية المتكاثرة برأ وجواً في الأيام الأخيرة.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد ان المقاومة الإسلامية تتابع هذه الاعتداءات والحشود الصهيونية وتدرسها بدقة قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها خلال يوم أو يومين.
فهل تحضر "إسرائيل" لعدوان على لبنان يترافق مع الضغوط الأميركية الإسرائيلية على لبنان وسوريا؟
وتقول المصادر الإسرائيلية إن هذه الحشود وما يرافقها من نشاطات عسكرية هدفها التحسب لهجوم من المقاومة اللبنانية.
إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن ما تقوم به القوات الإسرائيلية ليس رداً على تحركات للمقاومة الإسلامية في لبنان التي لم تردّ على الاعتداءات الإسرائيلية المتكاثرة برأ وجواً في الأيام الأخيرة.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد ان المقاومة الإسلامية تتابع هذه الاعتداءات والحشود الصهيونية وتدرسها بدقة قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها خلال يوم أو يومين.
فهل تحضر "إسرائيل" لعدوان على لبنان يترافق مع الضغوط الأميركية الإسرائيلية على لبنان وسوريا؟
السبت، أكتوبر 29، 2005
بوش.. ألفان
الرقم ألفين بات واحداً من كوابيس جورج بوش بعد المشاكل الكثيرة التي انهالت عليه خلال الفترة الماضية.
ألفا ضحية ـ ألفان وواحد حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ـ قدمها محافظو بوش الجدد على مذبح مشروعهم الإمبراطوري في العراق والمنطقة، كما تقول المعلومات الرسمية الأميركية، في حين أن معلومات غير رسمية تتحدث عن رقم أكبر من هذا بكثير.
صحيفة نيويورك تايمز عمّقت من جراح بوش، ونشرت في عددها يوم الأربعاء الماضي صور ألف قتيل من أصل الألفين، فيما ملأت صفحتين أخريين بمواضيع تتحدث عن ثلاثة من هؤلاء القتلى وعن ظروفهم وحياتهم.
ويكبر الإحراج الـ "بوشي" مع نشر استطلاعات رأي تظهر انهيار شعبية الرئيس الأميركي إلى أدنى مستوياتها منذ تسلمه الحكم أول عام ألفين وواحد، بعد أن فاز في أول دورة رئاسية عام ألفين.
إنها المفارقة، فبدل أن يكون هذا الرقم فألاً حسناً لرئيس أكبر دولة في العالم، ها هو يتحول إلى عبء ثقيل يقيد حركته ويشلّه عن القيام بأي مبادرة.
يمكن إدخال هذه المفارقة في معادلة المنطقة كقيمة حسابية ومعنوية كبيرة، حيث أن مشروع المحافظين الجدد يقف على شفا الترنح الذي يسبق السقوط، وهذا ما يجعل ما يخططون للقيام به أكثر خطورة، لأنه يعني أن هؤلاء ـ ومعهم رئيسهم ـ لم يبقَ أمامهم إلا خياران اثنان: إما التراجع والانسحاب، مع ما يعنيه ذلك من انتهاء للحلم الأميركي في المنطقة، وإما الإقدام على المزيد من المغامرات الحربية والسياسية، ونذر ذلك هي ما نشهده اليوم.
وفي كلا الحالين، لا يبدو أن هناك مخرج لبوش.. من كوابيسه.
محمود ريا
ألفا ضحية ـ ألفان وواحد حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ـ قدمها محافظو بوش الجدد على مذبح مشروعهم الإمبراطوري في العراق والمنطقة، كما تقول المعلومات الرسمية الأميركية، في حين أن معلومات غير رسمية تتحدث عن رقم أكبر من هذا بكثير.
صحيفة نيويورك تايمز عمّقت من جراح بوش، ونشرت في عددها يوم الأربعاء الماضي صور ألف قتيل من أصل الألفين، فيما ملأت صفحتين أخريين بمواضيع تتحدث عن ثلاثة من هؤلاء القتلى وعن ظروفهم وحياتهم.
ويكبر الإحراج الـ "بوشي" مع نشر استطلاعات رأي تظهر انهيار شعبية الرئيس الأميركي إلى أدنى مستوياتها منذ تسلمه الحكم أول عام ألفين وواحد، بعد أن فاز في أول دورة رئاسية عام ألفين.
إنها المفارقة، فبدل أن يكون هذا الرقم فألاً حسناً لرئيس أكبر دولة في العالم، ها هو يتحول إلى عبء ثقيل يقيد حركته ويشلّه عن القيام بأي مبادرة.
يمكن إدخال هذه المفارقة في معادلة المنطقة كقيمة حسابية ومعنوية كبيرة، حيث أن مشروع المحافظين الجدد يقف على شفا الترنح الذي يسبق السقوط، وهذا ما يجعل ما يخططون للقيام به أكثر خطورة، لأنه يعني أن هؤلاء ـ ومعهم رئيسهم ـ لم يبقَ أمامهم إلا خياران اثنان: إما التراجع والانسحاب، مع ما يعنيه ذلك من انتهاء للحلم الأميركي في المنطقة، وإما الإقدام على المزيد من المغامرات الحربية والسياسية، ونذر ذلك هي ما نشهده اليوم.
وفي كلا الحالين، لا يبدو أن هناك مخرج لبوش.. من كوابيسه.
محمود ريا
الجمعة، أكتوبر 28، 2005
يوم القدس العالمي: حكاية مدينة
تقع قضية القدس في صلب اهتمامات الأمة الإسلامية، انطلاقاً مما تمثله من معانٍ دينية وإيمانية، ووصولاً إلى دورها السياسي والواقعي على مستوى مصير الأمة ومستقبلها.
ومع استذكار الموقع الديني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمكن القول إن هذه المدينة المقدّسة تعتبر واحدة من أهم المدن في التاريخ الإسلامي، وفي العقيدة الإسلامية أيضاً، ولذلك فإن الاهتمام بها لا ينشأ من فراغ، وإنما هو تجسيد لحقيقة أهمية هذه المدينة ومحوريتها على المستوى العبادي والديني.
يضاف إلى ذلك الأهمية التاريخية المميزة للمدينة من ناحية الموقع والدور، حيث يمكن الحديث ـ دون اعتبار ذلك أي مبالغة ـ عن وقوع القدس في قلب خريطة الأرض، ويمكن القول إنها قطب رحى التاريخ منذ بداياته وحتى اللحظة الحاضرة.. امتداداً إلى يوم الدين.
وهذا الموقع الفريد للمدينة المقدّسة بين مدن العالم يجعل الوقوف عند معاناتها نوعاً من التصالح مع الذات والإلتفات إلى حقيقة الوجود الإنساني.
ربما من أجل هذا الموقع تعرضت هذه المدينة لأعتى الحملات من اجل الحملات من أجل السيطرة عليها، وتقف الحملة الصهيونية القديمة المتجددة على رأس هذه الحملات، في التاريخ الغابر كما في الواقع الحاضر.
لقد كانت القدس دائماً هدفاً للمشروع الصهيوني، واستمر العمل بهذا المشروع بشكل محموم وعلى مدى عقود ـ وربما قرون ـ حتى تمت السيطرة عليها وذلك في محاولة لتزوير هويتها وتغيير تاريخها وتحويلها من مدينة السلام إلى تجمع لكل الأشرار الذين ينفخون في نيران الحروب على مستوى الكون.
ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب تحوّلت المدينة المقدّسة إلى المفردة الرئيسية في هذا المشروع، فاحتُل القسم الغربي منها عند نشوء هذا الكيان، فيما احتُلّ الجزء الشرقي منها في العام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ والمدينة ترزح تحت نير الظلم الصهيوني الذي تتصاعد وجوهه يوماً بعد يوم، حتى صارت الممارسات الإرهابية التي تعاني منها المدينة وأهلها فوق كل تصور، لا بل باتت هي الأعنف في التاريخ المعاصر.
هذا الواقع المرّ الذي تعاني منه المدينة المقدسة جعلها محور اهتمام المخلصين من أبناء الأمة بحيث أصبح تحريرها يشكل الهدف الأول للمؤمنين بأحقية أهلها بها وللرافضين للسيطرة الصهيونية الغاشمة عليها.
وكي تأخذ المدينة حقها من الاهتمام كان لا بد من توعية المسلمين على وضعها وعلى أهميتها في آن معاً.
من هنا كانت دعوة قائد الأمة ومفجر ثورتها وباني نهضتها الإمام الخميني الراحل منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة المباركة في إيران لإحياء يوم القدس العالمي بمثابة نفير النهوض الإسلامي من أجل جعل قضية القدس القضية المركزية للمسلمين في كل مكان وفي كل حين.
أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:
"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.
وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.
وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:
"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".
لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.
لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي، وإذا كانت مدن إيران ولبنان السبّاقة إلى الإحياء الجماهيري الشامل لهذا اليوم العظيم، فإن أبناء مدن عربية وإسلامية عديدة باتوا يعتبرون الاهتمام بهذا اليوم من أوجب واجباتهم.
ومن العراق الذي شهدت مدنه العام الماضي أول إحياء شامل لهذا اليوم إلى مدن باكستان والهند، إلى ماليزيا ومدن أفريقيا المتعددة، وحتى إلى المدن الأوروبية والأمريكية المختلفة، صارت آخر جمعة من شهر رمضان يوم المدينة التي تحمل روح الإسلام وإليها تهفو قلوب حاملي القرآن.
واليوم، وهذا العام بالتحديد، يحمل إحياء يوم القدس العالمي معنى يعطي هذا اليوم المصداقية الأعلى، حيث تشهد شوارع قطاع غزة إحياء هذا اليوم للمرة الأولى وهي حرة من الاحتلال الصهيوني، غزة التي استلهم أبناؤها من يوم القدس العالمي روح الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، وأخذوا من مطلِق هذا اليوم العظيم مبدأ مقاومة الإحتلال بالأيدي العارية والإيمان العميق، هذه المقاومة التي تقود حتماً إلى النصر.
لقد تحوّل يوم القدس العالمي إلى عامل استنهاض للأمة من أجل ترك التلّهي بالتفاصيل المناطقية والإقليمية، والالتفات إلى القضية الكبرى التي تحدّد مصير المسلمين وترسم مستقبلهم، قضية العمل من أجل تحرير القدس الشريف وكل فلسطين والأراضي المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني، وإعادة الأمة إلى مجد الحرية الذي انتظرته طويلاً.
من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
محمود ريا
ومع استذكار الموقع الديني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمكن القول إن هذه المدينة المقدّسة تعتبر واحدة من أهم المدن في التاريخ الإسلامي، وفي العقيدة الإسلامية أيضاً، ولذلك فإن الاهتمام بها لا ينشأ من فراغ، وإنما هو تجسيد لحقيقة أهمية هذه المدينة ومحوريتها على المستوى العبادي والديني.
يضاف إلى ذلك الأهمية التاريخية المميزة للمدينة من ناحية الموقع والدور، حيث يمكن الحديث ـ دون اعتبار ذلك أي مبالغة ـ عن وقوع القدس في قلب خريطة الأرض، ويمكن القول إنها قطب رحى التاريخ منذ بداياته وحتى اللحظة الحاضرة.. امتداداً إلى يوم الدين.
وهذا الموقع الفريد للمدينة المقدّسة بين مدن العالم يجعل الوقوف عند معاناتها نوعاً من التصالح مع الذات والإلتفات إلى حقيقة الوجود الإنساني.
ربما من أجل هذا الموقع تعرضت هذه المدينة لأعتى الحملات من اجل الحملات من أجل السيطرة عليها، وتقف الحملة الصهيونية القديمة المتجددة على رأس هذه الحملات، في التاريخ الغابر كما في الواقع الحاضر.
لقد كانت القدس دائماً هدفاً للمشروع الصهيوني، واستمر العمل بهذا المشروع بشكل محموم وعلى مدى عقود ـ وربما قرون ـ حتى تمت السيطرة عليها وذلك في محاولة لتزوير هويتها وتغيير تاريخها وتحويلها من مدينة السلام إلى تجمع لكل الأشرار الذين ينفخون في نيران الحروب على مستوى الكون.
ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب تحوّلت المدينة المقدّسة إلى المفردة الرئيسية في هذا المشروع، فاحتُل القسم الغربي منها عند نشوء هذا الكيان، فيما احتُلّ الجزء الشرقي منها في العام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ والمدينة ترزح تحت نير الظلم الصهيوني الذي تتصاعد وجوهه يوماً بعد يوم، حتى صارت الممارسات الإرهابية التي تعاني منها المدينة وأهلها فوق كل تصور، لا بل باتت هي الأعنف في التاريخ المعاصر.
هذا الواقع المرّ الذي تعاني منه المدينة المقدسة جعلها محور اهتمام المخلصين من أبناء الأمة بحيث أصبح تحريرها يشكل الهدف الأول للمؤمنين بأحقية أهلها بها وللرافضين للسيطرة الصهيونية الغاشمة عليها.
وكي تأخذ المدينة حقها من الاهتمام كان لا بد من توعية المسلمين على وضعها وعلى أهميتها في آن معاً.
من هنا كانت دعوة قائد الأمة ومفجر ثورتها وباني نهضتها الإمام الخميني الراحل منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة المباركة في إيران لإحياء يوم القدس العالمي بمثابة نفير النهوض الإسلامي من أجل جعل قضية القدس القضية المركزية للمسلمين في كل مكان وفي كل حين.
أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:
"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.
وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.
وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:
"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".
لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.
لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي، وإذا كانت مدن إيران ولبنان السبّاقة إلى الإحياء الجماهيري الشامل لهذا اليوم العظيم، فإن أبناء مدن عربية وإسلامية عديدة باتوا يعتبرون الاهتمام بهذا اليوم من أوجب واجباتهم.
ومن العراق الذي شهدت مدنه العام الماضي أول إحياء شامل لهذا اليوم إلى مدن باكستان والهند، إلى ماليزيا ومدن أفريقيا المتعددة، وحتى إلى المدن الأوروبية والأمريكية المختلفة، صارت آخر جمعة من شهر رمضان يوم المدينة التي تحمل روح الإسلام وإليها تهفو قلوب حاملي القرآن.
واليوم، وهذا العام بالتحديد، يحمل إحياء يوم القدس العالمي معنى يعطي هذا اليوم المصداقية الأعلى، حيث تشهد شوارع قطاع غزة إحياء هذا اليوم للمرة الأولى وهي حرة من الاحتلال الصهيوني، غزة التي استلهم أبناؤها من يوم القدس العالمي روح الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، وأخذوا من مطلِق هذا اليوم العظيم مبدأ مقاومة الإحتلال بالأيدي العارية والإيمان العميق، هذه المقاومة التي تقود حتماً إلى النصر.
لقد تحوّل يوم القدس العالمي إلى عامل استنهاض للأمة من أجل ترك التلّهي بالتفاصيل المناطقية والإقليمية، والالتفات إلى القضية الكبرى التي تحدّد مصير المسلمين وترسم مستقبلهم، قضية العمل من أجل تحرير القدس الشريف وكل فلسطين والأراضي المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني، وإعادة الأمة إلى مجد الحرية الذي انتظرته طويلاً.
من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
محمود ريا
الخميس، أكتوبر 27، 2005
"القضية اللبنانية" ستبقى طويلاً في مجلس الأمن
الهجمة الغربية والفيتو الروسي ـ الصيني بين أولويات ومصالح الأطراف المتناقضة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكاد المراقب لما يجري في نيويورك يحس بأن العالم بات واحة سلام، وأن أقطار الأرض أضحت بلا مشاكل ولا تعقيدات، وأن كل المدافع "خرست" وكل القضايا عولجت، وأن مجلس الأمن الدولي، لمّا وجد نفسه بلا وظيفة، وأن الأمن الدولي استتب، ويكاد يصبح بلا حاجة إلى مجلس لرعايته، انصرفت هذه المؤسسة الدولية العريقة إلى قضية واحدة لا غير، لم يعد هناك سواها يحمل الطابع المتفجر في العالم، ووضعتها على طاولة الاجتماعات الدائرية ، لتشبعها بحثاً ونقاشاً ومداولات ومحاورات، قبل أن تصدر القرار النهائي فيها، فتحل الأزمة، وتعيد الحق لأصحابه، ويعود المجلس "مجلساً" للأمن والسلام.
القضية التي تحمل الرقم واحد في عالم اليوم هي "القضية اللبنانية" حيث بات موضوع "الحقيقة" والسيادة ونزع الوصاية وتحقيق الاستقلال الناجز الشغل الشاغل لقوى دولية عرف عنها في السابق أنها لا تعير هذه العناوين أي اهتمام، سواء في ممارساتها الخاصة، أو في ممارسة الآخرين لها على مستوى العالم.. إلا حين يكون هذا الاهتمام ذا مردود إيجابي لمصلحة هذه القوى، وهذا ما نشهده الآن.
ومن أجل "الغوص" في أعماق القضية هناك اليوم تقريران يتفاعلان في قاعات مبنى الأمم المتحدة، الأول صدر مساء الأربعاء وهو الذي أعدّه "الناظر الأمني والسياسي للأمم المتحدة في لبنان" تيري رود لارسن وينطلق من القرار الدولي 1559 والثاني ورد إلى المجلس قبل ذلك بأيام وهو الذي كتبه "الناظر العدلي للأمم المتحدة" ديتليف ميليس وينطلق من القرار 1595.
قد يكون مكرراً الحديث عن أن اختيار هذين الرقمين للقرارين اللذين يتناولان "القضية اللبنانية" ليس بريئاً، كونهما يحملان المكوّنات (الأعداد) نفسها دون أن يمنع ذلك من الاعتقاد أنهما يحملان أيضاً المضامين (الأهداف) نفسها.
ويبدو في هذا الإطار الحماس الأميركي البريطاني الفرنسي للسير في التقريرين ( وفي القرارين) قدماً وفي القوت نفسه وكأنه يأتي كدليل على أن الذي كتب هذين القرارين هو "كاتب سيناريو" واحد ولمسلسل واحد ولكنه مؤلف من حلقتين.
ترى مصادر متابعة لحركة الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي رغبة مشتركة لدى العواصم الكبرى الثلاث لتحقيق النتائج نفسها، بغض النظر عن مدى تطابق الأهداف، حيث المطلوب "كشف الحقيقة" في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (من القرار 1595) وإنهاء "الهيمنة السورية" على لبنان ونزع سلاح الميليشيات (المقاومة الإسلامية والفلسطينيين)، وإلغاء مفاعيل التمديد لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود (من القرار 1559).
وتستعر الحركة بين هذه الأطراف الثلاثة من أجل الإسراع في تحقيق هذه النتائج، دون أن يكون هناك اتفاق في المقابل على المدى الذي يجب أن تصل إليه هذه السرعة.
فالأميركيون والبريطانيون يريدون نتائج فورية وحاسمة تصدر الآن، بحيث يـأتي موعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 15 كانون الأول/ ديسمبر والعدّة معدّة للتنفيذ، بعد أن تكون سوريا قد أدينت بهذا الاغتيال (تحضيراً لبدء العمل ضدها)، ويكون لبنان (الجديد) اتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني وفتح ملف سلاح المقاومة على مصراعيه، ويبقى موضوع رئيس الجمهورية الذي يفقد حينها حجمه من الأهمية والتأثير فيعالج على قاعد أن التغيير (في الشخص أو في النهج ) بات تحصيل حاصل.
أما الفرنسيون فإنهم يرتبون الأولويات بشكل آخر، فهم لا يريدون الاستعجال في فتح الملف السوري، ويضعون موضوع رئاسة الجمهورية ربما قبل حسم ملف السلاح، دون أن يعني هذا فتوراً من جانبهم في فتح هذا الملف، وإنما يريدون أن يتركوا للحركة الداخلية اللبنانية أن تقود إلى معالجة هذا الموضوع، ولكن في الاتجاه الذي يريدونه طبعاً.
وإذا كان الاجتماع الذي جرى في باريس الأسبوع قبل الماضي بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية الأميركيةغونداليزا رايس قد وضع الخطوط العريضة لـ "المسار التغييري الشامل" المنشود، فإن كون الولايات المتحدة تملك أصابع تحترق في العراق، وترغب في تحرك سريع ضد سوريا من البوابة اللبنانية لتخفيف النار العراقية، مقابل "الراحة الفرنسية تجاه المف العراقي بكل مكوّناته العسكرية والسياسية، يجعل العاصمتين الأميركية والفرسية لا تتحدثان "على الموجة نفسها" ويفتح المجال أمام اختلاف في المواعيد، بين من يريد عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل (واشنطن) وبين من لا يحبذ هذا الاجتماع، بل يعمل لعرقلته (باريس).
وفي ظل تصارع الحلفاء على جبنة امتلاك الكلمة الأخيرة في عملية تحديد مسار الحركة وسرعتها وأولوياتها، يبدو أن هناك من لديه أولويات أخرى مختلفة تماماً، لا بل هو لديه رؤية تتناقض بشدة مع رؤية الثلاثي الغربي المتحالف.
وهنا تقف دولتان تملك كلٌّ منهما ما يجعل واشنطن وغيرها من العواصم الغربية تفكران كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة في مجلس الأمن: روسيا والصين.
القيادة الروسية أعلنت بكل وضوح أنها ستعمل على محاولة منع المسار الأميركي من أن يأخذ مداه وذلك من خلال فرملة الاندفاعة الأميركية لفرض التغيير في المسار السوري (النظام أو الأشخاص أو النهج)، هذا التغيير الذي يفترض أن يتم من خلال عملية متكاملة تبدأ بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا ولا تنتهي إلا عند حدود العمل العسكري.
ومع استعمال موسكو للهجة دبلوماسية في التعبير عن هذا الموقف، فإن الدولة الأخرى، مالكة حق النقض (الفيتو)، وهي الصين أعلنت بوضوح ودون أي مراوغة أنها ستستخدم هذا الحق من أجل منع أي استهداف لسوريا في مجلس الأمن.
لا شك أن لكل من موسكو وبكين أسبابها ومعطياته ومصالحها التي تدفعها لاتخاذ هذه المواقف الحاسمة، وهذا يعني أن إزالة الاعتراضات الروسية والصينية من أمام المشروع الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي لإدانة سوريا وضربها بالعصا الدولية يستلزم دفع أثمان باهظة جداًَ على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وهذا ما لا يبدو أن الولايات المتحدة ـ ومعها حليفتاها ـ قادرة على القيام به، ولا سيما في الظروف الحالية التي تعيشها واشنطن على المستوى الدولي.
وفي ظل هذه التعقيدات المتشابكة التي يشهدها حبل الملف اللبناني الذي يحاول كل طرف شده باتجاهه، يبدو أن "القضية اللبنانية" ستبقى حاضرة بقوة في مجلس الأمن الدولي، ومعها النتائج المتوخاة من الأطراف الذين يحاولون استخدام هذه القضية جسراً للعبور إلى أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة.
محمود ريا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكاد المراقب لما يجري في نيويورك يحس بأن العالم بات واحة سلام، وأن أقطار الأرض أضحت بلا مشاكل ولا تعقيدات، وأن كل المدافع "خرست" وكل القضايا عولجت، وأن مجلس الأمن الدولي، لمّا وجد نفسه بلا وظيفة، وأن الأمن الدولي استتب، ويكاد يصبح بلا حاجة إلى مجلس لرعايته، انصرفت هذه المؤسسة الدولية العريقة إلى قضية واحدة لا غير، لم يعد هناك سواها يحمل الطابع المتفجر في العالم، ووضعتها على طاولة الاجتماعات الدائرية ، لتشبعها بحثاً ونقاشاً ومداولات ومحاورات، قبل أن تصدر القرار النهائي فيها، فتحل الأزمة، وتعيد الحق لأصحابه، ويعود المجلس "مجلساً" للأمن والسلام.
القضية التي تحمل الرقم واحد في عالم اليوم هي "القضية اللبنانية" حيث بات موضوع "الحقيقة" والسيادة ونزع الوصاية وتحقيق الاستقلال الناجز الشغل الشاغل لقوى دولية عرف عنها في السابق أنها لا تعير هذه العناوين أي اهتمام، سواء في ممارساتها الخاصة، أو في ممارسة الآخرين لها على مستوى العالم.. إلا حين يكون هذا الاهتمام ذا مردود إيجابي لمصلحة هذه القوى، وهذا ما نشهده الآن.
ومن أجل "الغوص" في أعماق القضية هناك اليوم تقريران يتفاعلان في قاعات مبنى الأمم المتحدة، الأول صدر مساء الأربعاء وهو الذي أعدّه "الناظر الأمني والسياسي للأمم المتحدة في لبنان" تيري رود لارسن وينطلق من القرار الدولي 1559 والثاني ورد إلى المجلس قبل ذلك بأيام وهو الذي كتبه "الناظر العدلي للأمم المتحدة" ديتليف ميليس وينطلق من القرار 1595.
قد يكون مكرراً الحديث عن أن اختيار هذين الرقمين للقرارين اللذين يتناولان "القضية اللبنانية" ليس بريئاً، كونهما يحملان المكوّنات (الأعداد) نفسها دون أن يمنع ذلك من الاعتقاد أنهما يحملان أيضاً المضامين (الأهداف) نفسها.
ويبدو في هذا الإطار الحماس الأميركي البريطاني الفرنسي للسير في التقريرين ( وفي القرارين) قدماً وفي القوت نفسه وكأنه يأتي كدليل على أن الذي كتب هذين القرارين هو "كاتب سيناريو" واحد ولمسلسل واحد ولكنه مؤلف من حلقتين.
ترى مصادر متابعة لحركة الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي رغبة مشتركة لدى العواصم الكبرى الثلاث لتحقيق النتائج نفسها، بغض النظر عن مدى تطابق الأهداف، حيث المطلوب "كشف الحقيقة" في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (من القرار 1595) وإنهاء "الهيمنة السورية" على لبنان ونزع سلاح الميليشيات (المقاومة الإسلامية والفلسطينيين)، وإلغاء مفاعيل التمديد لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود (من القرار 1559).
وتستعر الحركة بين هذه الأطراف الثلاثة من أجل الإسراع في تحقيق هذه النتائج، دون أن يكون هناك اتفاق في المقابل على المدى الذي يجب أن تصل إليه هذه السرعة.
فالأميركيون والبريطانيون يريدون نتائج فورية وحاسمة تصدر الآن، بحيث يـأتي موعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 15 كانون الأول/ ديسمبر والعدّة معدّة للتنفيذ، بعد أن تكون سوريا قد أدينت بهذا الاغتيال (تحضيراً لبدء العمل ضدها)، ويكون لبنان (الجديد) اتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني وفتح ملف سلاح المقاومة على مصراعيه، ويبقى موضوع رئيس الجمهورية الذي يفقد حينها حجمه من الأهمية والتأثير فيعالج على قاعد أن التغيير (في الشخص أو في النهج ) بات تحصيل حاصل.
أما الفرنسيون فإنهم يرتبون الأولويات بشكل آخر، فهم لا يريدون الاستعجال في فتح الملف السوري، ويضعون موضوع رئاسة الجمهورية ربما قبل حسم ملف السلاح، دون أن يعني هذا فتوراً من جانبهم في فتح هذا الملف، وإنما يريدون أن يتركوا للحركة الداخلية اللبنانية أن تقود إلى معالجة هذا الموضوع، ولكن في الاتجاه الذي يريدونه طبعاً.
وإذا كان الاجتماع الذي جرى في باريس الأسبوع قبل الماضي بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية الأميركيةغونداليزا رايس قد وضع الخطوط العريضة لـ "المسار التغييري الشامل" المنشود، فإن كون الولايات المتحدة تملك أصابع تحترق في العراق، وترغب في تحرك سريع ضد سوريا من البوابة اللبنانية لتخفيف النار العراقية، مقابل "الراحة الفرنسية تجاه المف العراقي بكل مكوّناته العسكرية والسياسية، يجعل العاصمتين الأميركية والفرسية لا تتحدثان "على الموجة نفسها" ويفتح المجال أمام اختلاف في المواعيد، بين من يريد عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل (واشنطن) وبين من لا يحبذ هذا الاجتماع، بل يعمل لعرقلته (باريس).
وفي ظل تصارع الحلفاء على جبنة امتلاك الكلمة الأخيرة في عملية تحديد مسار الحركة وسرعتها وأولوياتها، يبدو أن هناك من لديه أولويات أخرى مختلفة تماماً، لا بل هو لديه رؤية تتناقض بشدة مع رؤية الثلاثي الغربي المتحالف.
وهنا تقف دولتان تملك كلٌّ منهما ما يجعل واشنطن وغيرها من العواصم الغربية تفكران كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة في مجلس الأمن: روسيا والصين.
القيادة الروسية أعلنت بكل وضوح أنها ستعمل على محاولة منع المسار الأميركي من أن يأخذ مداه وذلك من خلال فرملة الاندفاعة الأميركية لفرض التغيير في المسار السوري (النظام أو الأشخاص أو النهج)، هذا التغيير الذي يفترض أن يتم من خلال عملية متكاملة تبدأ بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا ولا تنتهي إلا عند حدود العمل العسكري.
ومع استعمال موسكو للهجة دبلوماسية في التعبير عن هذا الموقف، فإن الدولة الأخرى، مالكة حق النقض (الفيتو)، وهي الصين أعلنت بوضوح ودون أي مراوغة أنها ستستخدم هذا الحق من أجل منع أي استهداف لسوريا في مجلس الأمن.
لا شك أن لكل من موسكو وبكين أسبابها ومعطياته ومصالحها التي تدفعها لاتخاذ هذه المواقف الحاسمة، وهذا يعني أن إزالة الاعتراضات الروسية والصينية من أمام المشروع الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي لإدانة سوريا وضربها بالعصا الدولية يستلزم دفع أثمان باهظة جداًَ على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وهذا ما لا يبدو أن الولايات المتحدة ـ ومعها حليفتاها ـ قادرة على القيام به، ولا سيما في الظروف الحالية التي تعيشها واشنطن على المستوى الدولي.
وفي ظل هذه التعقيدات المتشابكة التي يشهدها حبل الملف اللبناني الذي يحاول كل طرف شده باتجاهه، يبدو أن "القضية اللبنانية" ستبقى حاضرة بقوة في مجلس الأمن الدولي، ومعها النتائج المتوخاة من الأطراف الذين يحاولون استخدام هذه القضية جسراً للعبور إلى أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة.
محمود ريا
الأربعاء، أكتوبر 26، 2005
الثلاثاء، أكتوبر 25، 2005
Paris Meetings :Drawing New Geopolitical Map Using the “Lebanese Pen”
By Mahmoud Raya
Lebanon seems to be a hybrid as it lives a stage in which its citizens see that “their capital” lies thousands of kilometers away from their homeland, in velvety Parisian exile, whereas their major cities, including the old capital Beirut, experience a state of concern and tension, awaiting news from the French-American “supreme door” which will release decisions that will draw the future and define the choices of this country.
Meetings are taking place in Paris. Everything becomes is in a state of confusion, causing confusion for the observers as they pursuit news about who met with whom, who received whom, and who bade farewell to whom. However, each observer keeps in mind the main objective behind these meetings that generate day after day. This is the drawing of the new geopolitical map of the region. In other words, this is a kind of a new Sykes-Picot agreement, the lines of which are being drawn by directors and producers of great capacities whereas the rest of the people play the role of the extra actors.
Amid the two UN resolutions 1559 and 1595, coupled with the two reports, one of which is still to be released, issues seem to have entangled. “Separating between the paths” of the two UN resolutions, as wished by UN Secretary-General Kofi Anan, seems to have become an issue of the past because of the interlacing data of this and that report. The position has become similar to the situation where one seeks the implementation of a phrase of one decision with a word of the other decision, and so on.
Since Lebanon is the party concerned directly with the two resolutions and with the reports released on them, yet the happenings inside closed and open meetings inform that the two resolutions are being employed as a “roadmap” to achieve the goals of a project, the threads of which are being schemed in Paris, New York and Washington.
At the core of this turmoil, Lebanon seems to exist, certainly on the table; but it doesn’t seem to be existent around the table. It is unclear whether the meetings with Lebanese officials in the French capital were being held to “confer with them” and discuss their opinions and their evaluations of the situation or to inform them of agreements that were reached at the meeting that was held last week between French President Jack Chirac and US Foreign Secretary Condoleezza Rice, as well as at the unexpected meeting that was held in New York between UN Secretary-General Kofi Anan and Rice. One must not forget the current communications that are taking place behind the scenes between officials who emerge openly to crow claiming that they were the ones who drew the map of the present situation more than a year ago (Zionist Foreign Minister, Sylvan Shalom).
On the other bank, there is a question concerning how the Lebanese officials, presidents, ministers, MPs and political figures, are receiving orders. Will they react obediently or will they agree in support? On the other hand, will they react out of a nerve wrecking opposition regardless of its outcomes? Therefore, are these “multiple tones,” which express the stances and the changing temperature of the statements between the inside and outside parties and between one Arab capital and another European, the result of a flexible coordination of expressing one united stance? Alternatively, is this a drifting towards an environment of this or that current which will render the entire Lebanese policy blown to the wind, coming from here and there?
All these questions are beaming inside the mind of the Lebanese citizen who expects that the image, overwhelmed by ambiguity, will be cleared. However, the ambiguity is expected to overwhelm the image increasingly over the coming days.
Although the Lebanese cabinet has changed to a council that is the last to be informed on decisions being launched by those who are supposed to express the opinions and decisions of the cabinet, yet the future is expected to clarify the process that is required to deal with the main causes of the cabinet, especially the issue of the border demarcation between Lebanon and Syria – including Shibaa Farms – as well as the exchange of embassies between Beirut and Damascus coupled with the agreements that have taken place and are taking place regarding the issue of the Palestinian weapon in Lebanon.
Within this framework comes the coincidence of the Lebanese Prime Minister Fouad Saniora and Palestinian Prime Minister Mahmoud Abbas, being present at the same time in Paris in order to meet and negotiate the Palestinian weapon outside of the camps as well as to find ways for disarmament inside the camps. This means an approach to solve one of the problems that encumber the implementation of the UN resolution 1559 with all of its details.
Within this framework as well comes the comprehensive and full support of France to Lebanon on all political, economic and security levels. This issue was declared repeatedly by more than one Lebanese senior official, synchronized with tips from Paris that there was a new French “initiative” that aims at stirring the reconciliation process between Lebanon and "Israel".
Within this framework also, one can add the information – with the countering information – on a “deal” between Syria and America in the case of the assassination of martyred Prime Minister Rafik Hariri. This information was refuted by Syria and was followed by the US Foreign Secretary talk on increasing the pressures on Syria on one hand and on emphasizing the rejection of excluding the military option in dealing with the “Syrian case’ on the other hand.
In the ocean of these thunderous events, which overwhelm Lebanon, there is the Arab stance which remains famous as ever for its absolute negativity in dealing with the developments. This attitude was expressed by the Egyptian wish not to stir up the case of the regime in Syria, which may mean the creation of another focal point of instability in the region, which is already suffering a “constructive chaos” which has been sprouting in Iraq, Lebanon, Palestine, Saudi Arabia, and perhaps other countries in the region, reaching Syria in the end. Still, this Egyptian protest did not indicate the existence of any change in the imagination of the schemers.
Those administering the spreading of this chaos cannot hide their aim, which is the provisioning of security for "Israel" and the accomplishment of the American and European aspirations in the region, far from “finding the truth” or making an approach to apply justice. This issue was expressed by the UN special envoy “assigned to the implementation of UN resolution 1559”, Terry Rod Larsen when he mentioned directly the resistance weapon in Lebanon, considering that it was no longer justifiable; and that it has not been so since 2000, the year when the Zionists withdrew from the larger part of south Lebanon.
Perhaps, this issue incited Head of the Future bloc in Parliament MP Saad Rafik Hariri to say – after meeting the Egyptian president Hosni Mubarak and the Arab League Secretary-General Amro Moussa in Cairo – that he refuses to change the case of the assassination of Prime Minister Rafik Hariri to a case that can be employed to achieve aspirations other than the truth.
Since this stance of Hariri expresses his real fear of the occurrence of such issue, it may also mirror his knowledge of the threads that are being drawn in Paris and other capitals in the world, which aim at nothing but changing the nature of the entire region and diverting its path towards the American and Zionist age.
This is a new geopolitical drawing of the region’s map, using the “Lebanese pen.”
Lebanon seems to be a hybrid as it lives a stage in which its citizens see that “their capital” lies thousands of kilometers away from their homeland, in velvety Parisian exile, whereas their major cities, including the old capital Beirut, experience a state of concern and tension, awaiting news from the French-American “supreme door” which will release decisions that will draw the future and define the choices of this country.
Meetings are taking place in Paris. Everything becomes is in a state of confusion, causing confusion for the observers as they pursuit news about who met with whom, who received whom, and who bade farewell to whom. However, each observer keeps in mind the main objective behind these meetings that generate day after day. This is the drawing of the new geopolitical map of the region. In other words, this is a kind of a new Sykes-Picot agreement, the lines of which are being drawn by directors and producers of great capacities whereas the rest of the people play the role of the extra actors.
Amid the two UN resolutions 1559 and 1595, coupled with the two reports, one of which is still to be released, issues seem to have entangled. “Separating between the paths” of the two UN resolutions, as wished by UN Secretary-General Kofi Anan, seems to have become an issue of the past because of the interlacing data of this and that report. The position has become similar to the situation where one seeks the implementation of a phrase of one decision with a word of the other decision, and so on.
Since Lebanon is the party concerned directly with the two resolutions and with the reports released on them, yet the happenings inside closed and open meetings inform that the two resolutions are being employed as a “roadmap” to achieve the goals of a project, the threads of which are being schemed in Paris, New York and Washington.
At the core of this turmoil, Lebanon seems to exist, certainly on the table; but it doesn’t seem to be existent around the table. It is unclear whether the meetings with Lebanese officials in the French capital were being held to “confer with them” and discuss their opinions and their evaluations of the situation or to inform them of agreements that were reached at the meeting that was held last week between French President Jack Chirac and US Foreign Secretary Condoleezza Rice, as well as at the unexpected meeting that was held in New York between UN Secretary-General Kofi Anan and Rice. One must not forget the current communications that are taking place behind the scenes between officials who emerge openly to crow claiming that they were the ones who drew the map of the present situation more than a year ago (Zionist Foreign Minister, Sylvan Shalom).
On the other bank, there is a question concerning how the Lebanese officials, presidents, ministers, MPs and political figures, are receiving orders. Will they react obediently or will they agree in support? On the other hand, will they react out of a nerve wrecking opposition regardless of its outcomes? Therefore, are these “multiple tones,” which express the stances and the changing temperature of the statements between the inside and outside parties and between one Arab capital and another European, the result of a flexible coordination of expressing one united stance? Alternatively, is this a drifting towards an environment of this or that current which will render the entire Lebanese policy blown to the wind, coming from here and there?
All these questions are beaming inside the mind of the Lebanese citizen who expects that the image, overwhelmed by ambiguity, will be cleared. However, the ambiguity is expected to overwhelm the image increasingly over the coming days.
Although the Lebanese cabinet has changed to a council that is the last to be informed on decisions being launched by those who are supposed to express the opinions and decisions of the cabinet, yet the future is expected to clarify the process that is required to deal with the main causes of the cabinet, especially the issue of the border demarcation between Lebanon and Syria – including Shibaa Farms – as well as the exchange of embassies between Beirut and Damascus coupled with the agreements that have taken place and are taking place regarding the issue of the Palestinian weapon in Lebanon.
Within this framework comes the coincidence of the Lebanese Prime Minister Fouad Saniora and Palestinian Prime Minister Mahmoud Abbas, being present at the same time in Paris in order to meet and negotiate the Palestinian weapon outside of the camps as well as to find ways for disarmament inside the camps. This means an approach to solve one of the problems that encumber the implementation of the UN resolution 1559 with all of its details.
Within this framework as well comes the comprehensive and full support of France to Lebanon on all political, economic and security levels. This issue was declared repeatedly by more than one Lebanese senior official, synchronized with tips from Paris that there was a new French “initiative” that aims at stirring the reconciliation process between Lebanon and "Israel".
Within this framework also, one can add the information – with the countering information – on a “deal” between Syria and America in the case of the assassination of martyred Prime Minister Rafik Hariri. This information was refuted by Syria and was followed by the US Foreign Secretary talk on increasing the pressures on Syria on one hand and on emphasizing the rejection of excluding the military option in dealing with the “Syrian case’ on the other hand.
In the ocean of these thunderous events, which overwhelm Lebanon, there is the Arab stance which remains famous as ever for its absolute negativity in dealing with the developments. This attitude was expressed by the Egyptian wish not to stir up the case of the regime in Syria, which may mean the creation of another focal point of instability in the region, which is already suffering a “constructive chaos” which has been sprouting in Iraq, Lebanon, Palestine, Saudi Arabia, and perhaps other countries in the region, reaching Syria in the end. Still, this Egyptian protest did not indicate the existence of any change in the imagination of the schemers.
Those administering the spreading of this chaos cannot hide their aim, which is the provisioning of security for "Israel" and the accomplishment of the American and European aspirations in the region, far from “finding the truth” or making an approach to apply justice. This issue was expressed by the UN special envoy “assigned to the implementation of UN resolution 1559”, Terry Rod Larsen when he mentioned directly the resistance weapon in Lebanon, considering that it was no longer justifiable; and that it has not been so since 2000, the year when the Zionists withdrew from the larger part of south Lebanon.
Perhaps, this issue incited Head of the Future bloc in Parliament MP Saad Rafik Hariri to say – after meeting the Egyptian president Hosni Mubarak and the Arab League Secretary-General Amro Moussa in Cairo – that he refuses to change the case of the assassination of Prime Minister Rafik Hariri to a case that can be employed to achieve aspirations other than the truth.
Since this stance of Hariri expresses his real fear of the occurrence of such issue, it may also mirror his knowledge of the threads that are being drawn in Paris and other capitals in the world, which aim at nothing but changing the nature of the entire region and diverting its path towards the American and Zionist age.
This is a new geopolitical drawing of the region’s map, using the “Lebanese pen.”
الجمعة، أكتوبر 21، 2005
اجتماعات باريس:رسم خريطة جديدة للمنطقة بـ "القلم اللبناني"
يبدو لبنان مخلوقاً هجيناً وهو يعيش مرحلة يرى فيها أبناؤه "عاصمتهم" تقع على بعد آلاف الكيلومترات عن وطنهم، في المنفى الباريسي المخملي، فيما مدنهم الكبرى، وبينها ما كان يعرف بالعاصمة بيروت تعيش حالاً من القلق والتوتر بانتظار ما سيصدر من "الباب العالي" الفرنسي ـ الأميركي من قرارات ترسم مستقبل هذا البلد، وتحدد خياراته.
في باريس تعقد الاجتماعات، فيختلط "الحابل بالنابل"، ويضيع المراقب في متابعة من اجتمع مع من، ومن استقبل من، ومن ودّع من، ولكن لا يغيب عن باله الهدف الأساسي من هذه الاجتماعات التي تتكاثر يوماً بعد يوم، إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة، أو كما يقول البعض إنه نوع من "سايكس ـ بيكو" جديد، يرسم خطوطه مخرجون ومنتجون ذوو قدرات ضخمة، فيما يلعب الكثيرون دور الكومبارس.
بين الـ1559 والـ1595، والتقريرين اللذين صدر أحدهما وينتظر الآخر، يبدو أن الأمور تشابكت، وأن ما أراده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من "فصل بين مساري" القرارين الدوليين قد بات في خبر كان، نتيجة تداخل معطيات هذا القرار مع ذاك، بحيث بات الوضع يشبه تطبيق عبارة من هذا القرار، ثم كلمة من القرار الآخر.. وهكذا دواليك.
وإذا كان لبنان هو المعني المباشر بالقرارين وما صدر من تقارير حولهما، فإن ما يجري في الاجتماعات المغلقة والمفتوحة يشي بأن ما يجري هو استخدام هذين القرارين كـ"خارطة طريق" للوصول إلى أهداف مشروعٍ ما تُجدل خيوطه ما بين باريس ونيويورك.. وواشنطن.
وفي قلب هذه المعمعة يبدو لبنان موجوداً، على الطاولة بشكل مؤكد، ولكن لا يبدو واضحاً إذا كان موجوداً حول الطاولة، وإذا ما كانت الاجتماعات التي تعقد مع المسؤولين اللبنانيين الموجودين في العاصمة الفرنسية هي من أجل "التشاور معهم" ومناقشة آرائهم والإطلاع على تقويمهم للأوضاع، أم من أجل تبليغهم بما تم الاتفاق عليه، في لقاءات الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الأسبوع الفائت في باريس، وبين رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ـ بشكل مفاجئ ـ في نيويورك، وفي الاتصالات الجارية خلف الكواليس مع مسؤولين يخرجون للملأ متبجحين بأنهم هم من رسموا خريطة الوضع الحالي قبل أكثر من سنة (وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم).
ومقابل هذا التساؤل هناك تساؤل آخر حول كيفية تلقي المسؤولين اللبنانيين، رؤساء ووزراء ونواباً وشخصيات سياسية، لما يلقى عليهم، وهل يأتي رد فعلهم في إطار الخضوع أم الموافقة والتأييد، أم في إطار الممانعة ومحاولة التململ، سواء أدى هذا "الاعتراض الداخلي" إلى نتيجة أم لم يؤدِّ، وبالتالي فهل إن "تعدد اللهجات" في التعبير عن المواقف، والتغير في حرارة التصريحات بين الداخل والخارج، وبين عاصمة عربية وأخرى أوروبية، هو نتيجة تنسيق في التعبير بشكل مرن عن موقف واحد وموحد، أم أنه انسياق في أجواء هذا التيار أو ذاك، بما يجعل السياسة اللبنانية كلها في مهب الريح الآتية من هنا وهناك؟
كل هذه الأسئلة تعيش في ذهن المواطن اللبناني الذي ينتظر أن تتوضح الصورة المليئة بالضباب التي تحيط به من كل جانب، والتي يتوقع لها أن تزداد غموضاً خلال الأيام القادمة.
وإذا كان مجلس الوزراء اللبناني تحول إلى آخر من يعلم حول التصريحات والمواقف التي تطلق من قبل المفترض أن يكونوا معبرين عن رأي المجلس وقراراته، فإن المتوقع هو أن تشهد الأيام القادمة جلاءً لكيفية التعاطي مع القضايا الأساسية داخل المجلس، ولا سيما قضايا كمسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ـ بما فيها منطقة مزارع شبعا ـ وتبادل السفارات بين بيروت ودمشق، والاتفاقات التي جرت وتجري حول موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان.
وفي هذا الإطار تأتي "صدفة" وجود رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معاً وفي الوقت نفسه في العاصمة الفرنسية ليجتمعا ويتفقا على رفض السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى إيجاد السبل لنزعه داخلها، مع ما يعنيه ذلك من حل لعقدة أخرى من العقد التي تعترض تطبيق القرار الدولي 1559 بكل تفاصيله.
وفي هذا الإطار أيضاً يأتي الدعم الفرنسي الشامل والكامل للبنان، وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، والذي أعلن عنه أكثر من مسؤول لبناني كبير، مترافقاً مع معلومات سرّبت من باريس تحدثت عن "مبادرة" فرنسية جديدة تهدف إلى تحريك ملف التسوية على المسار اللبناني الإسرائيلي.
ويمكن في هذا المجال إدخال المعلومات ـ والمعلومات المضادة ـ حول "صفقة" سورية أميركية فيما يتعلق بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي المعلومات التي نفتها سوريا مطلقاً، وأتبعتها وزيرة الخارجية الأميركية بالحديث عن تشديد الضغوط على سوريا من ناحية، وبتأكيد رفض استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع "الملف السوري" من ناحية ثانية.
وفي خضم هذه الدوامات التي وجد لبنان نفسه محاطاً بها يبقى الموقف العربي على ما هو معروف عنه، سلبية مطلقة في التعاطي مع التطورات، عبرت عنها التمنيات المصرية بعدم تحريك ملف النظام في سوريا مع ما يعنيه ذلك من خلق بؤرة عدم استقرار أخرى في المنطقة التي تعاني بما فيه الكفاية من "الفوضى الخلاّقة" التي تذرّ بقرنها في العراق وفي لبنان وفي فلسطين، وربما في السعودية وغيرها من دول المنطقة... وصولاً إلى سوريا، دون أن يوحي هذا الاعتراض المصري بوجود أي تغيير في تصورات المخططين.
ولا يخفي القائمون على إشاعة هذه الفوضى هدفهم منها، وهو تأمين الحماية لـ"إسرائيل" وتحقيق الأهداف الأميركية الأوروبية في المنطقة بعيداً عن "البحث عن الحقيقة" أو محاولة تحقيق العدل، وهذا ما عبّر عنه "ناظر القرار 1559" المبعوث الدولي تيري رود لارسن عندما تحدث مباشرة عن سلاح المقاومة في لبنان، معتبراً أن لا مبرر له بعد الآن، بل انه لم يكن له مبرر منذ عام 2000 حين انسحب الصهاينة من القسم الأكبر من جنوب لبنان.
هذا ربما ما دفع رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية سعد الدين الحريري إلى القول ـ بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة ـ إنه يرفض تحويل قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى "قميص عثمان" يمكن من خلاله تحقيق مآرب أخرى غير الوصول إلى الحقيقة.
وإذا كانت هذه الوقفة من الحريري تعبر عن خشية حقيقية لديه من حصول هذا الأمر، فإن هذا ربما يكون انعكاساً لما يسمعه ويشاهده من خيوط ترسم في باريس وغيرها من العواصم العالمية، وتهدف إلى تغيير طبيعة المنطقة بكاملها، وحرف مسارها وإدخالها كاملة في العصر الأميركي الصهيوني.
إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة.. باستخدام "القلم اللبناني".
محمود ريا
في باريس تعقد الاجتماعات، فيختلط "الحابل بالنابل"، ويضيع المراقب في متابعة من اجتمع مع من، ومن استقبل من، ومن ودّع من، ولكن لا يغيب عن باله الهدف الأساسي من هذه الاجتماعات التي تتكاثر يوماً بعد يوم، إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة، أو كما يقول البعض إنه نوع من "سايكس ـ بيكو" جديد، يرسم خطوطه مخرجون ومنتجون ذوو قدرات ضخمة، فيما يلعب الكثيرون دور الكومبارس.
بين الـ1559 والـ1595، والتقريرين اللذين صدر أحدهما وينتظر الآخر، يبدو أن الأمور تشابكت، وأن ما أراده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من "فصل بين مساري" القرارين الدوليين قد بات في خبر كان، نتيجة تداخل معطيات هذا القرار مع ذاك، بحيث بات الوضع يشبه تطبيق عبارة من هذا القرار، ثم كلمة من القرار الآخر.. وهكذا دواليك.
وإذا كان لبنان هو المعني المباشر بالقرارين وما صدر من تقارير حولهما، فإن ما يجري في الاجتماعات المغلقة والمفتوحة يشي بأن ما يجري هو استخدام هذين القرارين كـ"خارطة طريق" للوصول إلى أهداف مشروعٍ ما تُجدل خيوطه ما بين باريس ونيويورك.. وواشنطن.
وفي قلب هذه المعمعة يبدو لبنان موجوداً، على الطاولة بشكل مؤكد، ولكن لا يبدو واضحاً إذا كان موجوداً حول الطاولة، وإذا ما كانت الاجتماعات التي تعقد مع المسؤولين اللبنانيين الموجودين في العاصمة الفرنسية هي من أجل "التشاور معهم" ومناقشة آرائهم والإطلاع على تقويمهم للأوضاع، أم من أجل تبليغهم بما تم الاتفاق عليه، في لقاءات الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الأسبوع الفائت في باريس، وبين رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ـ بشكل مفاجئ ـ في نيويورك، وفي الاتصالات الجارية خلف الكواليس مع مسؤولين يخرجون للملأ متبجحين بأنهم هم من رسموا خريطة الوضع الحالي قبل أكثر من سنة (وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم).
ومقابل هذا التساؤل هناك تساؤل آخر حول كيفية تلقي المسؤولين اللبنانيين، رؤساء ووزراء ونواباً وشخصيات سياسية، لما يلقى عليهم، وهل يأتي رد فعلهم في إطار الخضوع أم الموافقة والتأييد، أم في إطار الممانعة ومحاولة التململ، سواء أدى هذا "الاعتراض الداخلي" إلى نتيجة أم لم يؤدِّ، وبالتالي فهل إن "تعدد اللهجات" في التعبير عن المواقف، والتغير في حرارة التصريحات بين الداخل والخارج، وبين عاصمة عربية وأخرى أوروبية، هو نتيجة تنسيق في التعبير بشكل مرن عن موقف واحد وموحد، أم أنه انسياق في أجواء هذا التيار أو ذاك، بما يجعل السياسة اللبنانية كلها في مهب الريح الآتية من هنا وهناك؟
كل هذه الأسئلة تعيش في ذهن المواطن اللبناني الذي ينتظر أن تتوضح الصورة المليئة بالضباب التي تحيط به من كل جانب، والتي يتوقع لها أن تزداد غموضاً خلال الأيام القادمة.
وإذا كان مجلس الوزراء اللبناني تحول إلى آخر من يعلم حول التصريحات والمواقف التي تطلق من قبل المفترض أن يكونوا معبرين عن رأي المجلس وقراراته، فإن المتوقع هو أن تشهد الأيام القادمة جلاءً لكيفية التعاطي مع القضايا الأساسية داخل المجلس، ولا سيما قضايا كمسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ـ بما فيها منطقة مزارع شبعا ـ وتبادل السفارات بين بيروت ودمشق، والاتفاقات التي جرت وتجري حول موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان.
وفي هذا الإطار تأتي "صدفة" وجود رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معاً وفي الوقت نفسه في العاصمة الفرنسية ليجتمعا ويتفقا على رفض السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى إيجاد السبل لنزعه داخلها، مع ما يعنيه ذلك من حل لعقدة أخرى من العقد التي تعترض تطبيق القرار الدولي 1559 بكل تفاصيله.
وفي هذا الإطار أيضاً يأتي الدعم الفرنسي الشامل والكامل للبنان، وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، والذي أعلن عنه أكثر من مسؤول لبناني كبير، مترافقاً مع معلومات سرّبت من باريس تحدثت عن "مبادرة" فرنسية جديدة تهدف إلى تحريك ملف التسوية على المسار اللبناني الإسرائيلي.
ويمكن في هذا المجال إدخال المعلومات ـ والمعلومات المضادة ـ حول "صفقة" سورية أميركية فيما يتعلق بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي المعلومات التي نفتها سوريا مطلقاً، وأتبعتها وزيرة الخارجية الأميركية بالحديث عن تشديد الضغوط على سوريا من ناحية، وبتأكيد رفض استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع "الملف السوري" من ناحية ثانية.
وفي خضم هذه الدوامات التي وجد لبنان نفسه محاطاً بها يبقى الموقف العربي على ما هو معروف عنه، سلبية مطلقة في التعاطي مع التطورات، عبرت عنها التمنيات المصرية بعدم تحريك ملف النظام في سوريا مع ما يعنيه ذلك من خلق بؤرة عدم استقرار أخرى في المنطقة التي تعاني بما فيه الكفاية من "الفوضى الخلاّقة" التي تذرّ بقرنها في العراق وفي لبنان وفي فلسطين، وربما في السعودية وغيرها من دول المنطقة... وصولاً إلى سوريا، دون أن يوحي هذا الاعتراض المصري بوجود أي تغيير في تصورات المخططين.
ولا يخفي القائمون على إشاعة هذه الفوضى هدفهم منها، وهو تأمين الحماية لـ"إسرائيل" وتحقيق الأهداف الأميركية الأوروبية في المنطقة بعيداً عن "البحث عن الحقيقة" أو محاولة تحقيق العدل، وهذا ما عبّر عنه "ناظر القرار 1559" المبعوث الدولي تيري رود لارسن عندما تحدث مباشرة عن سلاح المقاومة في لبنان، معتبراً أن لا مبرر له بعد الآن، بل انه لم يكن له مبرر منذ عام 2000 حين انسحب الصهاينة من القسم الأكبر من جنوب لبنان.
هذا ربما ما دفع رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية سعد الدين الحريري إلى القول ـ بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة ـ إنه يرفض تحويل قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى "قميص عثمان" يمكن من خلاله تحقيق مآرب أخرى غير الوصول إلى الحقيقة.
وإذا كانت هذه الوقفة من الحريري تعبر عن خشية حقيقية لديه من حصول هذا الأمر، فإن هذا ربما يكون انعكاساً لما يسمعه ويشاهده من خيوط ترسم في باريس وغيرها من العواصم العالمية، وتهدف إلى تغيير طبيعة المنطقة بكاملها، وحرف مسارها وإدخالها كاملة في العصر الأميركي الصهيوني.
إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة.. باستخدام "القلم اللبناني".
محمود ريا
القوات ـ التيار العوني: علاقة جيدة؟
تتكرر الإشارات إلى وجود مشروع لترتيب الأوضاع داخل الطائفة المارونية بشكل يزيل الحدة من العلاقة بين القوتين البارزتين في الطائفة، التيار الوطني الحر وتيار القوات اللبنانية.
ومع حضور قائد القوات سمير جعجع قدّاس التيار الوطني في باريس على نية ضحايا 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وإلقاء القيادي في التيار الوطني جبران باسيل كلمة في بشري ـ معقل القوات كما تسمى ـ جاء تسريب نائب في تكتل الإصلاح والتغيير (العوني) بأن أول لقاء سيعقده لدى عودته إلى لبنان هو مع العماد عون، ليوحي أن الأجواء تسير من حسن إلى أحسن بين الجانبين.
وتأتي هذه الإيحاءات بالرغم من وجود القوات والتيار العوني في طرفين متقابلين على صعيد التحالفات السياسية، حيث يصر القواتيون على الحفاظ على علاقتهم مع تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط، في حين يوجه التيار العوني سهام انتقاداته إلى هذين الطرفين بالذات، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان هذا الإفتراق منسقاً ومدروساً، أم أن الحديث عن التقارب بين التيار العوني وتيار القوات هو مجرد محاولة لتلطيف الأجواء منعاً لحصول الأسوأ.
ومع حضور قائد القوات سمير جعجع قدّاس التيار الوطني في باريس على نية ضحايا 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وإلقاء القيادي في التيار الوطني جبران باسيل كلمة في بشري ـ معقل القوات كما تسمى ـ جاء تسريب نائب في تكتل الإصلاح والتغيير (العوني) بأن أول لقاء سيعقده لدى عودته إلى لبنان هو مع العماد عون، ليوحي أن الأجواء تسير من حسن إلى أحسن بين الجانبين.
وتأتي هذه الإيحاءات بالرغم من وجود القوات والتيار العوني في طرفين متقابلين على صعيد التحالفات السياسية، حيث يصر القواتيون على الحفاظ على علاقتهم مع تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط، في حين يوجه التيار العوني سهام انتقاداته إلى هذين الطرفين بالذات، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان هذا الإفتراق منسقاً ومدروساً، أم أن الحديث عن التقارب بين التيار العوني وتيار القوات هو مجرد محاولة لتلطيف الأجواء منعاً لحصول الأسوأ.
"وحش من الفئة الخامسة"
هل تفعل "ويلما" ما فعلته "كاترينا"، أم تكتفي بما قامت به "ريتا"، وتمر العاصفة دون أن تقتلع رؤوساً باتت جاهزة لـ "القطاف"؟
لم أجد أي تفسير لتسمية الأعاصير التي تجتاح الولايات المتحدة بأسماء نسائية، برغم "تنويع المصادر"، في حين تتحدث وسائل الإعلام في أميركا الجنوبية (فنزويلا والأكوادور) عن "الإعصار الجديد" الذي يجاور المنطقة دون أن تسبغ عليه الإسم الأميركي الناعم.
المهم أن ولاية الشقيق المقرّب جيب بوش مهددة، ولا أحد يدري إن كانت فلوريدا ستعاني من "ويلما" ما عانته ولايات الجنوب الأخرى ـ ولا سيما مدينة نيوأورليانز ـ من "كاترينا".
ولكن إذا حصل ذلك، وعاش "الفلوريدييون" كابوس إخوانهم في الغرب، فهذا يعني أن جورج بوش سيجد نفسه أمام مأزق خطير.
مأزق بوش ينبع من كون إعصار "ويلما" تحول إلى "وحش من الفئة الخامسة" وهي أعلى فئة في تقييم الأعاصير، ويكمن المأزق أيضاً في أن هذه السنة شهدت أكبر عدد من الأعاصير في خليج المكسيك منذ عام 1969.
والمأزق يتجسد في الخسائر الكبرى التي لحقت، والتي يمكن أن تلحق بالمواطنين الأميركيين العاديين، فيما إدارتهم متلهّية عنهم في شن "أعاصير الموت" على العالم، ولا سيما على منطقتنا مكبّدة الأميركيين ـ قبل غيرهم ـ المزيد من الخسائر.
بوش.. على حافة السكّين.
محمود ريا
الخميس، أكتوبر 20، 2005
الثلاثاء، أكتوبر 18، 2005
القوات: هجمة ودية نحو الأكثرية.. وتهجم حاد على "الخصم الخارجي"
تتحرك مسيرة القوات اللبنانية خلال الفترة الماضية باتجاه المزيد من التلاحم مع"الأكثرية" التي كان لها الدور الأكبر في حصولها على مواقع وزارية ونيابية في التشكيلة الجديدة للحكم في لبنان.
ولكن هذا السير المعبَّر عنه بالكثير من الإشارات الإعلامية والسياسية اللافتة لا يستطيع أن يخفي حقيقتين تحاولان الاحتماء بالصورة المفعمة بالحيوية والتفاؤل التي تحاول القوات ترويجها عن نفسها:
الحقيقة الأولى تكمن في عدم قدرة القوات على زحزحة خطابها الحقيقي بعيداً عن الثوابت الأساسية التي قامت عليها والتي تستهوي الجمهور الذي تعمل على إعادة استقطابه بعد تشتته في أكثر من اتجاه، أكثره يميل في مسار مختلف عن المسار الذي تقول القوات إنها تسير فيه.
والحقيقة الثانية تتمثل في عدم نجاح خروج قائد القوات سمير جعجع في خلق صدمة إيجابية للواقع القواتي الداخلي، بما يضمن إزالة الكثير من خطوط الخلل ـ وحتى التداعي ـ التي تظهر في البناء القواتي الذي يرى البعض إنه يواجه خطر الانهيار.
بين إصرار جعجع وزوجته النائب ستريدا على توجيه تهنئتهما الشخصية للمسلمين في لبنان بحلول شهر رمضان المبارك وتشديد كتلة نواب القوات على توجيه التهنئة نفسها في وقت متزامن تقريباً ما يشي بأن هناك رسالة مطلوب أن تصل إلى من يعنيهم الأمر، من الذين يفترض أن يكونوا قد أصبحوا في الضفة نفسها مع القواتيين، بعد أن قضوا فترة طويلة قابعين في الضفة الأخرى.. المعادية.
فالتهنئة موجهة ـ بتميّزها ـ إلى الجمهور المسلم، الذي شارك مع القوات في "انتفاضة 14 آذار"، والذي أدلى بأصواته بكثافة إلى المرشحين القواتيين وأوصلهم إلى ساحة النجمة، حارماً آخرين لم يحظوا بأصوات هذا الجمهور من تحقيق الهدف نفسه.
وبقدر ما تبدو هذه التهنئة "واجبة" فإنها تحمل في طياتها أكثر من الرغبة في توجيه الشكر، لتصل إلى حد التأكيد على البقاء في الخط نفسه مع الأكثرية، وهذا ما عاد جعجع نفسه إلى التعبير عنه في خطابه الذي وجهه إلى القواتيين في أوستراليا والذي تحدث فيه عن رغبة "الخصم" في تفريق الأكثرية وتشتيت وحدتها، مصمماً على منع حصول هذا الأمر.
واختيار لفظة "الخصم" للدلالة على من أوضح كل صفاته في خطابه دليل آخر على تغيّر في اللهجة دون تغيّر في مضمون الكلمات.
فبعد شعار "اعرف عدوك.. السوري عدوك" الذي ساد طوال سنوات الحرب والسنوات التي تلتها، تأتي لفظة الخصم مخففة للتعبير عن الطرف نفسه الذي لم يترك صفة سيئة أو نية مؤامرتية إلا وألصقها به.
هذه المعادلة: "تخفيف اللهجة والتمسك بالثوابت" برزت بشكل أكبر وأكثر وضوحاً خلال التوجه إلى الأكثرية نفسها التي تمنى جعجع البقاء معها من أجل "تضميد جراحنا وجراح الوطن وترسيخ إيماننا بلبنان معافى آمنا واحدا سيدا حرا مستقلا"، كما جاء في بيان التهنئة بشهر رمضان المبارك الصادر عن جعجع وزوجته.
إلا أن هذا التمسك بالثوابت جاء من طرف آخر غير جعجع، إنه النائب جورج عدوان الذي كان يتحدث على طريقة "يا قاتل يا مقتول" عندما طُرح موضوع رئاسة الجمهورية، مشدداً على "أننا نحن (المسيحيين) من يملك الكلمة الرئيسية في اختيار رئيس الجمهورية، وللآخرين دور في الموافقة على هذا الاختيار".
هذا الموقف "المتشدد" ـ والذي ينبع من صلب فكر القوات ونظرتها إلى لبنان ـ أثار صدمة الفريق المتحالف مع القوات قبل أن يصدم الفريق الذي يعاديها أو على الأقل يقف على مسافة منها، دون أن تنفع بعض المحاولات التي بذلت من أجل التنبيه إلى أن عدوان لا يمثل الرأي القواتي بكل نقائه، وأن اختياره نائباً عن القوات لم يدخله في قلب البوتقة القواتية بالرغم من رضا سمير جعجع الكامل عنه.
وهنا تبرز الحقيقة الثانية حول بقاء الداخل القواتي على هشاشته بالرغم من خروج جعجع منذ أشهر من السجن.
وفي حين تتناقض المعلومات عن موعد عودة قائد القوات من "منفاه الصحي والأمني.. والسياسي" في الخارج، بين "تأكيدات" عن العودة القريبة جداً والشائعات أن لا عودة نهائياً إلى لبنان، فإن ما يتسرب عن خلافات قواتية مستفحلة أمر لم تعد محاولات منع الإعلام ـ بالتمني ـ من نشر أخباره تفلح في كتمانه.
وتتعدد هذه الخلافات وتتنوع ويدخل فيها أطراف ويخرج منها أطراف بشكل يجعل عملية رتق ما انفتق عصيّة على أمهر "الخياطين" حتى ولو كان تعلم الصبر في السجن أكثر من أحد عشر عاماً.
وهكذا تبدو سياسة الهجمة الودية نحو "الأكثرية" والهجوم الحاد نحو "الخصم الخارجي"، والتي يستخدم فيها الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بشكل فعّال ومكثف، الوسيلة القواتية الأنسب لتمرير هذه المرحلة، عسى أن يأتي ما يبلسم جروح الداخل، ويسمح لحقيقة الموقف القواتي بالظهور.. دون "رتوش".
محمود ريا
ولكن هذا السير المعبَّر عنه بالكثير من الإشارات الإعلامية والسياسية اللافتة لا يستطيع أن يخفي حقيقتين تحاولان الاحتماء بالصورة المفعمة بالحيوية والتفاؤل التي تحاول القوات ترويجها عن نفسها:
الحقيقة الأولى تكمن في عدم قدرة القوات على زحزحة خطابها الحقيقي بعيداً عن الثوابت الأساسية التي قامت عليها والتي تستهوي الجمهور الذي تعمل على إعادة استقطابه بعد تشتته في أكثر من اتجاه، أكثره يميل في مسار مختلف عن المسار الذي تقول القوات إنها تسير فيه.
والحقيقة الثانية تتمثل في عدم نجاح خروج قائد القوات سمير جعجع في خلق صدمة إيجابية للواقع القواتي الداخلي، بما يضمن إزالة الكثير من خطوط الخلل ـ وحتى التداعي ـ التي تظهر في البناء القواتي الذي يرى البعض إنه يواجه خطر الانهيار.
بين إصرار جعجع وزوجته النائب ستريدا على توجيه تهنئتهما الشخصية للمسلمين في لبنان بحلول شهر رمضان المبارك وتشديد كتلة نواب القوات على توجيه التهنئة نفسها في وقت متزامن تقريباً ما يشي بأن هناك رسالة مطلوب أن تصل إلى من يعنيهم الأمر، من الذين يفترض أن يكونوا قد أصبحوا في الضفة نفسها مع القواتيين، بعد أن قضوا فترة طويلة قابعين في الضفة الأخرى.. المعادية.
فالتهنئة موجهة ـ بتميّزها ـ إلى الجمهور المسلم، الذي شارك مع القوات في "انتفاضة 14 آذار"، والذي أدلى بأصواته بكثافة إلى المرشحين القواتيين وأوصلهم إلى ساحة النجمة، حارماً آخرين لم يحظوا بأصوات هذا الجمهور من تحقيق الهدف نفسه.
وبقدر ما تبدو هذه التهنئة "واجبة" فإنها تحمل في طياتها أكثر من الرغبة في توجيه الشكر، لتصل إلى حد التأكيد على البقاء في الخط نفسه مع الأكثرية، وهذا ما عاد جعجع نفسه إلى التعبير عنه في خطابه الذي وجهه إلى القواتيين في أوستراليا والذي تحدث فيه عن رغبة "الخصم" في تفريق الأكثرية وتشتيت وحدتها، مصمماً على منع حصول هذا الأمر.
واختيار لفظة "الخصم" للدلالة على من أوضح كل صفاته في خطابه دليل آخر على تغيّر في اللهجة دون تغيّر في مضمون الكلمات.
فبعد شعار "اعرف عدوك.. السوري عدوك" الذي ساد طوال سنوات الحرب والسنوات التي تلتها، تأتي لفظة الخصم مخففة للتعبير عن الطرف نفسه الذي لم يترك صفة سيئة أو نية مؤامرتية إلا وألصقها به.
هذه المعادلة: "تخفيف اللهجة والتمسك بالثوابت" برزت بشكل أكبر وأكثر وضوحاً خلال التوجه إلى الأكثرية نفسها التي تمنى جعجع البقاء معها من أجل "تضميد جراحنا وجراح الوطن وترسيخ إيماننا بلبنان معافى آمنا واحدا سيدا حرا مستقلا"، كما جاء في بيان التهنئة بشهر رمضان المبارك الصادر عن جعجع وزوجته.
إلا أن هذا التمسك بالثوابت جاء من طرف آخر غير جعجع، إنه النائب جورج عدوان الذي كان يتحدث على طريقة "يا قاتل يا مقتول" عندما طُرح موضوع رئاسة الجمهورية، مشدداً على "أننا نحن (المسيحيين) من يملك الكلمة الرئيسية في اختيار رئيس الجمهورية، وللآخرين دور في الموافقة على هذا الاختيار".
هذا الموقف "المتشدد" ـ والذي ينبع من صلب فكر القوات ونظرتها إلى لبنان ـ أثار صدمة الفريق المتحالف مع القوات قبل أن يصدم الفريق الذي يعاديها أو على الأقل يقف على مسافة منها، دون أن تنفع بعض المحاولات التي بذلت من أجل التنبيه إلى أن عدوان لا يمثل الرأي القواتي بكل نقائه، وأن اختياره نائباً عن القوات لم يدخله في قلب البوتقة القواتية بالرغم من رضا سمير جعجع الكامل عنه.
وهنا تبرز الحقيقة الثانية حول بقاء الداخل القواتي على هشاشته بالرغم من خروج جعجع منذ أشهر من السجن.
وفي حين تتناقض المعلومات عن موعد عودة قائد القوات من "منفاه الصحي والأمني.. والسياسي" في الخارج، بين "تأكيدات" عن العودة القريبة جداً والشائعات أن لا عودة نهائياً إلى لبنان، فإن ما يتسرب عن خلافات قواتية مستفحلة أمر لم تعد محاولات منع الإعلام ـ بالتمني ـ من نشر أخباره تفلح في كتمانه.
وتتعدد هذه الخلافات وتتنوع ويدخل فيها أطراف ويخرج منها أطراف بشكل يجعل عملية رتق ما انفتق عصيّة على أمهر "الخياطين" حتى ولو كان تعلم الصبر في السجن أكثر من أحد عشر عاماً.
وهكذا تبدو سياسة الهجمة الودية نحو "الأكثرية" والهجوم الحاد نحو "الخصم الخارجي"، والتي يستخدم فيها الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بشكل فعّال ومكثف، الوسيلة القواتية الأنسب لتمرير هذه المرحلة، عسى أن يأتي ما يبلسم جروح الداخل، ويسمح لحقيقة الموقف القواتي بالظهور.. دون "رتوش".
محمود ريا
إنفلونزا العقاب
قد يكون الهمّ اللبناني من انفلونزا الطيور كبيراً جداً، ولكن ماذا عن همّ العالم؟
بعض الأرقام التي توردها وكالات الأنباء ـ وفيها توقعات حول عدد الضحايا الذين يمكن أن يقعوا إذا ضرب المرض هذا البلد أو ذاك ـ يثير الرعب، ويفتح المجال للسؤال عن أي كارثة تنتظر البشر عند هذا المفترق، وما هي الكارثة الأخرى التي تختبئ له عند المفترق التالي، وكم من البلايا تنتظر الإنسانية في مسار حياتها الذي اختطته لنفسها، والذي لا يمكن أن يقودها إلا إلى.. المجهول.
ليس أنفلونزا الطيور مجرد مرض، إنه إفراز لأسلوب عيش، ونتيجة لمقدمات صنعها الإنسان بيديه، دون أن يدري إنه يرسم حول نفسه شرنقة من مصائب يصعب الخروج منها.
قد يكون الحديث عن "العقاب" خارج إطار البحث هنا ـ لأن له المولجين به ـ ولكن لا يمكن أن يغيب عن البال أن الخطر بدأ يقترب، وهو لم يعد يستهدف الإنسان بإرادته (الإيدز.. وغيره من الأمراض "الاختيارية") وإنما تحول إلى موجات وبائية تطال الجميع، وهو ما يذكر بحديث عن ضرورة قيام العقلاء بمنع المجانين والخاطئين من خرق القوانين، وإلا فإن "الغضب" سيعمّ الجميع دون تمييز.
أنفلونزا الطيور؟
ما هو العقاب التالي؟
محمود ريا
بعض الأرقام التي توردها وكالات الأنباء ـ وفيها توقعات حول عدد الضحايا الذين يمكن أن يقعوا إذا ضرب المرض هذا البلد أو ذاك ـ يثير الرعب، ويفتح المجال للسؤال عن أي كارثة تنتظر البشر عند هذا المفترق، وما هي الكارثة الأخرى التي تختبئ له عند المفترق التالي، وكم من البلايا تنتظر الإنسانية في مسار حياتها الذي اختطته لنفسها، والذي لا يمكن أن يقودها إلا إلى.. المجهول.
ليس أنفلونزا الطيور مجرد مرض، إنه إفراز لأسلوب عيش، ونتيجة لمقدمات صنعها الإنسان بيديه، دون أن يدري إنه يرسم حول نفسه شرنقة من مصائب يصعب الخروج منها.
قد يكون الحديث عن "العقاب" خارج إطار البحث هنا ـ لأن له المولجين به ـ ولكن لا يمكن أن يغيب عن البال أن الخطر بدأ يقترب، وهو لم يعد يستهدف الإنسان بإرادته (الإيدز.. وغيره من الأمراض "الاختيارية") وإنما تحول إلى موجات وبائية تطال الجميع، وهو ما يذكر بحديث عن ضرورة قيام العقلاء بمنع المجانين والخاطئين من خرق القوانين، وإلا فإن "الغضب" سيعمّ الجميع دون تمييز.
أنفلونزا الطيور؟
ما هو العقاب التالي؟
محمود ريا
الاثنين، أكتوبر 10، 2005
أميركا وسوريا: لهجة مختلفة؟
هل هناك لهجة أميركية جديدة باتجاه سوريا، وهل أن التصعيد في الخطاب الأميركي ضد دمشق في العلن يخفي مراجعة أميركية سرية للعلاقة بين البلدين؟
إزاء الحديث عما تتوقعه دمشق من تقرير ميليس وتصريحات المسؤولين الأميركيين التي تعتبر أن سوريا "لا ترد" على النداءات الأميركية" وان دمشق تسير في مسار صعب، برز ما أوردته مجلة نيوزويك الأميركية أمس الأحد، والتي نقلت عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية طلب عدم ذكر اسمه قوله، ان الضغط الاميركي على النظام السوري ، قد لا يكون ناجعاً ولن يؤدي الا الى "بسط التطرف في البلاد".
والأكثر أهمية هو ما رأته مجلة نيوزويك نفسها ـ وهي تلعب دوراً مؤثراً في السياسة الأميركية ـ حيث اعتبرت أن رفض واشنطن الاعتراف بأن سوريا تعاونت معها في مجال مكافحة المتطرفين فإنها "حرمت نفسها الحصول على معلومات "حيوية"، في رأي المجلة التي ذكرت ان تعاون سوريا في السنوات الاخيرة اتاح للولايات المتحدة ان تتدارك هجمات على اهداف اميركية منها هجوم على القاعدة البحرية الاميركية في البحرين".
فهل هناك نية أميركية حقيقية بمراجعة العلاقة مع دمشق؟
لندع الأيام تجيب.
إزاء الحديث عما تتوقعه دمشق من تقرير ميليس وتصريحات المسؤولين الأميركيين التي تعتبر أن سوريا "لا ترد" على النداءات الأميركية" وان دمشق تسير في مسار صعب، برز ما أوردته مجلة نيوزويك الأميركية أمس الأحد، والتي نقلت عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية طلب عدم ذكر اسمه قوله، ان الضغط الاميركي على النظام السوري ، قد لا يكون ناجعاً ولن يؤدي الا الى "بسط التطرف في البلاد".
والأكثر أهمية هو ما رأته مجلة نيوزويك نفسها ـ وهي تلعب دوراً مؤثراً في السياسة الأميركية ـ حيث اعتبرت أن رفض واشنطن الاعتراف بأن سوريا تعاونت معها في مجال مكافحة المتطرفين فإنها "حرمت نفسها الحصول على معلومات "حيوية"، في رأي المجلة التي ذكرت ان تعاون سوريا في السنوات الاخيرة اتاح للولايات المتحدة ان تتدارك هجمات على اهداف اميركية منها هجوم على القاعدة البحرية الاميركية في البحرين".
فهل هناك نية أميركية حقيقية بمراجعة العلاقة مع دمشق؟
لندع الأيام تجيب.
الأحد، أكتوبر 09، 2005
موساد.. وجرائم منسيّة
مر خبر كشف الموساد الصهيوني مسؤوليته بشكل رسمي عن اغتيال الشاعر الفلسطيني الكبير غسان كنفاني في بداية السبعينات دون أن يتوقف عنده أحد، في حين أن دلالات إطلاقه في هذا الوقت بالذات تتعدى مسألة "اكتشاف" جريمة جديدة للموساد الصهيوني، لتصل إلى حد النظر بدقة في الجرائم التي تحصل في أكثر من مكان من عالمنا العربي، سواء في لبنان أو في العراق أو في أماكن أخرى.
صحيفة يديعوت أحرونوت التي وزعت الخبر نقلاً عن مسؤولين سابقين في الموساد قالت إن عمليات أخرى عديدة نفذها الموساد ولم يعلن مسؤوليته عنها.
خبر برسم الذين يستبعدون اليد الصهيونية عن الإخلال بالأمن الذي يشهده لبنان.
صحيفة يديعوت أحرونوت التي وزعت الخبر نقلاً عن مسؤولين سابقين في الموساد قالت إن عمليات أخرى عديدة نفذها الموساد ولم يعلن مسؤوليته عنها.
خبر برسم الذين يستبعدون اليد الصهيونية عن الإخلال بالأمن الذي يشهده لبنان.
السبت، أكتوبر 08، 2005
صحافة الكويت مرة أخرى: الدعوة إلى علاقات"طبيعية" مع "إسرائيل"
كتبت قبل فترة (18 أيلول2005)عن الصحافة الكويتية ودورها في الحملة التي تشن على التوجه العربي في لبنان وسعيها إلى دعم وتأييد وجهة النظر المرتبطة بالغرب وبشكل ما بالكيان الصهيوني.
وتحدثت بشكل أساسي عن احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية والذي يمثل رأس حربة المنقضين على لبنان وعلى عروبته وعلى علاقته السويّة مع سوريا.
اليوم يطلع علينا الجار الله نفسه بدعوة لعلاقات طبيعية وكاملة مع العدو الصهيوني.
لا تحتاج المسألة لدليل.
الذين يروجون لمعلومات تستهدف العلاقة بين لبنان وسوريا ويعملون لتغليب النهج الانعزالي في لبنان يروجون لإنهاء حال المقاطعة مع العدو الصهيوني.
فهل يفهم الذين ما زالوا يعتقدون أن تغيير توجه لبنان يخدمهم وأن ثورة الأرز (ثورة الحمّص كما يسميها الدكتور أسعد أبو خليل) هي جزء من منظومة إدخال إسرائيل إلى كل بيت في لبنان والمنطقة؟
وتحدثت بشكل أساسي عن احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية والذي يمثل رأس حربة المنقضين على لبنان وعلى عروبته وعلى علاقته السويّة مع سوريا.
اليوم يطلع علينا الجار الله نفسه بدعوة لعلاقات طبيعية وكاملة مع العدو الصهيوني.
لا تحتاج المسألة لدليل.
الذين يروجون لمعلومات تستهدف العلاقة بين لبنان وسوريا ويعملون لتغليب النهج الانعزالي في لبنان يروجون لإنهاء حال المقاطعة مع العدو الصهيوني.
فهل يفهم الذين ما زالوا يعتقدون أن تغيير توجه لبنان يخدمهم وأن ثورة الأرز (ثورة الحمّص كما يسميها الدكتور أسعد أبو خليل) هي جزء من منظومة إدخال إسرائيل إلى كل بيت في لبنان والمنطقة؟
الخسائر الأميركية.. كوارث
يثير التقرير الذي يتحدث عن حجم الخسائر الأميركية المادية والبشرية في العراق والذي نشره موقع "تقرير واشنطن" (8/10/2005) في نفوس المطلعين عليه أكثر من سؤال حول مدى معرفة الأميركيين للكارثة التي ساقها الرئيس جورج بوش عليهم والتي يمكن أن تؤدي إلى تراجع قدراتهم وبالتالي فقدانهم موقع القوة الوحيدة في العالم.
إن المعلومات التي نشرها التقرير توضح بما لا يبقي مجالاً للشك أن تكاليف الحرب الأميركية على العراق باتت فوق احتمال المواطن الأميركي الذي تكلف أكثر من مئتي مليار دولار وأكثر من ألف وخمسمئة قتيل حتى الآن و"الحبل على الجرار".
أعجبني بالمناسبة العداد الذي صممه أحد المواقع المختصة بمتابعة حجم الخسائر التي يتعرض لها الأميركيون في العراق، وقد "استعرته" وثبته في المدونة الخاصة بي من أجل إطلاع الزوار على كيفية تصاعد هذه الخسائر لحظة بلحظة، فأرجو أن "تسمتعوا به"!!
إن المعلومات التي نشرها التقرير توضح بما لا يبقي مجالاً للشك أن تكاليف الحرب الأميركية على العراق باتت فوق احتمال المواطن الأميركي الذي تكلف أكثر من مئتي مليار دولار وأكثر من ألف وخمسمئة قتيل حتى الآن و"الحبل على الجرار".
أعجبني بالمناسبة العداد الذي صممه أحد المواقع المختصة بمتابعة حجم الخسائر التي يتعرض لها الأميركيون في العراق، وقد "استعرته" وثبته في المدونة الخاصة بي من أجل إطلاع الزوار على كيفية تصاعد هذه الخسائر لحظة بلحظة، فأرجو أن "تسمتعوا به"!!
الخميس، أكتوبر 06، 2005
عمار يعري ملتقطي الفرص
جاءت الكلمة التي ألقاها النائب علي عمار في مجلس النواب اللبناني اليوم خلال جلسة مناقشة السياسة الأمنية للحكومة بمثابة شربة ماء باردة على قلوب الذين كانوا مجبرين على اللهاث في صحراء القحط السياسي اللبناني الذي عبرت عنه كلمات معظم النواب الذي تحدثوا في الجلسة والذين جعلوا من الهجوم على سوريا وعلى الفلسطينيين ديدنهم متناسين العدو الصهيوني وجرائمه بحق اللبنانيين ومحيدين إياه من لائحة أعداء لبنان ومركزين مكانه على رأس هذه اللائحة سوريا والفلسطينيين.
لقد تحدث عمار بكل شفافية وصدق وبشكل مرتجل دون أن يكون هناك أي تحضير، فخرجت كلماته من القلب لتصف حرقة تشتعل في قلوب اللبنانيين الذي باتوا يرون منبر مجلسهم النيابي يتحول إلى مرتع للحاقدين والمتسلقين والمتلونين والمتقلبين والراغبين بتحقيق الشهرة واستجداء الجماهيرية والبحث عن لقطات فوتوجينيك في الإعلام اللبناني الذي بات بدوره يلعب دور رأس الحربة في محاربة عروبة لبنان ووطنيته ورفضه للهيمنة الأميركية والصهيونية.
كانت كلمة علي عمار صرخة من القلب، صرخة تعبر عما يجول في خاطر الكثيرين من أبناء الشعوب اللبنانية والسورية والفلسطينية والذين لم يعد يدهشهم صراخ الصارخين واتهامات المتهمين، إذ أنهم يعلمون أن جزءاً كبيراً من هذا الصراخ صنعت نبرته في البيت الأبيض الأميركي ووضعت اللمسات الأخيرة عليه عند "الأم الحنون" فرنسا.
إنها صرخة في محلها، أعادت التذكير بأن لبنان ليس مسرحاً للمتنكرين لعروبتهم ولا مرتعاً للذين ينكرون أصلاً عروبة لبنان، بل هو مهد المقاومة الشريفة من اجل المحافظة على القيم التي صنعها اللبنانيون بدمائهم فتحولت انتصاراً وتحريراً لجنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني الغاشم.
وفيما يلي نص تقريبي لكلمة النائب عمار، أما وقائع الجلسة كاملة فيمكن الاطلاع عليها من الرابط التالي.
قال النائب علي عمار: ادركني هاتف أخرجني من رقادي واجلسني امام لوحة ما نشهد في وطننا العزيز، حققت في لب هذه اللوحة باحثا عن كل شيء عن ألم، عن أمل، عن ايمان، عن كفر، عن حلو، عن مر، عن كل التناقضات في الحياة واذا بي ارى في لب هذه اللوحة لبنان ومن حوله أنياب تتناتشه بمعايير وموازين مختلفة منها ما هو دولي ومنها ما هو اقليمي وما هو محلي. لماذا استبدلنا لغة الحوار الوطني بثقافة المناحرة على حساب جسد الوطن والامة. هل فينا من يجرؤ ان يصرح بانتقاص بلبنانية آخر فينا، الحكومة هي حكومتنا وهذا المجلس هو مجلسنا ورئيس الجمهورية هو رئيسنا، ما دام هناك عائق امام فك الاشتباك السياسي الذي هو حق للجميع في التعبير عن الموقف. ولكن علينا ونحن في معمعة هذا السجال في الملف الامني ان نستحضر الامور برؤية واضحة بعيدة عن ثقافة المشاكسة، لماذا لا نشيح في هذه المرحلة بوجوهنا عن لغة المناحرة ونحن نستهدف على مستوى الجسد العام بكل السهام.
فالامن له هوية سياسية، ولا يمكن ان نتحدث عن الامن من دون استحضار هوية سياسية كان ثمنها دماء عزيزة هي دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، هذه الهوية، هي عروبة لبنان، علاقات مميزة مع سوريا، حماية المقاومة، تشخيص العدو من الصديق، سد كل آفاق التسلل الاجنبي الذي يستهدف مقومات هذا الوطن. فما رأيكم ببناء سور، كسور الصين على الحدود اللبنانية السورية، لعل البعض يرتاح في هذا الوطن وننتهي من هذه المشكلة العظمى، بحيث أننا نتنكر للجغرافيا والتاريخ وننطلق في لبناننا لنحوله منصة انطلاق ضد بلد عربي في ظل وضع تتزاحم به كل قوى الاستكبار والكفر العالمي الذين لا يريدون خيرا لهذا الوطن.
للاسف الشديد، فلبنان افتقد للغة العروبة في هذه الايام، لم اسمع كلاما واحدا يشير الى العدو الاسرائيلي من اول الجلسة حتى الآن، فمن كان له ازمة مع النظام السوري فأزمته لا تحل عبر تحويل لبنان الى منصة للانقضاض على سوريا، ومن له أزمة لها علاقة بعقدة نفسية حيال فلسطين لا تحل باستبدال الفلسطيني واحلاله عدوا مكان العدو الاسرائيلي.
أضاف: انسينا دور دين براون ونظريات كيسنجر وترشيح مخايل الضاهر والا الفوضى، كيف يمكننا ان نتصور ان يتحول العدو الاول للانسان الى صديقا، مساعدا، حريصا على امننا وسيادتنا وحريتنا، من أراد ان يعرف المسؤولية فليستحضر شظايا الاطفال والنساء والشيوخ تحت خيمة الشرعية الدولية في قانا، وليستحضر شهداء النبطية الفوقا والمنصوري، نحن جزء من هذه الحكومة وتاليا نحن جزء من المسؤولية فيها، ولكن الجميع مسؤول، الحكومة مسؤولة والمجلس النيابي ايضا مسؤول على مستوى خطابه السياسي وعلينا ان نستحضر جميعا من خلال ساحة التشريع هذه مسؤولية الوكالة التي اوكلنا الناس اياها في بلوغ هذا المكان. يتحدثون عن التهريب أيهرب سلاح؟ المخيمات ليست في حاجة الى سلاح او رجال ما يهرب ، هو مادة المازوت، لان الامن الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي اصبح في الارض. ما يهرب من سوريا، غاز، دواء مازوت، مواد غذائية. من يهرب فليكمش ويحاكم، أما ان نحول مسار البلد وهوية البلد بهذا الشكل وبهذه الضوضاء السياسية، فحرام. الامن مسؤولية الجميع، ونحن لا نستحضر الامن الا في وجه السوري والفلسطيني، ففي الاسبوع الماضي خطف ثلاثة رعاة لبنانيين ولم يحرك احد ساكن. الطائرات الاسرائيلية تخرق الاجواء اللبنانية يوميا، فهل هذا لا يمس بالامن اللبناني. وأنا ادعوكم بما أمثل، بلسان الاخوة والمواطنية الى الحفاظ على لبنان بما هو رسالة كما نصت وثيقة السينودس.
المطلوب قائد لأميركا
عندما يطالب الكاتب ذو الشهرة العالمية نعوم تشومسكي بقائد لأميركا، فإنه يؤكد بوضوح أن هناك من بات ينظر إلى الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش على أنه مجرد عالة على الحكم في اشنطن، أو أنه عقبة في طريق تقدم الولايات المتحدة.
يعدد تشومسكي في مقاله سلسلة من الأخطاء القاتلة وقعت فيها ـ أو ارتكبتها ـ إدارة بوش وأدت إلى الكارثة التي شهدتها مدينة نيو أورليانز نتيجة إعصار كاترينا المدمر.
وإذا كان معظم ما يقوله تشومسكي بات معروفاً،فإن مجرد تكراره من قبل كاتب كبير ومعروف مثل نعوم تشومسكي يعطيه مصداقية أكبر ويجعله يصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس الذين قد تغيب عنهم بعض الحقائق، فيأتي أشخاص مثل تشومسكي ليثبوها في أذهانهم.
مقال جدير بالقراءة والتأمل ويشير إلى أن هناك شيئاً ما يتفاعل داخل الولايات المتحدة احتجاجاً على جملة الورطات التي أدخلت إدارة بوش البلاد فيها، وليس أقلها غزو أفغانستان والعراق، وليست التظاهرات المناهضة للحرب على العراق والتي سارت في شوارع العديد من المدن الأميركية بعيدة عنا.
الاثنين، أكتوبر 03، 2005
ميلس ليس قديساً، ولجنته ليست امرأة القيصر
أعجبتني الرسالة التي وجههاالصحافي الكبير طلال سلمان في صحيفة السفير اليوم الاثنين إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي كشف فيها بعض المعلومات ووضع نقاطاً على الحروف في مدى ترفع اللجنة عن النقد وارتفاع رئيسها عن ارتكاب الأخطاء
المقال يستحق أن يقرأ
المقال يستحق أن يقرأ
الأحد، أكتوبر 02، 2005
زوجتي وأوبرا وينفري والمرأة الأميركية
عندما قرأت زوجتي المجازة في الحقوق ما كتبته في المحطةالسابقة عن أوبرا وينفري والمرأة الأميركية انتقدتني بشدة واعتبرت أنني كنت متساهلاً جداً في الحديث عن وضع المرأة الأميركية، مصرة على أن وضع المرأة العربية والمسلمة يبقى أفضل بكثير من الوضع الذي تعيشه المرأة الأميركية، مستندة في هذا الحكم على قراءاتها السابقة وعلى ما قرأته في "تقرير واشنطن".
وقد أرسلت زوجتي تعليقاً على التقرير الذي نشره موقع "تقرير واشنطن".
وها أنذا أنشر التعليق.. دون تعليق:
"قد لا يصدم تقرير من هذا النوع من يتابع بعضاً من حالات المجتمع الغربي ومدى التفلّت من كثير من القيم الأخلاقية والتي هي بدورها تودي إلى التفلت من القيم الإنسانية..ولا يزال المجتمع العربي برغم كل ما يقال عنه بالنسبة لتحرير المرأة من العنف الذي تعيشه أهون بكثير من تلك المجتمعات التي لا تصل أخبارها إلى الكثيرين..
إن المسألة تبدو وكما أشار بداية التقرير تسليط الأضواء على مناطق الضعف في المجتمع العربي، في الوقت الذي ما زال هذا المجتمع محافظاً على كثير من المبادىء والأخلاق التي تمنع حدوث الجرائم الفظيعة المشار إليها في التقرير وإذا حدثت فهي بنسب لا تقاس
أرجو أن تعي المراة بشكل عام والعربية بشكل خاص خطورة الديمقراطية الأميركية وتعي مكانتها ودورها."
انتهى تعليق زوجتي.. ولكن الحديث في هذا الموضوع لا ينتهي
وقد أرسلت زوجتي تعليقاً على التقرير الذي نشره موقع "تقرير واشنطن".
وها أنذا أنشر التعليق.. دون تعليق:
"قد لا يصدم تقرير من هذا النوع من يتابع بعضاً من حالات المجتمع الغربي ومدى التفلّت من كثير من القيم الأخلاقية والتي هي بدورها تودي إلى التفلت من القيم الإنسانية..ولا يزال المجتمع العربي برغم كل ما يقال عنه بالنسبة لتحرير المرأة من العنف الذي تعيشه أهون بكثير من تلك المجتمعات التي لا تصل أخبارها إلى الكثيرين..
إن المسألة تبدو وكما أشار بداية التقرير تسليط الأضواء على مناطق الضعف في المجتمع العربي، في الوقت الذي ما زال هذا المجتمع محافظاً على كثير من المبادىء والأخلاق التي تمنع حدوث الجرائم الفظيعة المشار إليها في التقرير وإذا حدثت فهي بنسب لا تقاس
أرجو أن تعي المراة بشكل عام والعربية بشكل خاص خطورة الديمقراطية الأميركية وتعي مكانتها ودورها."
انتهى تعليق زوجتي.. ولكن الحديث في هذا الموضوع لا ينتهي
أوبرا وينفري والمرأة الأميركية
لا بد لي من الاعتراف أنني من المعجبين ببرنامج المذيعة الأميركية المشهورة أوبرا وينفري، وإعجابي نابع بصراحة من إعجاب بشخص آخر، هو أستاذ المعهد الذي كنت أدرس فيه اللغة الإنكليزية، حيث نصحنا ـ نحن طلابه الذين أحبهم وأحبوه ـ بمتابعة برنامج أوبرا لأنه يفيد جداً في تعلم اللكنة الأميركية وطريقة الكلام.
إلا أن إعجابي ببرامج "النجمة السمراء" خدشه ما قرأته من افتخار بكونها أميركية وتعيش على الأرض الأميركية، وخصوصاً أنها كانت بذلك تعلق على حدث عربي بامتياز من خلال محاولتها الإيحاء بأن المرأة الأميركية تعيش حياة سعيدة وسط احترام كامل لحقوقها.
إلا أن التقرير الذي نشره "تقرير واشنطن" في عدده السادس والعشرين يوضح حقيقة وضع المرأة الأميركية ويظهر أنها لا تحتلف في معاناتها عن كثير من نساء العالم.. وهذا يظهر بوضوح أن الكثير مما يروج له حول الديموقراطية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة ليس في حقيقته سوى بروباغندا إعلامية، وأن ما تحاول واشنطن نشره في العالم ليس سوى بضاعة فاسدة.
أرجو أن تتمتعوا بقراءة التقرير حول وضع المرأة الأميركية ففيه الكثير من المعلومات المفيدة.
الجمعة، سبتمبر 30، 2005
ننتظر أصحاب الثياب البيض
أشاوس الأف بي آي عند التحقيق باغتيال الصحافي سمير قصير
.. وعند التحقيق بمحاولة اغتيال الإعلامية مي الشدياق
______________________________________________
تخلى "أشاوس الـ"أف بي آي" عن جزء من ثوبهم الأبيض الناصع الذي ميّزهم يوم نزولهم الأول على الأرض إثر اغتيال الصحافي سمير قصير قبل أشهر، واكتفوا هذه المرة بثياب غير مستفزّة ولا مميزة يوم نزلوا على الأرض لالتقاط الأدلة في جريمة محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق.
لم نعرف إذا ما كان تغيير شكل اللباس إشارة إلى تغير الجهة التي يتبعها هؤلاء "المهنيون" في العمل الأمني، أم أنه مجرد محاولة لعدم إثارة مشاعر الاستياء التي غمرت معظم اللبنانيين يوم شاهدوا تلك الصورة التي تظهر "أصحاب الثياب البيض" وهم يحاولون الإيحاء بأنهم يمدون اليد البيضاء إلى اللبنانيين من أجل مساعدتهم على تجاوز محنتهم.
اليوم ينزلون مرة أخرى دون أن يعرف أحد ماذا فعلوا في المرة السابقة، ودون أن تظهر نتائج "مساعدتهم القيّمة" في تحديد كيفية حصول التفجير و"التفاصيل التقنية" للعملية الإجرامية التي استهدفت الجسم الصحافي.
فهل سيكون حظهم أفضل هذه المرة؟
وهل سيكون الإنجاز الذي سيحققونه أثمن من الثمن الذي سندفعه نتيجة انتهاك "السيادة والحرية والاستقلال"، هذا الانتهاك الذي يتمثل في قيام فريق أجنبي بالتحقيق في جريمة استهدفت إعلامية لبنانية بارزة لم يتمكن الأمن اللبناني من حمايتها، كما لم يستطع الوصول ولو إلى رأس خيط رفيع يقود إلى مستهدفيها؟
لننتظر أصحاب الثياب البيض، والنيات التي ليست كذلك حتماً.
محمود ريا
الخميس، سبتمبر 29، 2005
هل دخلنا في مرحلة انهيار الهيكل على بوش؟
أم أن اتهام حليف رئيسي له بجمع تبرعات غير مشروعة هو مجرد تعبير عن الحيوية السياسية في المجتمع الأميركي، حيث لا يمكن للفساد أن يتسرب؟
أنا أرى في هذه الخطوة إهانة شديدة لبوش فيما هو يعاني أصلاً من الكثير من الإهانات التي تعرض لها مؤخراً ابتداء من الوضع في العراق وصولاً إلى "الآنستين كاترينا وريتا" اللتين رميتا بثقلهما من اجل إذلاله.
"نعيش ونشوف"
محمود
أم أن اتهام حليف رئيسي له بجمع تبرعات غير مشروعة هو مجرد تعبير عن الحيوية السياسية في المجتمع الأميركي، حيث لا يمكن للفساد أن يتسرب؟
أنا أرى في هذه الخطوة إهانة شديدة لبوش فيما هو يعاني أصلاً من الكثير من الإهانات التي تعرض لها مؤخراً ابتداء من الوضع في العراق وصولاً إلى "الآنستين كاترينا وريتا" اللتين رميتا بثقلهما من اجل إذلاله.
"نعيش ونشوف"
محمود
الكتائب: لماذا مبادرة التوحيد الآن؟
أثارت العملية التوحيدية التي شهدها حزب الكتائب في الفترة الأخيرة أسئلة كثيرة حول الهدف من هذه الخطوة وحول السرعة التي تمت فيها.
وتبدو الإجابة على هذه الأسئلة محصورة بمعادلة قائمة على أساس حاجة كل من الطرفين المتصالحين، رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني والرئيس أمين الجميل إلى الآخر في ظل المعركة التي يواجهها كل منهما على مسارح مختلفة، والتي من المتوقع أن تتصاعد في المرحلة المقبلة.
فبقرادوني يبدو في موقع المحاصر كتائبياً بعدما أصبح محاصراً مسيحياً نتيجة خياراته السياسية التي سار بها خلال الفترة السياسية الماضية والتي تقوم على مبدأ الوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ظالماً أو مظلوماً.
وقد أصبح هذا الخيار مكلفاً جداً في المرحلة الأخيرة مع الضغوط التي يتعرض لها الرئيس لحود والحديث المتصاعد عن عدم إكماله ولايته.
وإزاء هذا الوضع وجد بقرادوني نفسه بحاجة إلى مظلة أمان تقيه السقوط السياسي مع النظام الذي ربط نفسه به خلال السنوات الماضية والذي ناضل بشكل صادق من أجل نشر المواقف السياسية التي يتبناها بالرغم من عدم شعبيتها على الصعيد المسيحي، وبعدما وصل هذا النظام ـ حسب ما هو متصور ـ إلى نهايته، كان لا بد لبقرادوني أن يقوم بواحدة من حركاته البهلوانية التي اعتاد عليها والتي تضعه دائماً في صف الرابح على الساحة المسيحية بغض النظر عن هوية هذا الرابح، وهذا ما جعل منه أول رئيس غير ماروني يتربع في مقر حزب الكتائب في الصيفي بالرغم من كل المعارضة التي واجهها.
بالمقابل فإن الرئيس أمين الجميل يبحث عن أي ورقة يمكن أن يضيفها إلى الأوراق التي يملكها ـ وهي أوراق غير قوية بما يكفي ـ من أجل تعزيز موقعه في السباق إلى قصر بعبدا، والذي يبدو محموماً في هذه الفترة. وهو بذلك بحاجة إلى شرعية سياسية يستقيها من مؤسسة حزب الكتائب التاريخية التي سطع نجمه بداية من خلال كونها حزب العائلة الذي غادر البيت التاريخي الذي احتضنه بسببب ظروف سياسية كان لموارنة معادين تأثير فيها أكبر من تأثير المعارضين من طوائف أخرى، ولا أحد ينسى هنا دور قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في ترحيل الرئيس الجميل وتحطيم إقليم المتن الكتائبي التابع له بعد سقوط العماد ميشال عون في بعبدا عام 1990.
وإضافة إلى أهمية حزب الكتائب كقلعة في الصراع المسيحي الداخلي ومن ثم في الصراع السياسي اللبناني، فإن الرئيس الجميل بدا أنه يتطلع إلى أبعد من ذلك في تأييده للمبادرة التي أطلقها كريم بقرادوني من أجل إعادة توحيد الحزب، فهو يريد من بقرادوني أن يكون جسره إلى الضفة الأخرى من الوطن، أي إلى القوى التي يحتفظ بقرادوني بعلاقا ممتازة معها والتي يحتاج أي مرشح لرئاسة الجمهورية لرضاها من أجل تعزيز حظوظه في رئاسة الجمهورية، وبالتحديد حزب الله.
ومن أجل ذلك أرسل الجميل من خلال بقرادوني رسالة بليغة جداً إلى حزب الله قبيل سفره الأخير إلى الولايات المتحدة من خلال سؤاله عن أي خدمة يمكن أن يقدمها للحزب خلال وجوده في واشنطن أو أي موضوع يرغب حزب الله طرحه من خلاله مع المسؤولين الأميركيين، وقد جاءت هذه الرسالة في لقاء عاجل عقده بقرادوني مع مسؤولين في حزب الله قبيل ساعات من سفر الجميل إلى الولايات المتحدة.
إزاء هذا الواقع يبدو أن المصالحة الكتائبية هي قدر كل من الفريقين المتصالحين أكثر من كونها خياراً سياسياً لأي منهما، لأن بقاء كل من الطرفين على الساحة السياسية مع التغييرات التي تشهدها البلاد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاتكاء على الطرف الآخر.
الاثنين، سبتمبر 26، 2005
محاولة اغتيال الشدياق: استمرار اللعب بالنار
لماذا الآن، ولماذا هي، وأي قوة جهنمية تنتقي أهدافها بشكل يجعل أنظار القوم تتجه في اتجاه، فيما المؤامرة التي تحاك ضدهم تسير في اتجاه آخر.
لا أحد يشك في أن اختيار الصحافية مي الشدياق كي تكون الهدف الجديد لمسلسل تخريب الأمن في لبنان هو اختيار ذكي جداً، لأن الشدياق معروفة بتعبيرها بصراحة عن مواقف سياسية فاقعة، بالرغم مما هو مفترض منها من حيادية ناتجة عن دورها الإعلامي، وهي من الطاقم الأكثر تجذراً في محطة الـ "أل بي سي" اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من تمتعها بعراقة في الانتماء إلى القوات اللبنانية في الفكر وفي التوجه السياسي، وهذا يعني أن الذي استهدفها يعلم بالضبط من يستهدف وإلى أين يوجه الرسالة.
إن اختيار الشدياق لكي تكون الضحية الجديدة يأتي في سياق استهداف المناطق المسيحية في لبنان بهدف خلق رأي عام مسيحي يطالب بالأمن الذاتي، ويفك العلاقة مع الدولة اللبنانية التي لم تستطع حماية المناطق المسيحية التي تعرضت لحوالي اثني عشر تفجيراً في الأشهر الماضية كما لم تستطع الكشف عن الجناة بالرغم من تغير "النظام الأمني" وتحول مسار الدولة في الفترة الأخيرة.
باختصار.. كنت في المستشفى اليوم أعود مريضاً عزيزاً، وإلى جانب مريضي كان هناك رجل راقد في فراشه، يضع نظارتيه على عينيه وذقنه الطويلة حوّلها الشيب إلى شعلة بيضاء، وعلمت في ما بعد ان عمره تجاوز المئة وخمس سنوات.
في تلك اللحظة بدأت المحطات التلفزيونية تتناقل خبر محاولة اغتيال الشدياق، وكان التعليق الأول لذلك الرجل الطاعن في السن: الذين كانت تغني لهم.. روّحوها.
كلمة خرجت من فم شيخ كبير لا أحد يدعي أنه من محللي السياسة اللبنانية، ولكن أغلب الظن أن هذه الكلمة هي رمية صائبة.. من غير رامٍ
لا أحد يشك في أن اختيار الصحافية مي الشدياق كي تكون الهدف الجديد لمسلسل تخريب الأمن في لبنان هو اختيار ذكي جداً، لأن الشدياق معروفة بتعبيرها بصراحة عن مواقف سياسية فاقعة، بالرغم مما هو مفترض منها من حيادية ناتجة عن دورها الإعلامي، وهي من الطاقم الأكثر تجذراً في محطة الـ "أل بي سي" اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من تمتعها بعراقة في الانتماء إلى القوات اللبنانية في الفكر وفي التوجه السياسي، وهذا يعني أن الذي استهدفها يعلم بالضبط من يستهدف وإلى أين يوجه الرسالة.
إن اختيار الشدياق لكي تكون الضحية الجديدة يأتي في سياق استهداف المناطق المسيحية في لبنان بهدف خلق رأي عام مسيحي يطالب بالأمن الذاتي، ويفك العلاقة مع الدولة اللبنانية التي لم تستطع حماية المناطق المسيحية التي تعرضت لحوالي اثني عشر تفجيراً في الأشهر الماضية كما لم تستطع الكشف عن الجناة بالرغم من تغير "النظام الأمني" وتحول مسار الدولة في الفترة الأخيرة.
باختصار.. كنت في المستشفى اليوم أعود مريضاً عزيزاً، وإلى جانب مريضي كان هناك رجل راقد في فراشه، يضع نظارتيه على عينيه وذقنه الطويلة حوّلها الشيب إلى شعلة بيضاء، وعلمت في ما بعد ان عمره تجاوز المئة وخمس سنوات.
في تلك اللحظة بدأت المحطات التلفزيونية تتناقل خبر محاولة اغتيال الشدياق، وكان التعليق الأول لذلك الرجل الطاعن في السن: الذين كانت تغني لهم.. روّحوها.
كلمة خرجت من فم شيخ كبير لا أحد يدعي أنه من محللي السياسة اللبنانية، ولكن أغلب الظن أن هذه الكلمة هي رمية صائبة.. من غير رامٍ
الجمعة، سبتمبر 23، 2005
يا حيف عليكم
لبنان يعيش أحلام الحرية، أخيراً.
لبنان ينتفض مثل طائر الفينيق (بجناحيه)، وينطلق إلى موقعه في العلا.
لبنان يتلمس طريقه ويتخلص من الوصاية والقمع.
لبنان..
لبنان..
لبنان...
لبنان يساق في مشروع غربي كامل، شبابه يصبحون وجبة الفطور على مائدة جورج بوش وجاك شيراك، وأطفاله بشرى الفرح لدى أرييل شارون وسيلفان شالوم وكل هذه الطغمة.
لبنان يقاد من قبل البعض إلى المجهول، ويعمل البعض على إحراقه من أجل إشعال سجائر المتعة، ويكذب البعض عندما يتحدث عن وحدة وطنية تتحقق، يكذب عن سابق إصرار وترصد، عن سابق مصلحة شخصية ذاتية منكرة.
لبنان يكاد يعود ذلك الرجل المريض الذي تتكالب عليه الوحوش للنهش من جثته التي لما تنسل الروح منها بعد.
أي لبنان هو لبنان الحقيقي.
بالتأكيد ليس لبنان الأول، لأن الحرية والانتفاض والتخلص من الوصاية والقمع لا تتحقق بالتهييص وبالتعامل مع الأمور بسطحية ومن خلال الانخراط في مشروع الشر القادم على المنطقة.
لبنان..
لبنان..
لبنان..
يا حيف عليكم
ليس هكذا يكون الوفاء للبنان.
محمود ريا
لبنان ينتفض مثل طائر الفينيق (بجناحيه)، وينطلق إلى موقعه في العلا.
لبنان يتلمس طريقه ويتخلص من الوصاية والقمع.
لبنان..
لبنان..
لبنان...
لبنان يساق في مشروع غربي كامل، شبابه يصبحون وجبة الفطور على مائدة جورج بوش وجاك شيراك، وأطفاله بشرى الفرح لدى أرييل شارون وسيلفان شالوم وكل هذه الطغمة.
لبنان يقاد من قبل البعض إلى المجهول، ويعمل البعض على إحراقه من أجل إشعال سجائر المتعة، ويكذب البعض عندما يتحدث عن وحدة وطنية تتحقق، يكذب عن سابق إصرار وترصد، عن سابق مصلحة شخصية ذاتية منكرة.
لبنان يكاد يعود ذلك الرجل المريض الذي تتكالب عليه الوحوش للنهش من جثته التي لما تنسل الروح منها بعد.
أي لبنان هو لبنان الحقيقي.
بالتأكيد ليس لبنان الأول، لأن الحرية والانتفاض والتخلص من الوصاية والقمع لا تتحقق بالتهييص وبالتعامل مع الأمور بسطحية ومن خلال الانخراط في مشروع الشر القادم على المنطقة.
لبنان..
لبنان..
لبنان..
يا حيف عليكم
ليس هكذا يكون الوفاء للبنان.
محمود ريا
الرئيس الإيراني يحرج الغرب من على منبر الأمم المتحدة
الحسم الذي حكم لهجة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في خطابه الذي ألقاه السبت الماضي من على منبر الأمم المتحدة ترجم نفسه ثباتاً في الموقف الإيراني خلال المفاوضات التي رافقت انعقاد اجتماعات الجمعية العام للمنظمة الدولية ما دفه الدول الغربية ـ أوروبية وأميركية ـ إلى التوقف هنيهة لالتقاط الأنفاس قبل اتخاذ قرار في كيفية مواجهة الموقف الإيراني ـ إذا كان هناك من سبيل للمواجهة.
تعددت الصفات التي أعطاها الغربيون لخطاب نجاد، فنعته البعض (الأميركي) بالعدواني والمتجاوز للخطوط الحمراء، فيما رآه البعض الآخر (الأوروبي) محبطاً وغير مبشر، وتناسى هؤلاء الإيجابيات الكبيرة التي حملها الخطاب والتي يمكن وضعها في خانة التقدم الكبير في الموقف الإيراني في التعامل مع هذا الملف.
لقد أراد الأميركيون والأوروبيون من إيران أن تأتي مستسلمة وموافقة على كل ما يريدون، ولما وقف الرئيس الإيراني يتحدث بقوة وشجاعة، لم يعودوا يسمعون إلا رفض الخضوع للموقف الأميركي.
الرئيس نجاد قدم في خطابه الكثير من الإشارات التي لو تم التجاوب معها من الغربيين لما كان هناك أزمة على صعيد الملف الإيراني النووي.
ولكن قبل تقديم هذه الإشارات لم يتردد نجاد في وضع القضية النووية في إطارها التاريخي ورسم صورة حقيقية لواقع التعاطي الدولي مع الموضوع النووي.
ويمكن تلخيص ما قاله نجاد في هذا المجال في الدعوة إلى تأسيس لجنة خاصة من قبل الجمعية العامة لإعداد تقرير شامل حول تدوين طرق عملية نزع السلاح بصورة كاملة على أن تدرس هذه اللجنة كيفية نقل المواد والتقنية ومعدات إنتاج الأسلحة النووية إلى الكيان الصهيوني خلافاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وان تقدّم الآلية العملية لجعل منطقة الشرق الأوسط مجردة من الأسلحة النووية.
وقال الدكتور أحمدي نجاد: "ان بعض الدول المقتدرة بتعاطيها التمييزي حيال حصول الدول الأعضاء في معاهدة حظر الأسلحة النووية، على المواد والتجهيزات والتقنية السلمية النووية تعمل على إرساء نظام عنصري نووي، لهذا فإننا نشعر بالقلق من أن نشاهد في المستقبل شرخاً عميقاً بين الدول المقتدرة والدول الأخرى، وتحولها إلى دول باللونين الأسود والأبيض فقط، وذلك نتيجة الهيمنة الكاملة لبعض الدول المقتدرة على المصادر والتقنية النووية ومنع الدول الأخرى من الحصول عليها".
وقال: من المؤسف إنه لم يتم اتخاذ إجراء مؤثر خلال الثلاثين عاماً حسب المادة الرابعة للمعاهدة بشأن تطبيق الحقوق المعترف بها للدول الأعضاء في المعاهدة في حصولها على الطاقة النووية واستخدامها للأغراض السلمية، وعليه من الضروري أن تطلب الجمعية العامة من الوكالة الدولية أن تقدم حسب المادة الثانية من نظامها الأساسي تقريراً عن الانتهاكات التي حصلت من قبل دول محددة في منع تطبيق هذه المادة وكذلك تقدم الآليات العملية والتنفيذية لتحقيق ذلك.
وقال الدكتور أحمدي نجاد: الأمر المناسب الذي نهتم به هو أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية دون امتلاك دورة الوقود النووي إنما هي مفردة لا مغزى لها، ان المحطة النووية في بلد ما إذا جعل ذلك البلد في حاجة دائمة إلى دول متغطرسة لا تمتنع عن القيام باي إجراء لتمرير أغراضها، لن يكون سوى تبعية ذلك البلد وشعبها أكثر فأكثر، وان أية حكومة شعبية لا تعتبر ذلك خدمة لبلادها. وان مصير النفط في الدول النفطية التي خضعت للهيمنة إنما هي تجربة يرفض أي بلد مستقل وحر أن تتكرر.
وإزاء هذه الوقائع، وانطلاقاً من تأكيده على تحريم الإسلام للأسلحة النووية تقدم أحمدي نجاد باقتراح مهم جداً ضيّعه الغربيون في غمرة تصريحاتهم العُصابية حين قال: "ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية على استعداد لتخصيب اليورانيوم في إيران، ومن أجل الشفافية وبناء الثقة بشكل جاد ستشارك مع القطاعين الخاص والحكومي في البلدان الأخرى، الأمر الذي يعتبر أشمل من كل المقررات المنصوص عليها في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والتي تقترحها الجمهورية الإسلامية لبناء الثقة وتوضيح فعالياتها النووية".
ولخص أحمدي نجاد الموقف في المجال النووي بالقول "إن محور السياسة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو التأكيد على الحق الطبيعي لإيران في الحصول على دورة إنتاج الوقود النووي والاستمرار في التعاطي والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في القضايا التقنية والقانونية بالإضافة إلى مواصلة المفاوضات مع البلدان الأخرى في إطار علاقة إيران مع الوكالة الدولية".
هذا الثبات في الموقف الذي عبر عنه الرئيس الإيراني ووجد ترجمته في المفاوضات التي تدور في فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة النووية استحق عليه تهنئة قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي الذي قال "ان الشعب الإيراني وخلافاً لمطاليب العالم الاستكباري يواجه اليوم جميع التهديدات وان رئيس الجمهورية أعلن وأمام أنظار قادة دول العالم ونيابة عن الشعب الإيراني مواقف ووجهات نظر الشعب الإيراني بقوة ومتانة وهذا يمثل إرادة وقوة الشعب الإيراني الرصينة".
وبين ثبات الموقف الإيراني ووقوف قوى دولية كبرى إلأى جانب حق إيران في الحصول على التكنولوجيا النووية ـ وعلى رأسها روسيا والصين والهند ودول عدم الانحياز ـ يبدو أن الموقف الغربي في شقّيه الأميركي والأوروبي يعاني اليوم من حالة حصار سياسي ومعنوي كبير، ما يطرح أسئلة عديدة حول الطريقة التي ستعتمدها القوى الغربية للخروج من هذا المأزق.
القوة...تحقق
ليس كل ما يعلم يقال، وليس ما يقال هو كل ما يحصل، إذ أن تصريحات معينة تكشف معلومات عن أحداث يظن الناس العاديون أنها تسير من تلقاء نفسها دون أن يكون هناك من يحركها.
مثال على هذا الواقع ما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول موضوع المواطنَين اللبنانيين اللذين اعتقلتهما قوات الاحتلال الصهيوني في المناطق اللبنانية المحررة الأسبوع الماضي واقتادتهما إلى المناطق اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا.
مرّ حدث الإفراج عن المواطنين بهدوء ولم يحسّ أحد بمرجل الأحداث الذي كان يغلي، وأدى بخاره المتصاعد إلى تحريك عجلة الإفراج عنهما قبل موعد حدده حزب الله وكاد أن يتحول إلى محطة في المواجهة مع العدو لو لم يرضخ العدو الصهيوني ويحدّد موعداً ـ التزم به بكل دقة ـ للإفراج عنهما.
لمن ظنّ أن العدو يبادر للقيام بخطوات إنسانية، هذا درس آخر، درس ينبغي الوقوف عنده جيداً، ملخّصه أن عدونا لا يفهم إلا لغة القوة، وأن محاولات استرضاء المتغطرسين والأخذ بتعهداتهم لا يؤدي إلا إلى المزيد من "الفرعنة" من قبلهم، وأن "التعامل معهم" لا يكون إلا بالحزم، وهو حزم لا بد أن يكون مسنوداً بقوة، قوة حقيقية.
فهل من يتعظ؟
الخميس، سبتمبر 22، 2005
مؤتمر نيويورك يهز الساحة السياسية اللبنانية
تثير تطورات الأوضاع في لبنان الكثير من الأسئلة حول الاتجاه الذي تسلكه الأحداث ولا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة وصايتها شبه الرسمية على لبنان خلال مؤتمر الدول الداعمة للبنان الذي أصرت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس على عقده في اللحظة نفسها التي كان فيها رئيس الجمهورية اللبناني العماد إميل لحود يلقي كلمته من على منبر الأمم المتحدة!
والظاهر أن ارتدادات هذا المؤتمر على الواقع السياسي اللبناني ستكون في قمة الخطورة نظراً لإعلان أكثر من طرف عن تشكيكه بالمؤتمر ونتايجه والأهداف الكامنة وراءه.
وإذا كان النائب وليد جنبلاط قد تساءل عن الخلفيات السياسية لهذا المؤتمر فإن التشكيك الأكبر جاء من حزب الله الذي كان قد عبر خلال اليومين الماضينن عن تبرمه من الأجواء التي سادت المؤتمر ورافقت انعقاده، في حين شهد موقف الحزب ذروة جديدة ـ قد لا تكون الأعلى ـ في الخطاب الذي ألقاه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يعد ظهر اليوم الأربعاء في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت والذي حمل أكثر من إشارة سلبية تجاه المؤتمر .
السيد نصر الله قال في خطابه ان "ما قيل في نيويورك يثير القلق"، وفضل عدم استعجال الأمور في انتظار عودة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وتقديم توضيحات في مجلس الوزراء حول ما جرى.
وبشكل أكثر تفصيلاً قال السيد نصر الله:
"اليوم بكل صراحة اللبنانيون يجب ان يواجهوا تحدياً حقيقياً اسمه الوصاية الأمريكية على لبنان، والكل مدعوون لمواجهة هذه الوصاية، ومن يريد ان يقدم المساعدة للبنان اهلا وسهلا به، لكن من يريد ان يدس السم في عسل المساعدة ليفتن بين اللبنانيين ويخرب لبنان فلا اهلا به ولا سهلا".
واضاف: "نحن أيضا نضم صوتنا إلى صوت الحكومة اللبنانية ونطالب العالم بمساعدة لبنان، وكنا طرحنا في السابق وقلنا، نحن حتى في اطار مساعدة لبنان لو تفضل هذا العالم وساعد لبنان في الحصول على تعويضات الاعتداءات الاسرائيلية منذ 1948 حتى اليوم لكفانا في لبنان،لا نريد صدقة من احد، نريد تعويضات على بلدنا نتيجة هذا العدوان المستمر على بلدنا. لكن يجب ان نكون حذرين، ولا يجوز ان نقبل ان يعطينا لقمة في فمنا ليسترق رقابنا، لا يجوز ان نبيع بلدنا وقراره وسيادته واستقلاله وامنه وبقائه ووجوده وكرامته ببعض الصدقات المسمومة من هنا وهناك.هذه الحقيقة نحن محتاجون ان نواجهها".
وعلق السيد نصر الله على طريقة التعامل الأميركية الاستعلائية مع لبنان بالقول: "ينهون دول العالم عن التدخل بالشأن الداخلي اللبناني، ولكن يسمحون لانفسهم من رئيس امريكا الى وزيرة خارجيتها الى سفيرها في لبنان ان يتدخلوا في كل تفاصيل وضعنا اللبناني، نحن نرفض ذلك ونحن اللبنانيين بلغنا سن الرشد من زمن طويل، لسنا بحاجة الى من يمارس وصاية علينا، ونريد ان نكون سادة انفسنا، ونحن قادرون على ان نبني بلدنا وعلى ان نخرج بلدنا وشعبنا من كل المآزق.واللبنانيون الذين استطاعوا ان يلحقوا الهزيمة التاريخية باعتى هامان ومتسلط في هذه المنطقة، وهو اسرائيل، هم يملكون من العزم والارادة والعلم والمعرفة والقدرة، على ما يمكنهم من تجاوز أي محنة يواجهونها ويرفضون الوصاية".
وفي تصعيد لموقفه من المؤتمر وما قيل فيه قال السيد نصر الله: "ما قيل في الايام القليلة الماضية يثير القلق، نحن لا نريد ان نستعجل اتخاذ المواقف، نحن بانتظار ان يعود دولة رئيس مجلس الوزراء ليطلع الحكومة اللبنانية على مجريات المؤتمر في امريكا وما جرى فيه وما هي النقاط المطروحة، وما هي الشروط الموضوعة على لبنان، وبعد ان نتبين الامر اذا كانت الامور مطمئنة، فنحن نرحب باي مساعدة اقتصادية للبنان، واذا كانت الامور مثيرة للريبة او للقلق، اللبنانيون الحريصون على سيادتهم وعلى استقلالهم وعلى كرامتهم، معنيون ان يواجهوا الموقف بالطريقة التي يرونها مناسبة".
إزاء هذه المواقف الحاسمة والتي تحمل انتقاداً واضحاً لعدم تصدي الياسيين اللبنانيين لما قالته رايس في المؤتمر يبدو أن الساحة السياسية في لبنان ستشهد خلال الأيام المقبلة خضات عديدة ولا سيما بين أطراف التحالف الرباعي الذي يضم حزب الله وحركة أمل من جهة وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي من جهة أخرى، وهذا قد يترجم حدة في التصريحات والمواقف، وإن كانت الأمور لن تصل إلى حد تفجير الواقع السياسي اللبناني بمجمله.
محمود ريا
الأربعاء، سبتمبر 21، 2005
حزب الله يدعم لحود: إعلان موقف حاسم
جاء البيان الصادر عن حزب الله أمس متضمناً إشادة كبيرة بكلمة رئيس الجمهوري اللبنانية العماد إميل لحود ليشكل إشارة لا لبس فيها إلى المكانة التي يحتلها لحود لدى حزب الله وقيادته، ودليلا على الدعم الذي لا يزال يمحضه إياه بالرغم من كل الضغوطات التي تمكارس على رئيس الجمهورية لدفعه إلى الاستقالة، والتي تمارس أيضاً على حزب الله لدفعه إلى التخلي عن رئيس وقف مواقف لا يمكن التنكر لها بأي حال من الأحوال.
ويأتي بيان حزب الله مميزاً بالشكل وبالمضمون. فمن ناحية الشكل يمكن القول إن صدور البيان في هذا الوقت بالذات تأكد من حزب الله على أنه لن يتخلى عن الرئيس لحود في هذه المرحلة الحرجة وأنه يملك معطيات كبرى تسمح له بالحكم ببراءته من التهم الموجهة إليه وإلا فإنه لن يورط نفسه بدعم رئيس يمكن أن يدان بجريمة كبرى كجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع ما في هذا الدعم من تسعير لأزمة خطيرة مع تيار المستقبل.
وعلى صعيد المضمون فإن البيان حوى الكثير من النقاط التي تذكر بحرارة العلاقة بين الطرفين (حزب الله ورئيس الجمهورية) والتي تعيدها إلى أيام ذروتها يوم كان الخطاب يكون واحداً تجاه المقاومة والعلاقة مع سوريا.
فيما يلي نص بيان حزب الله
بيان صادر عن حزب الله
إن كلمة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود التي أطلقها من على منبر الأمم المتحدة، والتي تضمّنت مواقف وطنيّة تنتصر للقضايا العربية ولحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، ودعوته إلى ضرورة تمييزها عن الإرهاب المدان، وكشفه للرأي العام الدولي عن حقيقة الممارسات العدوانية للعدو الإسرائيلي، تستحق منا الإشادة والتقدير، إذ أنها تكتسب أهميتها اليوم في كونها تأتي في الوقت الذي يتعرض فيه حق المقاومة ومفهومها إلى عملية تزوير تاريخية تمارسها الولايات المتحدة من خلال الخلط بينها وبين الإرهاب ، وجراء الضغوط الكبيرة التي تمارسها على كل من تشبث بهذا الحق، كلبنان وفلسطين المحتلة لحملهما على التخلي عن مقاومتهما وعن حقهما في المقاومة.
اتهاكات صهيونية مستمرة
المتابع للنشرة اليومية للوكالة الوطنية للإعلام (وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية) يقع على "أخبار ـ ثوابت"، يتغير محتواها، فيما يبقى ما تؤشر إليه بلا تغيير.
فهناك مثلاً "مفكرة اليوم"، وهناك حال الطقس، وأسعار العملات الأجنبية، وكل هذه الأخبار تتغير فيها المواعيد ودرجات الحرارة وسعر الصرف، فيما لا يتغير موقعها في نشرة الوكالة التي يمكن متابعتها بشكل دائم على شبكة الإنترنت.
نعم هناك خبر آخر بات من الثوابت، ولا يلقي له الكثير من اللبنانيون بالاً، لأنه بات يتكرر، ولا يتغير فيه إلا اسم المنطقة وساعة الحدوث.
إنه خبر الانتهاك الصهيوني للأجواء اللبنانية، الذي قد يمر مرة أو مرتين أو حتى عدة مرات في اليوم، ولكن يندر أن يمر يوم دون أن ينشر بيان رسمي يتحدث عن خرق في مكان ما من "سماء لبنان الواسعة".
إذا كان الصهاينة يظنون أن هذه الخروقات تمر دون أن "يرصدها" أحد، فعليهم أن يجربوا خروقات من نوع آخر، مع العلم أن الرسائل التي تحاول هذه الخروقات الجوية إيصالها جوابها حاضر، وقد عبرت عنه نصف مليون نعم للمقاومة في كل أنحاء لبنان.
محمود ريا
الثلاثاء، سبتمبر 20، 2005
Wake Up
By Cindy Sheehan
09/19/05 "t r u t h o u t " -- -- So we have come to cash this check - a check that will give us upon demand the riches of freedom and the security of justice. We have also come to this hallowed spot to remind America of the fierce urgency of now. This is no time to engage in the luxury of cooling off or to take the tranquilizing drug of gradualism. -- Martin Luther King Jr., August 28, 1963, "I Have a Dream" speech
What Bush's Katrina shows once again is that my son died for nothing. If you listen to Bush - and fewer and fewer are, thank goodness - we are in Iraq in part due to 9/11. All our president has been talking about has been protecting this country since 9/11. That's why people voted for him in the last election. Katrina shows it's all as sham, a fraud, a disaster as large as Katrina itself.
Hundreds of billions and tens of thousands of innocent lives wasted later, what have we achieved? Nothing. Casey died for nothing and Bush says others have to die for those that have died already.
Enough, George! What is disgusting is not, as the first lady says, criticism of you, but rather the crimes you've committed against this country and our sons and daughters. Stop hiding behind your twisted idea of God and stop destroying this country.
This week I arrive in Washington DC to begin my Vigil at the White House just like I did in Texas. But this time I'll be joined by Katrina victims as well. In your America we are all victims. The failed bookends of your Presidency are Iraq and Katrina.
It is time for all of us to stand up and be counted: to show the media, Congress, and this inept, corrupt, and criminal administration that we mean business. It is time to get off of our collective behinds to show the people who are running our country into oblivion that we will stand for it no longer. That we want our country back and we want our nation's young people back home, safe and sound, on our shores to help protect America. That it is time for a change in our country's "leadership." That we will never go away until our dreams are reality.
We have so-called leaders in our country who are waiting for the correct "politically expedient" time to speak up and out against the occupation of Iraq. It is no sweat for our politicos to wait for the right time, because not one of them has a child in harm's way. I don't care if the politician is a Democrat or a Republican, this is not about politics. Being a strong leader to guide our country out of the quagmire and mistake of Iraq will require people of courage and determination to stand up and say: "I don't care if I win the next election, people are dying in Iraq every day and families are being decimated." We, as the 62% of Americans who want our troops to begin coming home, will follow such a leader down the difficult but oh-so-rewarding path of peace with justice.
It is no longer time for the tranquilizing drug of gradualism. It never has been the time for that. Our "now" is so fiercely urgent. Like my daughter, Carly, wrote in the last verse of her "A Nation Rocked to Sleep" poem:
Have you ever heard the sound of a Nation Being Rocked to Sleep? Our leaders want to keep us numb so the pain won't be too deep, But if we the people allow them to continue, another mother will weep, Have you heard the sound of a Nation Being Rocked to Sleep? Wake up: See you in DC on the 24th.
For more information on September 24th go to: http://www.unitedforpeace.org
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)