أكره مشاهدة حفلات "المصارعة الحرة" تلك التي تعرضها المحطات التلفزيونية، وفيها كمية زائدة عن كل حد من العنف والضرب والتصرفات التي تخرج عن أي إطار أخلاقي.
إلا أن هناك نوعاً آخر من المصارعة يحس الإنسان بمتعة في مشاهدته، هو ذلك الذي يطلق عليه اسم المصارعة الرومانية على ما أعتقد، حيث يلتحم المصارعان ـ المتكافئان بنية وقدرة ـ في معركة يلعب فيها الذكاء والليونة وقدرة التحمل الدور الأكبر في تثبيت الخصم، ومن ثم ربح الجولة، وذلك وفق قوانين دقيقة ومراقبة حثيثة من الحكم الجاهز دائماً للتدخل.
كان الناس ـ مسؤولين وأشخاصاً ـ يظنون أن ما يجري في المنطقة هو حفلة من المصارعة الحرة يدخل فيها مصارع ضخم الجثة إلى الساحة كي يفتك بالمصارع الآخر الذي يتحمل الضرب دون أن يكون لديه أي قدرة على الرد، ويمارس القوي كل أنواع الإجرام بحق منافسه حتى يفوز بالمباراة.
ما يراه الذين يدققون النظر في ما يجري أن مباراة المرحلة هي مباراة تخضع لقوانين بالغة الدقة، يعلو لاعب فيها منافسه ثم يعود المنافس لاعتلاء الآخر وهكذا، في حركات فنية لا تلفت الإنسان العادي ولكنها "تمتع" المراقب الخبير الذي لديه اطلاع دقيق على المعطيات المكوّنة لميزان القوة بين المتنافسين.
ليس المهم في هذه المباراة كمية التقلبات التي يقوم بها المصارعان، وإنما من يثبّت الآخر في النهاية.
محمود ريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق