الرقم ألفين بات واحداً من كوابيس جورج بوش بعد المشاكل الكثيرة التي انهالت عليه خلال الفترة الماضية.
ألفا ضحية ـ ألفان وواحد حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ـ قدمها محافظو بوش الجدد على مذبح مشروعهم الإمبراطوري في العراق والمنطقة، كما تقول المعلومات الرسمية الأميركية، في حين أن معلومات غير رسمية تتحدث عن رقم أكبر من هذا بكثير.
صحيفة نيويورك تايمز عمّقت من جراح بوش، ونشرت في عددها يوم الأربعاء الماضي صور ألف قتيل من أصل الألفين، فيما ملأت صفحتين أخريين بمواضيع تتحدث عن ثلاثة من هؤلاء القتلى وعن ظروفهم وحياتهم.
ويكبر الإحراج الـ "بوشي" مع نشر استطلاعات رأي تظهر انهيار شعبية الرئيس الأميركي إلى أدنى مستوياتها منذ تسلمه الحكم أول عام ألفين وواحد، بعد أن فاز في أول دورة رئاسية عام ألفين.
إنها المفارقة، فبدل أن يكون هذا الرقم فألاً حسناً لرئيس أكبر دولة في العالم، ها هو يتحول إلى عبء ثقيل يقيد حركته ويشلّه عن القيام بأي مبادرة.
يمكن إدخال هذه المفارقة في معادلة المنطقة كقيمة حسابية ومعنوية كبيرة، حيث أن مشروع المحافظين الجدد يقف على شفا الترنح الذي يسبق السقوط، وهذا ما يجعل ما يخططون للقيام به أكثر خطورة، لأنه يعني أن هؤلاء ـ ومعهم رئيسهم ـ لم يبقَ أمامهم إلا خياران اثنان: إما التراجع والانسحاب، مع ما يعنيه ذلك من انتهاء للحلم الأميركي في المنطقة، وإما الإقدام على المزيد من المغامرات الحربية والسياسية، ونذر ذلك هي ما نشهده اليوم.
وفي كلا الحالين، لا يبدو أن هناك مخرج لبوش.. من كوابيسه.
محمود ريا
السبت، أكتوبر 29، 2005
الجمعة، أكتوبر 28، 2005
يوم القدس العالمي: حكاية مدينة
تقع قضية القدس في صلب اهتمامات الأمة الإسلامية، انطلاقاً مما تمثله من معانٍ دينية وإيمانية، ووصولاً إلى دورها السياسي والواقعي على مستوى مصير الأمة ومستقبلها.
ومع استذكار الموقع الديني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمكن القول إن هذه المدينة المقدّسة تعتبر واحدة من أهم المدن في التاريخ الإسلامي، وفي العقيدة الإسلامية أيضاً، ولذلك فإن الاهتمام بها لا ينشأ من فراغ، وإنما هو تجسيد لحقيقة أهمية هذه المدينة ومحوريتها على المستوى العبادي والديني.
يضاف إلى ذلك الأهمية التاريخية المميزة للمدينة من ناحية الموقع والدور، حيث يمكن الحديث ـ دون اعتبار ذلك أي مبالغة ـ عن وقوع القدس في قلب خريطة الأرض، ويمكن القول إنها قطب رحى التاريخ منذ بداياته وحتى اللحظة الحاضرة.. امتداداً إلى يوم الدين.
وهذا الموقع الفريد للمدينة المقدّسة بين مدن العالم يجعل الوقوف عند معاناتها نوعاً من التصالح مع الذات والإلتفات إلى حقيقة الوجود الإنساني.
ربما من أجل هذا الموقع تعرضت هذه المدينة لأعتى الحملات من اجل الحملات من أجل السيطرة عليها، وتقف الحملة الصهيونية القديمة المتجددة على رأس هذه الحملات، في التاريخ الغابر كما في الواقع الحاضر.
لقد كانت القدس دائماً هدفاً للمشروع الصهيوني، واستمر العمل بهذا المشروع بشكل محموم وعلى مدى عقود ـ وربما قرون ـ حتى تمت السيطرة عليها وذلك في محاولة لتزوير هويتها وتغيير تاريخها وتحويلها من مدينة السلام إلى تجمع لكل الأشرار الذين ينفخون في نيران الحروب على مستوى الكون.
ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب تحوّلت المدينة المقدّسة إلى المفردة الرئيسية في هذا المشروع، فاحتُل القسم الغربي منها عند نشوء هذا الكيان، فيما احتُلّ الجزء الشرقي منها في العام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ والمدينة ترزح تحت نير الظلم الصهيوني الذي تتصاعد وجوهه يوماً بعد يوم، حتى صارت الممارسات الإرهابية التي تعاني منها المدينة وأهلها فوق كل تصور، لا بل باتت هي الأعنف في التاريخ المعاصر.
هذا الواقع المرّ الذي تعاني منه المدينة المقدسة جعلها محور اهتمام المخلصين من أبناء الأمة بحيث أصبح تحريرها يشكل الهدف الأول للمؤمنين بأحقية أهلها بها وللرافضين للسيطرة الصهيونية الغاشمة عليها.
وكي تأخذ المدينة حقها من الاهتمام كان لا بد من توعية المسلمين على وضعها وعلى أهميتها في آن معاً.
من هنا كانت دعوة قائد الأمة ومفجر ثورتها وباني نهضتها الإمام الخميني الراحل منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة المباركة في إيران لإحياء يوم القدس العالمي بمثابة نفير النهوض الإسلامي من أجل جعل قضية القدس القضية المركزية للمسلمين في كل مكان وفي كل حين.
أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:
"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.
وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.
وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:
"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".
لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.
لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي، وإذا كانت مدن إيران ولبنان السبّاقة إلى الإحياء الجماهيري الشامل لهذا اليوم العظيم، فإن أبناء مدن عربية وإسلامية عديدة باتوا يعتبرون الاهتمام بهذا اليوم من أوجب واجباتهم.
ومن العراق الذي شهدت مدنه العام الماضي أول إحياء شامل لهذا اليوم إلى مدن باكستان والهند، إلى ماليزيا ومدن أفريقيا المتعددة، وحتى إلى المدن الأوروبية والأمريكية المختلفة، صارت آخر جمعة من شهر رمضان يوم المدينة التي تحمل روح الإسلام وإليها تهفو قلوب حاملي القرآن.
واليوم، وهذا العام بالتحديد، يحمل إحياء يوم القدس العالمي معنى يعطي هذا اليوم المصداقية الأعلى، حيث تشهد شوارع قطاع غزة إحياء هذا اليوم للمرة الأولى وهي حرة من الاحتلال الصهيوني، غزة التي استلهم أبناؤها من يوم القدس العالمي روح الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، وأخذوا من مطلِق هذا اليوم العظيم مبدأ مقاومة الإحتلال بالأيدي العارية والإيمان العميق، هذه المقاومة التي تقود حتماً إلى النصر.
لقد تحوّل يوم القدس العالمي إلى عامل استنهاض للأمة من أجل ترك التلّهي بالتفاصيل المناطقية والإقليمية، والالتفات إلى القضية الكبرى التي تحدّد مصير المسلمين وترسم مستقبلهم، قضية العمل من أجل تحرير القدس الشريف وكل فلسطين والأراضي المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني، وإعادة الأمة إلى مجد الحرية الذي انتظرته طويلاً.
من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
محمود ريا
ومع استذكار الموقع الديني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمكن القول إن هذه المدينة المقدّسة تعتبر واحدة من أهم المدن في التاريخ الإسلامي، وفي العقيدة الإسلامية أيضاً، ولذلك فإن الاهتمام بها لا ينشأ من فراغ، وإنما هو تجسيد لحقيقة أهمية هذه المدينة ومحوريتها على المستوى العبادي والديني.
يضاف إلى ذلك الأهمية التاريخية المميزة للمدينة من ناحية الموقع والدور، حيث يمكن الحديث ـ دون اعتبار ذلك أي مبالغة ـ عن وقوع القدس في قلب خريطة الأرض، ويمكن القول إنها قطب رحى التاريخ منذ بداياته وحتى اللحظة الحاضرة.. امتداداً إلى يوم الدين.
وهذا الموقع الفريد للمدينة المقدّسة بين مدن العالم يجعل الوقوف عند معاناتها نوعاً من التصالح مع الذات والإلتفات إلى حقيقة الوجود الإنساني.
ربما من أجل هذا الموقع تعرضت هذه المدينة لأعتى الحملات من اجل الحملات من أجل السيطرة عليها، وتقف الحملة الصهيونية القديمة المتجددة على رأس هذه الحملات، في التاريخ الغابر كما في الواقع الحاضر.
لقد كانت القدس دائماً هدفاً للمشروع الصهيوني، واستمر العمل بهذا المشروع بشكل محموم وعلى مدى عقود ـ وربما قرون ـ حتى تمت السيطرة عليها وذلك في محاولة لتزوير هويتها وتغيير تاريخها وتحويلها من مدينة السلام إلى تجمع لكل الأشرار الذين ينفخون في نيران الحروب على مستوى الكون.
ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب تحوّلت المدينة المقدّسة إلى المفردة الرئيسية في هذا المشروع، فاحتُل القسم الغربي منها عند نشوء هذا الكيان، فيما احتُلّ الجزء الشرقي منها في العام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ والمدينة ترزح تحت نير الظلم الصهيوني الذي تتصاعد وجوهه يوماً بعد يوم، حتى صارت الممارسات الإرهابية التي تعاني منها المدينة وأهلها فوق كل تصور، لا بل باتت هي الأعنف في التاريخ المعاصر.
هذا الواقع المرّ الذي تعاني منه المدينة المقدسة جعلها محور اهتمام المخلصين من أبناء الأمة بحيث أصبح تحريرها يشكل الهدف الأول للمؤمنين بأحقية أهلها بها وللرافضين للسيطرة الصهيونية الغاشمة عليها.
وكي تأخذ المدينة حقها من الاهتمام كان لا بد من توعية المسلمين على وضعها وعلى أهميتها في آن معاً.
من هنا كانت دعوة قائد الأمة ومفجر ثورتها وباني نهضتها الإمام الخميني الراحل منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة المباركة في إيران لإحياء يوم القدس العالمي بمثابة نفير النهوض الإسلامي من أجل جعل قضية القدس القضية المركزية للمسلمين في كل مكان وفي كل حين.
أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:
"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.
وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.
وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:
"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".
لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.
لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي، وإذا كانت مدن إيران ولبنان السبّاقة إلى الإحياء الجماهيري الشامل لهذا اليوم العظيم، فإن أبناء مدن عربية وإسلامية عديدة باتوا يعتبرون الاهتمام بهذا اليوم من أوجب واجباتهم.
ومن العراق الذي شهدت مدنه العام الماضي أول إحياء شامل لهذا اليوم إلى مدن باكستان والهند، إلى ماليزيا ومدن أفريقيا المتعددة، وحتى إلى المدن الأوروبية والأمريكية المختلفة، صارت آخر جمعة من شهر رمضان يوم المدينة التي تحمل روح الإسلام وإليها تهفو قلوب حاملي القرآن.
واليوم، وهذا العام بالتحديد، يحمل إحياء يوم القدس العالمي معنى يعطي هذا اليوم المصداقية الأعلى، حيث تشهد شوارع قطاع غزة إحياء هذا اليوم للمرة الأولى وهي حرة من الاحتلال الصهيوني، غزة التي استلهم أبناؤها من يوم القدس العالمي روح الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، وأخذوا من مطلِق هذا اليوم العظيم مبدأ مقاومة الإحتلال بالأيدي العارية والإيمان العميق، هذه المقاومة التي تقود حتماً إلى النصر.
لقد تحوّل يوم القدس العالمي إلى عامل استنهاض للأمة من أجل ترك التلّهي بالتفاصيل المناطقية والإقليمية، والالتفات إلى القضية الكبرى التي تحدّد مصير المسلمين وترسم مستقبلهم، قضية العمل من أجل تحرير القدس الشريف وكل فلسطين والأراضي المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني، وإعادة الأمة إلى مجد الحرية الذي انتظرته طويلاً.
من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
محمود ريا
الخميس، أكتوبر 27، 2005
"القضية اللبنانية" ستبقى طويلاً في مجلس الأمن
الهجمة الغربية والفيتو الروسي ـ الصيني بين أولويات ومصالح الأطراف المتناقضة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكاد المراقب لما يجري في نيويورك يحس بأن العالم بات واحة سلام، وأن أقطار الأرض أضحت بلا مشاكل ولا تعقيدات، وأن كل المدافع "خرست" وكل القضايا عولجت، وأن مجلس الأمن الدولي، لمّا وجد نفسه بلا وظيفة، وأن الأمن الدولي استتب، ويكاد يصبح بلا حاجة إلى مجلس لرعايته، انصرفت هذه المؤسسة الدولية العريقة إلى قضية واحدة لا غير، لم يعد هناك سواها يحمل الطابع المتفجر في العالم، ووضعتها على طاولة الاجتماعات الدائرية ، لتشبعها بحثاً ونقاشاً ومداولات ومحاورات، قبل أن تصدر القرار النهائي فيها، فتحل الأزمة، وتعيد الحق لأصحابه، ويعود المجلس "مجلساً" للأمن والسلام.
القضية التي تحمل الرقم واحد في عالم اليوم هي "القضية اللبنانية" حيث بات موضوع "الحقيقة" والسيادة ونزع الوصاية وتحقيق الاستقلال الناجز الشغل الشاغل لقوى دولية عرف عنها في السابق أنها لا تعير هذه العناوين أي اهتمام، سواء في ممارساتها الخاصة، أو في ممارسة الآخرين لها على مستوى العالم.. إلا حين يكون هذا الاهتمام ذا مردود إيجابي لمصلحة هذه القوى، وهذا ما نشهده الآن.
ومن أجل "الغوص" في أعماق القضية هناك اليوم تقريران يتفاعلان في قاعات مبنى الأمم المتحدة، الأول صدر مساء الأربعاء وهو الذي أعدّه "الناظر الأمني والسياسي للأمم المتحدة في لبنان" تيري رود لارسن وينطلق من القرار الدولي 1559 والثاني ورد إلى المجلس قبل ذلك بأيام وهو الذي كتبه "الناظر العدلي للأمم المتحدة" ديتليف ميليس وينطلق من القرار 1595.
قد يكون مكرراً الحديث عن أن اختيار هذين الرقمين للقرارين اللذين يتناولان "القضية اللبنانية" ليس بريئاً، كونهما يحملان المكوّنات (الأعداد) نفسها دون أن يمنع ذلك من الاعتقاد أنهما يحملان أيضاً المضامين (الأهداف) نفسها.
ويبدو في هذا الإطار الحماس الأميركي البريطاني الفرنسي للسير في التقريرين ( وفي القرارين) قدماً وفي القوت نفسه وكأنه يأتي كدليل على أن الذي كتب هذين القرارين هو "كاتب سيناريو" واحد ولمسلسل واحد ولكنه مؤلف من حلقتين.
ترى مصادر متابعة لحركة الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي رغبة مشتركة لدى العواصم الكبرى الثلاث لتحقيق النتائج نفسها، بغض النظر عن مدى تطابق الأهداف، حيث المطلوب "كشف الحقيقة" في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (من القرار 1595) وإنهاء "الهيمنة السورية" على لبنان ونزع سلاح الميليشيات (المقاومة الإسلامية والفلسطينيين)، وإلغاء مفاعيل التمديد لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود (من القرار 1559).
وتستعر الحركة بين هذه الأطراف الثلاثة من أجل الإسراع في تحقيق هذه النتائج، دون أن يكون هناك اتفاق في المقابل على المدى الذي يجب أن تصل إليه هذه السرعة.
فالأميركيون والبريطانيون يريدون نتائج فورية وحاسمة تصدر الآن، بحيث يـأتي موعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 15 كانون الأول/ ديسمبر والعدّة معدّة للتنفيذ، بعد أن تكون سوريا قد أدينت بهذا الاغتيال (تحضيراً لبدء العمل ضدها)، ويكون لبنان (الجديد) اتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني وفتح ملف سلاح المقاومة على مصراعيه، ويبقى موضوع رئيس الجمهورية الذي يفقد حينها حجمه من الأهمية والتأثير فيعالج على قاعد أن التغيير (في الشخص أو في النهج ) بات تحصيل حاصل.
أما الفرنسيون فإنهم يرتبون الأولويات بشكل آخر، فهم لا يريدون الاستعجال في فتح الملف السوري، ويضعون موضوع رئاسة الجمهورية ربما قبل حسم ملف السلاح، دون أن يعني هذا فتوراً من جانبهم في فتح هذا الملف، وإنما يريدون أن يتركوا للحركة الداخلية اللبنانية أن تقود إلى معالجة هذا الموضوع، ولكن في الاتجاه الذي يريدونه طبعاً.
وإذا كان الاجتماع الذي جرى في باريس الأسبوع قبل الماضي بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية الأميركيةغونداليزا رايس قد وضع الخطوط العريضة لـ "المسار التغييري الشامل" المنشود، فإن كون الولايات المتحدة تملك أصابع تحترق في العراق، وترغب في تحرك سريع ضد سوريا من البوابة اللبنانية لتخفيف النار العراقية، مقابل "الراحة الفرنسية تجاه المف العراقي بكل مكوّناته العسكرية والسياسية، يجعل العاصمتين الأميركية والفرسية لا تتحدثان "على الموجة نفسها" ويفتح المجال أمام اختلاف في المواعيد، بين من يريد عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل (واشنطن) وبين من لا يحبذ هذا الاجتماع، بل يعمل لعرقلته (باريس).
وفي ظل تصارع الحلفاء على جبنة امتلاك الكلمة الأخيرة في عملية تحديد مسار الحركة وسرعتها وأولوياتها، يبدو أن هناك من لديه أولويات أخرى مختلفة تماماً، لا بل هو لديه رؤية تتناقض بشدة مع رؤية الثلاثي الغربي المتحالف.
وهنا تقف دولتان تملك كلٌّ منهما ما يجعل واشنطن وغيرها من العواصم الغربية تفكران كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة في مجلس الأمن: روسيا والصين.
القيادة الروسية أعلنت بكل وضوح أنها ستعمل على محاولة منع المسار الأميركي من أن يأخذ مداه وذلك من خلال فرملة الاندفاعة الأميركية لفرض التغيير في المسار السوري (النظام أو الأشخاص أو النهج)، هذا التغيير الذي يفترض أن يتم من خلال عملية متكاملة تبدأ بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا ولا تنتهي إلا عند حدود العمل العسكري.
ومع استعمال موسكو للهجة دبلوماسية في التعبير عن هذا الموقف، فإن الدولة الأخرى، مالكة حق النقض (الفيتو)، وهي الصين أعلنت بوضوح ودون أي مراوغة أنها ستستخدم هذا الحق من أجل منع أي استهداف لسوريا في مجلس الأمن.
لا شك أن لكل من موسكو وبكين أسبابها ومعطياته ومصالحها التي تدفعها لاتخاذ هذه المواقف الحاسمة، وهذا يعني أن إزالة الاعتراضات الروسية والصينية من أمام المشروع الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي لإدانة سوريا وضربها بالعصا الدولية يستلزم دفع أثمان باهظة جداًَ على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وهذا ما لا يبدو أن الولايات المتحدة ـ ومعها حليفتاها ـ قادرة على القيام به، ولا سيما في الظروف الحالية التي تعيشها واشنطن على المستوى الدولي.
وفي ظل هذه التعقيدات المتشابكة التي يشهدها حبل الملف اللبناني الذي يحاول كل طرف شده باتجاهه، يبدو أن "القضية اللبنانية" ستبقى حاضرة بقوة في مجلس الأمن الدولي، ومعها النتائج المتوخاة من الأطراف الذين يحاولون استخدام هذه القضية جسراً للعبور إلى أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة.
محمود ريا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكاد المراقب لما يجري في نيويورك يحس بأن العالم بات واحة سلام، وأن أقطار الأرض أضحت بلا مشاكل ولا تعقيدات، وأن كل المدافع "خرست" وكل القضايا عولجت، وأن مجلس الأمن الدولي، لمّا وجد نفسه بلا وظيفة، وأن الأمن الدولي استتب، ويكاد يصبح بلا حاجة إلى مجلس لرعايته، انصرفت هذه المؤسسة الدولية العريقة إلى قضية واحدة لا غير، لم يعد هناك سواها يحمل الطابع المتفجر في العالم، ووضعتها على طاولة الاجتماعات الدائرية ، لتشبعها بحثاً ونقاشاً ومداولات ومحاورات، قبل أن تصدر القرار النهائي فيها، فتحل الأزمة، وتعيد الحق لأصحابه، ويعود المجلس "مجلساً" للأمن والسلام.
القضية التي تحمل الرقم واحد في عالم اليوم هي "القضية اللبنانية" حيث بات موضوع "الحقيقة" والسيادة ونزع الوصاية وتحقيق الاستقلال الناجز الشغل الشاغل لقوى دولية عرف عنها في السابق أنها لا تعير هذه العناوين أي اهتمام، سواء في ممارساتها الخاصة، أو في ممارسة الآخرين لها على مستوى العالم.. إلا حين يكون هذا الاهتمام ذا مردود إيجابي لمصلحة هذه القوى، وهذا ما نشهده الآن.
ومن أجل "الغوص" في أعماق القضية هناك اليوم تقريران يتفاعلان في قاعات مبنى الأمم المتحدة، الأول صدر مساء الأربعاء وهو الذي أعدّه "الناظر الأمني والسياسي للأمم المتحدة في لبنان" تيري رود لارسن وينطلق من القرار الدولي 1559 والثاني ورد إلى المجلس قبل ذلك بأيام وهو الذي كتبه "الناظر العدلي للأمم المتحدة" ديتليف ميليس وينطلق من القرار 1595.
قد يكون مكرراً الحديث عن أن اختيار هذين الرقمين للقرارين اللذين يتناولان "القضية اللبنانية" ليس بريئاً، كونهما يحملان المكوّنات (الأعداد) نفسها دون أن يمنع ذلك من الاعتقاد أنهما يحملان أيضاً المضامين (الأهداف) نفسها.
ويبدو في هذا الإطار الحماس الأميركي البريطاني الفرنسي للسير في التقريرين ( وفي القرارين) قدماً وفي القوت نفسه وكأنه يأتي كدليل على أن الذي كتب هذين القرارين هو "كاتب سيناريو" واحد ولمسلسل واحد ولكنه مؤلف من حلقتين.
ترى مصادر متابعة لحركة الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي رغبة مشتركة لدى العواصم الكبرى الثلاث لتحقيق النتائج نفسها، بغض النظر عن مدى تطابق الأهداف، حيث المطلوب "كشف الحقيقة" في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (من القرار 1595) وإنهاء "الهيمنة السورية" على لبنان ونزع سلاح الميليشيات (المقاومة الإسلامية والفلسطينيين)، وإلغاء مفاعيل التمديد لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود (من القرار 1559).
وتستعر الحركة بين هذه الأطراف الثلاثة من أجل الإسراع في تحقيق هذه النتائج، دون أن يكون هناك اتفاق في المقابل على المدى الذي يجب أن تصل إليه هذه السرعة.
فالأميركيون والبريطانيون يريدون نتائج فورية وحاسمة تصدر الآن، بحيث يـأتي موعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 15 كانون الأول/ ديسمبر والعدّة معدّة للتنفيذ، بعد أن تكون سوريا قد أدينت بهذا الاغتيال (تحضيراً لبدء العمل ضدها)، ويكون لبنان (الجديد) اتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني وفتح ملف سلاح المقاومة على مصراعيه، ويبقى موضوع رئيس الجمهورية الذي يفقد حينها حجمه من الأهمية والتأثير فيعالج على قاعد أن التغيير (في الشخص أو في النهج ) بات تحصيل حاصل.
أما الفرنسيون فإنهم يرتبون الأولويات بشكل آخر، فهم لا يريدون الاستعجال في فتح الملف السوري، ويضعون موضوع رئاسة الجمهورية ربما قبل حسم ملف السلاح، دون أن يعني هذا فتوراً من جانبهم في فتح هذا الملف، وإنما يريدون أن يتركوا للحركة الداخلية اللبنانية أن تقود إلى معالجة هذا الموضوع، ولكن في الاتجاه الذي يريدونه طبعاً.
وإذا كان الاجتماع الذي جرى في باريس الأسبوع قبل الماضي بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية الأميركيةغونداليزا رايس قد وضع الخطوط العريضة لـ "المسار التغييري الشامل" المنشود، فإن كون الولايات المتحدة تملك أصابع تحترق في العراق، وترغب في تحرك سريع ضد سوريا من البوابة اللبنانية لتخفيف النار العراقية، مقابل "الراحة الفرنسية تجاه المف العراقي بكل مكوّناته العسكرية والسياسية، يجعل العاصمتين الأميركية والفرسية لا تتحدثان "على الموجة نفسها" ويفتح المجال أمام اختلاف في المواعيد، بين من يريد عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل (واشنطن) وبين من لا يحبذ هذا الاجتماع، بل يعمل لعرقلته (باريس).
وفي ظل تصارع الحلفاء على جبنة امتلاك الكلمة الأخيرة في عملية تحديد مسار الحركة وسرعتها وأولوياتها، يبدو أن هناك من لديه أولويات أخرى مختلفة تماماً، لا بل هو لديه رؤية تتناقض بشدة مع رؤية الثلاثي الغربي المتحالف.
وهنا تقف دولتان تملك كلٌّ منهما ما يجعل واشنطن وغيرها من العواصم الغربية تفكران كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة في مجلس الأمن: روسيا والصين.
القيادة الروسية أعلنت بكل وضوح أنها ستعمل على محاولة منع المسار الأميركي من أن يأخذ مداه وذلك من خلال فرملة الاندفاعة الأميركية لفرض التغيير في المسار السوري (النظام أو الأشخاص أو النهج)، هذا التغيير الذي يفترض أن يتم من خلال عملية متكاملة تبدأ بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا ولا تنتهي إلا عند حدود العمل العسكري.
ومع استعمال موسكو للهجة دبلوماسية في التعبير عن هذا الموقف، فإن الدولة الأخرى، مالكة حق النقض (الفيتو)، وهي الصين أعلنت بوضوح ودون أي مراوغة أنها ستستخدم هذا الحق من أجل منع أي استهداف لسوريا في مجلس الأمن.
لا شك أن لكل من موسكو وبكين أسبابها ومعطياته ومصالحها التي تدفعها لاتخاذ هذه المواقف الحاسمة، وهذا يعني أن إزالة الاعتراضات الروسية والصينية من أمام المشروع الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي لإدانة سوريا وضربها بالعصا الدولية يستلزم دفع أثمان باهظة جداًَ على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وهذا ما لا يبدو أن الولايات المتحدة ـ ومعها حليفتاها ـ قادرة على القيام به، ولا سيما في الظروف الحالية التي تعيشها واشنطن على المستوى الدولي.
وفي ظل هذه التعقيدات المتشابكة التي يشهدها حبل الملف اللبناني الذي يحاول كل طرف شده باتجاهه، يبدو أن "القضية اللبنانية" ستبقى حاضرة بقوة في مجلس الأمن الدولي، ومعها النتائج المتوخاة من الأطراف الذين يحاولون استخدام هذه القضية جسراً للعبور إلى أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة.
محمود ريا
الأربعاء، أكتوبر 26، 2005
الثلاثاء، أكتوبر 25، 2005
Paris Meetings :Drawing New Geopolitical Map Using the “Lebanese Pen”
By Mahmoud Raya
Lebanon seems to be a hybrid as it lives a stage in which its citizens see that “their capital” lies thousands of kilometers away from their homeland, in velvety Parisian exile, whereas their major cities, including the old capital Beirut, experience a state of concern and tension, awaiting news from the French-American “supreme door” which will release decisions that will draw the future and define the choices of this country.
Meetings are taking place in Paris. Everything becomes is in a state of confusion, causing confusion for the observers as they pursuit news about who met with whom, who received whom, and who bade farewell to whom. However, each observer keeps in mind the main objective behind these meetings that generate day after day. This is the drawing of the new geopolitical map of the region. In other words, this is a kind of a new Sykes-Picot agreement, the lines of which are being drawn by directors and producers of great capacities whereas the rest of the people play the role of the extra actors.
Amid the two UN resolutions 1559 and 1595, coupled with the two reports, one of which is still to be released, issues seem to have entangled. “Separating between the paths” of the two UN resolutions, as wished by UN Secretary-General Kofi Anan, seems to have become an issue of the past because of the interlacing data of this and that report. The position has become similar to the situation where one seeks the implementation of a phrase of one decision with a word of the other decision, and so on.
Since Lebanon is the party concerned directly with the two resolutions and with the reports released on them, yet the happenings inside closed and open meetings inform that the two resolutions are being employed as a “roadmap” to achieve the goals of a project, the threads of which are being schemed in Paris, New York and Washington.
At the core of this turmoil, Lebanon seems to exist, certainly on the table; but it doesn’t seem to be existent around the table. It is unclear whether the meetings with Lebanese officials in the French capital were being held to “confer with them” and discuss their opinions and their evaluations of the situation or to inform them of agreements that were reached at the meeting that was held last week between French President Jack Chirac and US Foreign Secretary Condoleezza Rice, as well as at the unexpected meeting that was held in New York between UN Secretary-General Kofi Anan and Rice. One must not forget the current communications that are taking place behind the scenes between officials who emerge openly to crow claiming that they were the ones who drew the map of the present situation more than a year ago (Zionist Foreign Minister, Sylvan Shalom).
On the other bank, there is a question concerning how the Lebanese officials, presidents, ministers, MPs and political figures, are receiving orders. Will they react obediently or will they agree in support? On the other hand, will they react out of a nerve wrecking opposition regardless of its outcomes? Therefore, are these “multiple tones,” which express the stances and the changing temperature of the statements between the inside and outside parties and between one Arab capital and another European, the result of a flexible coordination of expressing one united stance? Alternatively, is this a drifting towards an environment of this or that current which will render the entire Lebanese policy blown to the wind, coming from here and there?
All these questions are beaming inside the mind of the Lebanese citizen who expects that the image, overwhelmed by ambiguity, will be cleared. However, the ambiguity is expected to overwhelm the image increasingly over the coming days.
Although the Lebanese cabinet has changed to a council that is the last to be informed on decisions being launched by those who are supposed to express the opinions and decisions of the cabinet, yet the future is expected to clarify the process that is required to deal with the main causes of the cabinet, especially the issue of the border demarcation between Lebanon and Syria – including Shibaa Farms – as well as the exchange of embassies between Beirut and Damascus coupled with the agreements that have taken place and are taking place regarding the issue of the Palestinian weapon in Lebanon.
Within this framework comes the coincidence of the Lebanese Prime Minister Fouad Saniora and Palestinian Prime Minister Mahmoud Abbas, being present at the same time in Paris in order to meet and negotiate the Palestinian weapon outside of the camps as well as to find ways for disarmament inside the camps. This means an approach to solve one of the problems that encumber the implementation of the UN resolution 1559 with all of its details.
Within this framework as well comes the comprehensive and full support of France to Lebanon on all political, economic and security levels. This issue was declared repeatedly by more than one Lebanese senior official, synchronized with tips from Paris that there was a new French “initiative” that aims at stirring the reconciliation process between Lebanon and "Israel".
Within this framework also, one can add the information – with the countering information – on a “deal” between Syria and America in the case of the assassination of martyred Prime Minister Rafik Hariri. This information was refuted by Syria and was followed by the US Foreign Secretary talk on increasing the pressures on Syria on one hand and on emphasizing the rejection of excluding the military option in dealing with the “Syrian case’ on the other hand.
In the ocean of these thunderous events, which overwhelm Lebanon, there is the Arab stance which remains famous as ever for its absolute negativity in dealing with the developments. This attitude was expressed by the Egyptian wish not to stir up the case of the regime in Syria, which may mean the creation of another focal point of instability in the region, which is already suffering a “constructive chaos” which has been sprouting in Iraq, Lebanon, Palestine, Saudi Arabia, and perhaps other countries in the region, reaching Syria in the end. Still, this Egyptian protest did not indicate the existence of any change in the imagination of the schemers.
Those administering the spreading of this chaos cannot hide their aim, which is the provisioning of security for "Israel" and the accomplishment of the American and European aspirations in the region, far from “finding the truth” or making an approach to apply justice. This issue was expressed by the UN special envoy “assigned to the implementation of UN resolution 1559”, Terry Rod Larsen when he mentioned directly the resistance weapon in Lebanon, considering that it was no longer justifiable; and that it has not been so since 2000, the year when the Zionists withdrew from the larger part of south Lebanon.
Perhaps, this issue incited Head of the Future bloc in Parliament MP Saad Rafik Hariri to say – after meeting the Egyptian president Hosni Mubarak and the Arab League Secretary-General Amro Moussa in Cairo – that he refuses to change the case of the assassination of Prime Minister Rafik Hariri to a case that can be employed to achieve aspirations other than the truth.
Since this stance of Hariri expresses his real fear of the occurrence of such issue, it may also mirror his knowledge of the threads that are being drawn in Paris and other capitals in the world, which aim at nothing but changing the nature of the entire region and diverting its path towards the American and Zionist age.
This is a new geopolitical drawing of the region’s map, using the “Lebanese pen.”
Lebanon seems to be a hybrid as it lives a stage in which its citizens see that “their capital” lies thousands of kilometers away from their homeland, in velvety Parisian exile, whereas their major cities, including the old capital Beirut, experience a state of concern and tension, awaiting news from the French-American “supreme door” which will release decisions that will draw the future and define the choices of this country.
Meetings are taking place in Paris. Everything becomes is in a state of confusion, causing confusion for the observers as they pursuit news about who met with whom, who received whom, and who bade farewell to whom. However, each observer keeps in mind the main objective behind these meetings that generate day after day. This is the drawing of the new geopolitical map of the region. In other words, this is a kind of a new Sykes-Picot agreement, the lines of which are being drawn by directors and producers of great capacities whereas the rest of the people play the role of the extra actors.
Amid the two UN resolutions 1559 and 1595, coupled with the two reports, one of which is still to be released, issues seem to have entangled. “Separating between the paths” of the two UN resolutions, as wished by UN Secretary-General Kofi Anan, seems to have become an issue of the past because of the interlacing data of this and that report. The position has become similar to the situation where one seeks the implementation of a phrase of one decision with a word of the other decision, and so on.
Since Lebanon is the party concerned directly with the two resolutions and with the reports released on them, yet the happenings inside closed and open meetings inform that the two resolutions are being employed as a “roadmap” to achieve the goals of a project, the threads of which are being schemed in Paris, New York and Washington.
At the core of this turmoil, Lebanon seems to exist, certainly on the table; but it doesn’t seem to be existent around the table. It is unclear whether the meetings with Lebanese officials in the French capital were being held to “confer with them” and discuss their opinions and their evaluations of the situation or to inform them of agreements that were reached at the meeting that was held last week between French President Jack Chirac and US Foreign Secretary Condoleezza Rice, as well as at the unexpected meeting that was held in New York between UN Secretary-General Kofi Anan and Rice. One must not forget the current communications that are taking place behind the scenes between officials who emerge openly to crow claiming that they were the ones who drew the map of the present situation more than a year ago (Zionist Foreign Minister, Sylvan Shalom).
On the other bank, there is a question concerning how the Lebanese officials, presidents, ministers, MPs and political figures, are receiving orders. Will they react obediently or will they agree in support? On the other hand, will they react out of a nerve wrecking opposition regardless of its outcomes? Therefore, are these “multiple tones,” which express the stances and the changing temperature of the statements between the inside and outside parties and between one Arab capital and another European, the result of a flexible coordination of expressing one united stance? Alternatively, is this a drifting towards an environment of this or that current which will render the entire Lebanese policy blown to the wind, coming from here and there?
All these questions are beaming inside the mind of the Lebanese citizen who expects that the image, overwhelmed by ambiguity, will be cleared. However, the ambiguity is expected to overwhelm the image increasingly over the coming days.
Although the Lebanese cabinet has changed to a council that is the last to be informed on decisions being launched by those who are supposed to express the opinions and decisions of the cabinet, yet the future is expected to clarify the process that is required to deal with the main causes of the cabinet, especially the issue of the border demarcation between Lebanon and Syria – including Shibaa Farms – as well as the exchange of embassies between Beirut and Damascus coupled with the agreements that have taken place and are taking place regarding the issue of the Palestinian weapon in Lebanon.
Within this framework comes the coincidence of the Lebanese Prime Minister Fouad Saniora and Palestinian Prime Minister Mahmoud Abbas, being present at the same time in Paris in order to meet and negotiate the Palestinian weapon outside of the camps as well as to find ways for disarmament inside the camps. This means an approach to solve one of the problems that encumber the implementation of the UN resolution 1559 with all of its details.
Within this framework as well comes the comprehensive and full support of France to Lebanon on all political, economic and security levels. This issue was declared repeatedly by more than one Lebanese senior official, synchronized with tips from Paris that there was a new French “initiative” that aims at stirring the reconciliation process between Lebanon and "Israel".
Within this framework also, one can add the information – with the countering information – on a “deal” between Syria and America in the case of the assassination of martyred Prime Minister Rafik Hariri. This information was refuted by Syria and was followed by the US Foreign Secretary talk on increasing the pressures on Syria on one hand and on emphasizing the rejection of excluding the military option in dealing with the “Syrian case’ on the other hand.
In the ocean of these thunderous events, which overwhelm Lebanon, there is the Arab stance which remains famous as ever for its absolute negativity in dealing with the developments. This attitude was expressed by the Egyptian wish not to stir up the case of the regime in Syria, which may mean the creation of another focal point of instability in the region, which is already suffering a “constructive chaos” which has been sprouting in Iraq, Lebanon, Palestine, Saudi Arabia, and perhaps other countries in the region, reaching Syria in the end. Still, this Egyptian protest did not indicate the existence of any change in the imagination of the schemers.
Those administering the spreading of this chaos cannot hide their aim, which is the provisioning of security for "Israel" and the accomplishment of the American and European aspirations in the region, far from “finding the truth” or making an approach to apply justice. This issue was expressed by the UN special envoy “assigned to the implementation of UN resolution 1559”, Terry Rod Larsen when he mentioned directly the resistance weapon in Lebanon, considering that it was no longer justifiable; and that it has not been so since 2000, the year when the Zionists withdrew from the larger part of south Lebanon.
Perhaps, this issue incited Head of the Future bloc in Parliament MP Saad Rafik Hariri to say – after meeting the Egyptian president Hosni Mubarak and the Arab League Secretary-General Amro Moussa in Cairo – that he refuses to change the case of the assassination of Prime Minister Rafik Hariri to a case that can be employed to achieve aspirations other than the truth.
Since this stance of Hariri expresses his real fear of the occurrence of such issue, it may also mirror his knowledge of the threads that are being drawn in Paris and other capitals in the world, which aim at nothing but changing the nature of the entire region and diverting its path towards the American and Zionist age.
This is a new geopolitical drawing of the region’s map, using the “Lebanese pen.”
الجمعة، أكتوبر 21، 2005
اجتماعات باريس:رسم خريطة جديدة للمنطقة بـ "القلم اللبناني"
يبدو لبنان مخلوقاً هجيناً وهو يعيش مرحلة يرى فيها أبناؤه "عاصمتهم" تقع على بعد آلاف الكيلومترات عن وطنهم، في المنفى الباريسي المخملي، فيما مدنهم الكبرى، وبينها ما كان يعرف بالعاصمة بيروت تعيش حالاً من القلق والتوتر بانتظار ما سيصدر من "الباب العالي" الفرنسي ـ الأميركي من قرارات ترسم مستقبل هذا البلد، وتحدد خياراته.
في باريس تعقد الاجتماعات، فيختلط "الحابل بالنابل"، ويضيع المراقب في متابعة من اجتمع مع من، ومن استقبل من، ومن ودّع من، ولكن لا يغيب عن باله الهدف الأساسي من هذه الاجتماعات التي تتكاثر يوماً بعد يوم، إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة، أو كما يقول البعض إنه نوع من "سايكس ـ بيكو" جديد، يرسم خطوطه مخرجون ومنتجون ذوو قدرات ضخمة، فيما يلعب الكثيرون دور الكومبارس.
بين الـ1559 والـ1595، والتقريرين اللذين صدر أحدهما وينتظر الآخر، يبدو أن الأمور تشابكت، وأن ما أراده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من "فصل بين مساري" القرارين الدوليين قد بات في خبر كان، نتيجة تداخل معطيات هذا القرار مع ذاك، بحيث بات الوضع يشبه تطبيق عبارة من هذا القرار، ثم كلمة من القرار الآخر.. وهكذا دواليك.
وإذا كان لبنان هو المعني المباشر بالقرارين وما صدر من تقارير حولهما، فإن ما يجري في الاجتماعات المغلقة والمفتوحة يشي بأن ما يجري هو استخدام هذين القرارين كـ"خارطة طريق" للوصول إلى أهداف مشروعٍ ما تُجدل خيوطه ما بين باريس ونيويورك.. وواشنطن.
وفي قلب هذه المعمعة يبدو لبنان موجوداً، على الطاولة بشكل مؤكد، ولكن لا يبدو واضحاً إذا كان موجوداً حول الطاولة، وإذا ما كانت الاجتماعات التي تعقد مع المسؤولين اللبنانيين الموجودين في العاصمة الفرنسية هي من أجل "التشاور معهم" ومناقشة آرائهم والإطلاع على تقويمهم للأوضاع، أم من أجل تبليغهم بما تم الاتفاق عليه، في لقاءات الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الأسبوع الفائت في باريس، وبين رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ـ بشكل مفاجئ ـ في نيويورك، وفي الاتصالات الجارية خلف الكواليس مع مسؤولين يخرجون للملأ متبجحين بأنهم هم من رسموا خريطة الوضع الحالي قبل أكثر من سنة (وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم).
ومقابل هذا التساؤل هناك تساؤل آخر حول كيفية تلقي المسؤولين اللبنانيين، رؤساء ووزراء ونواباً وشخصيات سياسية، لما يلقى عليهم، وهل يأتي رد فعلهم في إطار الخضوع أم الموافقة والتأييد، أم في إطار الممانعة ومحاولة التململ، سواء أدى هذا "الاعتراض الداخلي" إلى نتيجة أم لم يؤدِّ، وبالتالي فهل إن "تعدد اللهجات" في التعبير عن المواقف، والتغير في حرارة التصريحات بين الداخل والخارج، وبين عاصمة عربية وأخرى أوروبية، هو نتيجة تنسيق في التعبير بشكل مرن عن موقف واحد وموحد، أم أنه انسياق في أجواء هذا التيار أو ذاك، بما يجعل السياسة اللبنانية كلها في مهب الريح الآتية من هنا وهناك؟
كل هذه الأسئلة تعيش في ذهن المواطن اللبناني الذي ينتظر أن تتوضح الصورة المليئة بالضباب التي تحيط به من كل جانب، والتي يتوقع لها أن تزداد غموضاً خلال الأيام القادمة.
وإذا كان مجلس الوزراء اللبناني تحول إلى آخر من يعلم حول التصريحات والمواقف التي تطلق من قبل المفترض أن يكونوا معبرين عن رأي المجلس وقراراته، فإن المتوقع هو أن تشهد الأيام القادمة جلاءً لكيفية التعاطي مع القضايا الأساسية داخل المجلس، ولا سيما قضايا كمسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ـ بما فيها منطقة مزارع شبعا ـ وتبادل السفارات بين بيروت ودمشق، والاتفاقات التي جرت وتجري حول موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان.
وفي هذا الإطار تأتي "صدفة" وجود رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معاً وفي الوقت نفسه في العاصمة الفرنسية ليجتمعا ويتفقا على رفض السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى إيجاد السبل لنزعه داخلها، مع ما يعنيه ذلك من حل لعقدة أخرى من العقد التي تعترض تطبيق القرار الدولي 1559 بكل تفاصيله.
وفي هذا الإطار أيضاً يأتي الدعم الفرنسي الشامل والكامل للبنان، وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، والذي أعلن عنه أكثر من مسؤول لبناني كبير، مترافقاً مع معلومات سرّبت من باريس تحدثت عن "مبادرة" فرنسية جديدة تهدف إلى تحريك ملف التسوية على المسار اللبناني الإسرائيلي.
ويمكن في هذا المجال إدخال المعلومات ـ والمعلومات المضادة ـ حول "صفقة" سورية أميركية فيما يتعلق بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي المعلومات التي نفتها سوريا مطلقاً، وأتبعتها وزيرة الخارجية الأميركية بالحديث عن تشديد الضغوط على سوريا من ناحية، وبتأكيد رفض استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع "الملف السوري" من ناحية ثانية.
وفي خضم هذه الدوامات التي وجد لبنان نفسه محاطاً بها يبقى الموقف العربي على ما هو معروف عنه، سلبية مطلقة في التعاطي مع التطورات، عبرت عنها التمنيات المصرية بعدم تحريك ملف النظام في سوريا مع ما يعنيه ذلك من خلق بؤرة عدم استقرار أخرى في المنطقة التي تعاني بما فيه الكفاية من "الفوضى الخلاّقة" التي تذرّ بقرنها في العراق وفي لبنان وفي فلسطين، وربما في السعودية وغيرها من دول المنطقة... وصولاً إلى سوريا، دون أن يوحي هذا الاعتراض المصري بوجود أي تغيير في تصورات المخططين.
ولا يخفي القائمون على إشاعة هذه الفوضى هدفهم منها، وهو تأمين الحماية لـ"إسرائيل" وتحقيق الأهداف الأميركية الأوروبية في المنطقة بعيداً عن "البحث عن الحقيقة" أو محاولة تحقيق العدل، وهذا ما عبّر عنه "ناظر القرار 1559" المبعوث الدولي تيري رود لارسن عندما تحدث مباشرة عن سلاح المقاومة في لبنان، معتبراً أن لا مبرر له بعد الآن، بل انه لم يكن له مبرر منذ عام 2000 حين انسحب الصهاينة من القسم الأكبر من جنوب لبنان.
هذا ربما ما دفع رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية سعد الدين الحريري إلى القول ـ بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة ـ إنه يرفض تحويل قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى "قميص عثمان" يمكن من خلاله تحقيق مآرب أخرى غير الوصول إلى الحقيقة.
وإذا كانت هذه الوقفة من الحريري تعبر عن خشية حقيقية لديه من حصول هذا الأمر، فإن هذا ربما يكون انعكاساً لما يسمعه ويشاهده من خيوط ترسم في باريس وغيرها من العواصم العالمية، وتهدف إلى تغيير طبيعة المنطقة بكاملها، وحرف مسارها وإدخالها كاملة في العصر الأميركي الصهيوني.
إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة.. باستخدام "القلم اللبناني".
محمود ريا
في باريس تعقد الاجتماعات، فيختلط "الحابل بالنابل"، ويضيع المراقب في متابعة من اجتمع مع من، ومن استقبل من، ومن ودّع من، ولكن لا يغيب عن باله الهدف الأساسي من هذه الاجتماعات التي تتكاثر يوماً بعد يوم، إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة، أو كما يقول البعض إنه نوع من "سايكس ـ بيكو" جديد، يرسم خطوطه مخرجون ومنتجون ذوو قدرات ضخمة، فيما يلعب الكثيرون دور الكومبارس.
بين الـ1559 والـ1595، والتقريرين اللذين صدر أحدهما وينتظر الآخر، يبدو أن الأمور تشابكت، وأن ما أراده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من "فصل بين مساري" القرارين الدوليين قد بات في خبر كان، نتيجة تداخل معطيات هذا القرار مع ذاك، بحيث بات الوضع يشبه تطبيق عبارة من هذا القرار، ثم كلمة من القرار الآخر.. وهكذا دواليك.
وإذا كان لبنان هو المعني المباشر بالقرارين وما صدر من تقارير حولهما، فإن ما يجري في الاجتماعات المغلقة والمفتوحة يشي بأن ما يجري هو استخدام هذين القرارين كـ"خارطة طريق" للوصول إلى أهداف مشروعٍ ما تُجدل خيوطه ما بين باريس ونيويورك.. وواشنطن.
وفي قلب هذه المعمعة يبدو لبنان موجوداً، على الطاولة بشكل مؤكد، ولكن لا يبدو واضحاً إذا كان موجوداً حول الطاولة، وإذا ما كانت الاجتماعات التي تعقد مع المسؤولين اللبنانيين الموجودين في العاصمة الفرنسية هي من أجل "التشاور معهم" ومناقشة آرائهم والإطلاع على تقويمهم للأوضاع، أم من أجل تبليغهم بما تم الاتفاق عليه، في لقاءات الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الأسبوع الفائت في باريس، وبين رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ـ بشكل مفاجئ ـ في نيويورك، وفي الاتصالات الجارية خلف الكواليس مع مسؤولين يخرجون للملأ متبجحين بأنهم هم من رسموا خريطة الوضع الحالي قبل أكثر من سنة (وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم).
ومقابل هذا التساؤل هناك تساؤل آخر حول كيفية تلقي المسؤولين اللبنانيين، رؤساء ووزراء ونواباً وشخصيات سياسية، لما يلقى عليهم، وهل يأتي رد فعلهم في إطار الخضوع أم الموافقة والتأييد، أم في إطار الممانعة ومحاولة التململ، سواء أدى هذا "الاعتراض الداخلي" إلى نتيجة أم لم يؤدِّ، وبالتالي فهل إن "تعدد اللهجات" في التعبير عن المواقف، والتغير في حرارة التصريحات بين الداخل والخارج، وبين عاصمة عربية وأخرى أوروبية، هو نتيجة تنسيق في التعبير بشكل مرن عن موقف واحد وموحد، أم أنه انسياق في أجواء هذا التيار أو ذاك، بما يجعل السياسة اللبنانية كلها في مهب الريح الآتية من هنا وهناك؟
كل هذه الأسئلة تعيش في ذهن المواطن اللبناني الذي ينتظر أن تتوضح الصورة المليئة بالضباب التي تحيط به من كل جانب، والتي يتوقع لها أن تزداد غموضاً خلال الأيام القادمة.
وإذا كان مجلس الوزراء اللبناني تحول إلى آخر من يعلم حول التصريحات والمواقف التي تطلق من قبل المفترض أن يكونوا معبرين عن رأي المجلس وقراراته، فإن المتوقع هو أن تشهد الأيام القادمة جلاءً لكيفية التعاطي مع القضايا الأساسية داخل المجلس، ولا سيما قضايا كمسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ـ بما فيها منطقة مزارع شبعا ـ وتبادل السفارات بين بيروت ودمشق، والاتفاقات التي جرت وتجري حول موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان.
وفي هذا الإطار تأتي "صدفة" وجود رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معاً وفي الوقت نفسه في العاصمة الفرنسية ليجتمعا ويتفقا على رفض السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى إيجاد السبل لنزعه داخلها، مع ما يعنيه ذلك من حل لعقدة أخرى من العقد التي تعترض تطبيق القرار الدولي 1559 بكل تفاصيله.
وفي هذا الإطار أيضاً يأتي الدعم الفرنسي الشامل والكامل للبنان، وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، والذي أعلن عنه أكثر من مسؤول لبناني كبير، مترافقاً مع معلومات سرّبت من باريس تحدثت عن "مبادرة" فرنسية جديدة تهدف إلى تحريك ملف التسوية على المسار اللبناني الإسرائيلي.
ويمكن في هذا المجال إدخال المعلومات ـ والمعلومات المضادة ـ حول "صفقة" سورية أميركية فيما يتعلق بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي المعلومات التي نفتها سوريا مطلقاً، وأتبعتها وزيرة الخارجية الأميركية بالحديث عن تشديد الضغوط على سوريا من ناحية، وبتأكيد رفض استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع "الملف السوري" من ناحية ثانية.
وفي خضم هذه الدوامات التي وجد لبنان نفسه محاطاً بها يبقى الموقف العربي على ما هو معروف عنه، سلبية مطلقة في التعاطي مع التطورات، عبرت عنها التمنيات المصرية بعدم تحريك ملف النظام في سوريا مع ما يعنيه ذلك من خلق بؤرة عدم استقرار أخرى في المنطقة التي تعاني بما فيه الكفاية من "الفوضى الخلاّقة" التي تذرّ بقرنها في العراق وفي لبنان وفي فلسطين، وربما في السعودية وغيرها من دول المنطقة... وصولاً إلى سوريا، دون أن يوحي هذا الاعتراض المصري بوجود أي تغيير في تصورات المخططين.
ولا يخفي القائمون على إشاعة هذه الفوضى هدفهم منها، وهو تأمين الحماية لـ"إسرائيل" وتحقيق الأهداف الأميركية الأوروبية في المنطقة بعيداً عن "البحث عن الحقيقة" أو محاولة تحقيق العدل، وهذا ما عبّر عنه "ناظر القرار 1559" المبعوث الدولي تيري رود لارسن عندما تحدث مباشرة عن سلاح المقاومة في لبنان، معتبراً أن لا مبرر له بعد الآن، بل انه لم يكن له مبرر منذ عام 2000 حين انسحب الصهاينة من القسم الأكبر من جنوب لبنان.
هذا ربما ما دفع رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية سعد الدين الحريري إلى القول ـ بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة ـ إنه يرفض تحويل قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى "قميص عثمان" يمكن من خلاله تحقيق مآرب أخرى غير الوصول إلى الحقيقة.
وإذا كانت هذه الوقفة من الحريري تعبر عن خشية حقيقية لديه من حصول هذا الأمر، فإن هذا ربما يكون انعكاساً لما يسمعه ويشاهده من خيوط ترسم في باريس وغيرها من العواصم العالمية، وتهدف إلى تغيير طبيعة المنطقة بكاملها، وحرف مسارها وإدخالها كاملة في العصر الأميركي الصهيوني.
إنه رسم خريطة جديدة للمنطقة.. باستخدام "القلم اللبناني".
محمود ريا
القوات ـ التيار العوني: علاقة جيدة؟
تتكرر الإشارات إلى وجود مشروع لترتيب الأوضاع داخل الطائفة المارونية بشكل يزيل الحدة من العلاقة بين القوتين البارزتين في الطائفة، التيار الوطني الحر وتيار القوات اللبنانية.
ومع حضور قائد القوات سمير جعجع قدّاس التيار الوطني في باريس على نية ضحايا 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وإلقاء القيادي في التيار الوطني جبران باسيل كلمة في بشري ـ معقل القوات كما تسمى ـ جاء تسريب نائب في تكتل الإصلاح والتغيير (العوني) بأن أول لقاء سيعقده لدى عودته إلى لبنان هو مع العماد عون، ليوحي أن الأجواء تسير من حسن إلى أحسن بين الجانبين.
وتأتي هذه الإيحاءات بالرغم من وجود القوات والتيار العوني في طرفين متقابلين على صعيد التحالفات السياسية، حيث يصر القواتيون على الحفاظ على علاقتهم مع تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط، في حين يوجه التيار العوني سهام انتقاداته إلى هذين الطرفين بالذات، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان هذا الإفتراق منسقاً ومدروساً، أم أن الحديث عن التقارب بين التيار العوني وتيار القوات هو مجرد محاولة لتلطيف الأجواء منعاً لحصول الأسوأ.
ومع حضور قائد القوات سمير جعجع قدّاس التيار الوطني في باريس على نية ضحايا 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وإلقاء القيادي في التيار الوطني جبران باسيل كلمة في بشري ـ معقل القوات كما تسمى ـ جاء تسريب نائب في تكتل الإصلاح والتغيير (العوني) بأن أول لقاء سيعقده لدى عودته إلى لبنان هو مع العماد عون، ليوحي أن الأجواء تسير من حسن إلى أحسن بين الجانبين.
وتأتي هذه الإيحاءات بالرغم من وجود القوات والتيار العوني في طرفين متقابلين على صعيد التحالفات السياسية، حيث يصر القواتيون على الحفاظ على علاقتهم مع تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط، في حين يوجه التيار العوني سهام انتقاداته إلى هذين الطرفين بالذات، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان هذا الإفتراق منسقاً ومدروساً، أم أن الحديث عن التقارب بين التيار العوني وتيار القوات هو مجرد محاولة لتلطيف الأجواء منعاً لحصول الأسوأ.
"وحش من الفئة الخامسة"
هل تفعل "ويلما" ما فعلته "كاترينا"، أم تكتفي بما قامت به "ريتا"، وتمر العاصفة دون أن تقتلع رؤوساً باتت جاهزة لـ "القطاف"؟
لم أجد أي تفسير لتسمية الأعاصير التي تجتاح الولايات المتحدة بأسماء نسائية، برغم "تنويع المصادر"، في حين تتحدث وسائل الإعلام في أميركا الجنوبية (فنزويلا والأكوادور) عن "الإعصار الجديد" الذي يجاور المنطقة دون أن تسبغ عليه الإسم الأميركي الناعم.
المهم أن ولاية الشقيق المقرّب جيب بوش مهددة، ولا أحد يدري إن كانت فلوريدا ستعاني من "ويلما" ما عانته ولايات الجنوب الأخرى ـ ولا سيما مدينة نيوأورليانز ـ من "كاترينا".
ولكن إذا حصل ذلك، وعاش "الفلوريدييون" كابوس إخوانهم في الغرب، فهذا يعني أن جورج بوش سيجد نفسه أمام مأزق خطير.
مأزق بوش ينبع من كون إعصار "ويلما" تحول إلى "وحش من الفئة الخامسة" وهي أعلى فئة في تقييم الأعاصير، ويكمن المأزق أيضاً في أن هذه السنة شهدت أكبر عدد من الأعاصير في خليج المكسيك منذ عام 1969.
والمأزق يتجسد في الخسائر الكبرى التي لحقت، والتي يمكن أن تلحق بالمواطنين الأميركيين العاديين، فيما إدارتهم متلهّية عنهم في شن "أعاصير الموت" على العالم، ولا سيما على منطقتنا مكبّدة الأميركيين ـ قبل غيرهم ـ المزيد من الخسائر.
بوش.. على حافة السكّين.
محمود ريا
الخميس، أكتوبر 20، 2005
الثلاثاء، أكتوبر 18، 2005
القوات: هجمة ودية نحو الأكثرية.. وتهجم حاد على "الخصم الخارجي"
تتحرك مسيرة القوات اللبنانية خلال الفترة الماضية باتجاه المزيد من التلاحم مع"الأكثرية" التي كان لها الدور الأكبر في حصولها على مواقع وزارية ونيابية في التشكيلة الجديدة للحكم في لبنان.
ولكن هذا السير المعبَّر عنه بالكثير من الإشارات الإعلامية والسياسية اللافتة لا يستطيع أن يخفي حقيقتين تحاولان الاحتماء بالصورة المفعمة بالحيوية والتفاؤل التي تحاول القوات ترويجها عن نفسها:
الحقيقة الأولى تكمن في عدم قدرة القوات على زحزحة خطابها الحقيقي بعيداً عن الثوابت الأساسية التي قامت عليها والتي تستهوي الجمهور الذي تعمل على إعادة استقطابه بعد تشتته في أكثر من اتجاه، أكثره يميل في مسار مختلف عن المسار الذي تقول القوات إنها تسير فيه.
والحقيقة الثانية تتمثل في عدم نجاح خروج قائد القوات سمير جعجع في خلق صدمة إيجابية للواقع القواتي الداخلي، بما يضمن إزالة الكثير من خطوط الخلل ـ وحتى التداعي ـ التي تظهر في البناء القواتي الذي يرى البعض إنه يواجه خطر الانهيار.
بين إصرار جعجع وزوجته النائب ستريدا على توجيه تهنئتهما الشخصية للمسلمين في لبنان بحلول شهر رمضان المبارك وتشديد كتلة نواب القوات على توجيه التهنئة نفسها في وقت متزامن تقريباً ما يشي بأن هناك رسالة مطلوب أن تصل إلى من يعنيهم الأمر، من الذين يفترض أن يكونوا قد أصبحوا في الضفة نفسها مع القواتيين، بعد أن قضوا فترة طويلة قابعين في الضفة الأخرى.. المعادية.
فالتهنئة موجهة ـ بتميّزها ـ إلى الجمهور المسلم، الذي شارك مع القوات في "انتفاضة 14 آذار"، والذي أدلى بأصواته بكثافة إلى المرشحين القواتيين وأوصلهم إلى ساحة النجمة، حارماً آخرين لم يحظوا بأصوات هذا الجمهور من تحقيق الهدف نفسه.
وبقدر ما تبدو هذه التهنئة "واجبة" فإنها تحمل في طياتها أكثر من الرغبة في توجيه الشكر، لتصل إلى حد التأكيد على البقاء في الخط نفسه مع الأكثرية، وهذا ما عاد جعجع نفسه إلى التعبير عنه في خطابه الذي وجهه إلى القواتيين في أوستراليا والذي تحدث فيه عن رغبة "الخصم" في تفريق الأكثرية وتشتيت وحدتها، مصمماً على منع حصول هذا الأمر.
واختيار لفظة "الخصم" للدلالة على من أوضح كل صفاته في خطابه دليل آخر على تغيّر في اللهجة دون تغيّر في مضمون الكلمات.
فبعد شعار "اعرف عدوك.. السوري عدوك" الذي ساد طوال سنوات الحرب والسنوات التي تلتها، تأتي لفظة الخصم مخففة للتعبير عن الطرف نفسه الذي لم يترك صفة سيئة أو نية مؤامرتية إلا وألصقها به.
هذه المعادلة: "تخفيف اللهجة والتمسك بالثوابت" برزت بشكل أكبر وأكثر وضوحاً خلال التوجه إلى الأكثرية نفسها التي تمنى جعجع البقاء معها من أجل "تضميد جراحنا وجراح الوطن وترسيخ إيماننا بلبنان معافى آمنا واحدا سيدا حرا مستقلا"، كما جاء في بيان التهنئة بشهر رمضان المبارك الصادر عن جعجع وزوجته.
إلا أن هذا التمسك بالثوابت جاء من طرف آخر غير جعجع، إنه النائب جورج عدوان الذي كان يتحدث على طريقة "يا قاتل يا مقتول" عندما طُرح موضوع رئاسة الجمهورية، مشدداً على "أننا نحن (المسيحيين) من يملك الكلمة الرئيسية في اختيار رئيس الجمهورية، وللآخرين دور في الموافقة على هذا الاختيار".
هذا الموقف "المتشدد" ـ والذي ينبع من صلب فكر القوات ونظرتها إلى لبنان ـ أثار صدمة الفريق المتحالف مع القوات قبل أن يصدم الفريق الذي يعاديها أو على الأقل يقف على مسافة منها، دون أن تنفع بعض المحاولات التي بذلت من أجل التنبيه إلى أن عدوان لا يمثل الرأي القواتي بكل نقائه، وأن اختياره نائباً عن القوات لم يدخله في قلب البوتقة القواتية بالرغم من رضا سمير جعجع الكامل عنه.
وهنا تبرز الحقيقة الثانية حول بقاء الداخل القواتي على هشاشته بالرغم من خروج جعجع منذ أشهر من السجن.
وفي حين تتناقض المعلومات عن موعد عودة قائد القوات من "منفاه الصحي والأمني.. والسياسي" في الخارج، بين "تأكيدات" عن العودة القريبة جداً والشائعات أن لا عودة نهائياً إلى لبنان، فإن ما يتسرب عن خلافات قواتية مستفحلة أمر لم تعد محاولات منع الإعلام ـ بالتمني ـ من نشر أخباره تفلح في كتمانه.
وتتعدد هذه الخلافات وتتنوع ويدخل فيها أطراف ويخرج منها أطراف بشكل يجعل عملية رتق ما انفتق عصيّة على أمهر "الخياطين" حتى ولو كان تعلم الصبر في السجن أكثر من أحد عشر عاماً.
وهكذا تبدو سياسة الهجمة الودية نحو "الأكثرية" والهجوم الحاد نحو "الخصم الخارجي"، والتي يستخدم فيها الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بشكل فعّال ومكثف، الوسيلة القواتية الأنسب لتمرير هذه المرحلة، عسى أن يأتي ما يبلسم جروح الداخل، ويسمح لحقيقة الموقف القواتي بالظهور.. دون "رتوش".
محمود ريا
ولكن هذا السير المعبَّر عنه بالكثير من الإشارات الإعلامية والسياسية اللافتة لا يستطيع أن يخفي حقيقتين تحاولان الاحتماء بالصورة المفعمة بالحيوية والتفاؤل التي تحاول القوات ترويجها عن نفسها:
الحقيقة الأولى تكمن في عدم قدرة القوات على زحزحة خطابها الحقيقي بعيداً عن الثوابت الأساسية التي قامت عليها والتي تستهوي الجمهور الذي تعمل على إعادة استقطابه بعد تشتته في أكثر من اتجاه، أكثره يميل في مسار مختلف عن المسار الذي تقول القوات إنها تسير فيه.
والحقيقة الثانية تتمثل في عدم نجاح خروج قائد القوات سمير جعجع في خلق صدمة إيجابية للواقع القواتي الداخلي، بما يضمن إزالة الكثير من خطوط الخلل ـ وحتى التداعي ـ التي تظهر في البناء القواتي الذي يرى البعض إنه يواجه خطر الانهيار.
بين إصرار جعجع وزوجته النائب ستريدا على توجيه تهنئتهما الشخصية للمسلمين في لبنان بحلول شهر رمضان المبارك وتشديد كتلة نواب القوات على توجيه التهنئة نفسها في وقت متزامن تقريباً ما يشي بأن هناك رسالة مطلوب أن تصل إلى من يعنيهم الأمر، من الذين يفترض أن يكونوا قد أصبحوا في الضفة نفسها مع القواتيين، بعد أن قضوا فترة طويلة قابعين في الضفة الأخرى.. المعادية.
فالتهنئة موجهة ـ بتميّزها ـ إلى الجمهور المسلم، الذي شارك مع القوات في "انتفاضة 14 آذار"، والذي أدلى بأصواته بكثافة إلى المرشحين القواتيين وأوصلهم إلى ساحة النجمة، حارماً آخرين لم يحظوا بأصوات هذا الجمهور من تحقيق الهدف نفسه.
وبقدر ما تبدو هذه التهنئة "واجبة" فإنها تحمل في طياتها أكثر من الرغبة في توجيه الشكر، لتصل إلى حد التأكيد على البقاء في الخط نفسه مع الأكثرية، وهذا ما عاد جعجع نفسه إلى التعبير عنه في خطابه الذي وجهه إلى القواتيين في أوستراليا والذي تحدث فيه عن رغبة "الخصم" في تفريق الأكثرية وتشتيت وحدتها، مصمماً على منع حصول هذا الأمر.
واختيار لفظة "الخصم" للدلالة على من أوضح كل صفاته في خطابه دليل آخر على تغيّر في اللهجة دون تغيّر في مضمون الكلمات.
فبعد شعار "اعرف عدوك.. السوري عدوك" الذي ساد طوال سنوات الحرب والسنوات التي تلتها، تأتي لفظة الخصم مخففة للتعبير عن الطرف نفسه الذي لم يترك صفة سيئة أو نية مؤامرتية إلا وألصقها به.
هذه المعادلة: "تخفيف اللهجة والتمسك بالثوابت" برزت بشكل أكبر وأكثر وضوحاً خلال التوجه إلى الأكثرية نفسها التي تمنى جعجع البقاء معها من أجل "تضميد جراحنا وجراح الوطن وترسيخ إيماننا بلبنان معافى آمنا واحدا سيدا حرا مستقلا"، كما جاء في بيان التهنئة بشهر رمضان المبارك الصادر عن جعجع وزوجته.
إلا أن هذا التمسك بالثوابت جاء من طرف آخر غير جعجع، إنه النائب جورج عدوان الذي كان يتحدث على طريقة "يا قاتل يا مقتول" عندما طُرح موضوع رئاسة الجمهورية، مشدداً على "أننا نحن (المسيحيين) من يملك الكلمة الرئيسية في اختيار رئيس الجمهورية، وللآخرين دور في الموافقة على هذا الاختيار".
هذا الموقف "المتشدد" ـ والذي ينبع من صلب فكر القوات ونظرتها إلى لبنان ـ أثار صدمة الفريق المتحالف مع القوات قبل أن يصدم الفريق الذي يعاديها أو على الأقل يقف على مسافة منها، دون أن تنفع بعض المحاولات التي بذلت من أجل التنبيه إلى أن عدوان لا يمثل الرأي القواتي بكل نقائه، وأن اختياره نائباً عن القوات لم يدخله في قلب البوتقة القواتية بالرغم من رضا سمير جعجع الكامل عنه.
وهنا تبرز الحقيقة الثانية حول بقاء الداخل القواتي على هشاشته بالرغم من خروج جعجع منذ أشهر من السجن.
وفي حين تتناقض المعلومات عن موعد عودة قائد القوات من "منفاه الصحي والأمني.. والسياسي" في الخارج، بين "تأكيدات" عن العودة القريبة جداً والشائعات أن لا عودة نهائياً إلى لبنان، فإن ما يتسرب عن خلافات قواتية مستفحلة أمر لم تعد محاولات منع الإعلام ـ بالتمني ـ من نشر أخباره تفلح في كتمانه.
وتتعدد هذه الخلافات وتتنوع ويدخل فيها أطراف ويخرج منها أطراف بشكل يجعل عملية رتق ما انفتق عصيّة على أمهر "الخياطين" حتى ولو كان تعلم الصبر في السجن أكثر من أحد عشر عاماً.
وهكذا تبدو سياسة الهجمة الودية نحو "الأكثرية" والهجوم الحاد نحو "الخصم الخارجي"، والتي يستخدم فيها الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بشكل فعّال ومكثف، الوسيلة القواتية الأنسب لتمرير هذه المرحلة، عسى أن يأتي ما يبلسم جروح الداخل، ويسمح لحقيقة الموقف القواتي بالظهور.. دون "رتوش".
محمود ريا
إنفلونزا العقاب
قد يكون الهمّ اللبناني من انفلونزا الطيور كبيراً جداً، ولكن ماذا عن همّ العالم؟
بعض الأرقام التي توردها وكالات الأنباء ـ وفيها توقعات حول عدد الضحايا الذين يمكن أن يقعوا إذا ضرب المرض هذا البلد أو ذاك ـ يثير الرعب، ويفتح المجال للسؤال عن أي كارثة تنتظر البشر عند هذا المفترق، وما هي الكارثة الأخرى التي تختبئ له عند المفترق التالي، وكم من البلايا تنتظر الإنسانية في مسار حياتها الذي اختطته لنفسها، والذي لا يمكن أن يقودها إلا إلى.. المجهول.
ليس أنفلونزا الطيور مجرد مرض، إنه إفراز لأسلوب عيش، ونتيجة لمقدمات صنعها الإنسان بيديه، دون أن يدري إنه يرسم حول نفسه شرنقة من مصائب يصعب الخروج منها.
قد يكون الحديث عن "العقاب" خارج إطار البحث هنا ـ لأن له المولجين به ـ ولكن لا يمكن أن يغيب عن البال أن الخطر بدأ يقترب، وهو لم يعد يستهدف الإنسان بإرادته (الإيدز.. وغيره من الأمراض "الاختيارية") وإنما تحول إلى موجات وبائية تطال الجميع، وهو ما يذكر بحديث عن ضرورة قيام العقلاء بمنع المجانين والخاطئين من خرق القوانين، وإلا فإن "الغضب" سيعمّ الجميع دون تمييز.
أنفلونزا الطيور؟
ما هو العقاب التالي؟
محمود ريا
بعض الأرقام التي توردها وكالات الأنباء ـ وفيها توقعات حول عدد الضحايا الذين يمكن أن يقعوا إذا ضرب المرض هذا البلد أو ذاك ـ يثير الرعب، ويفتح المجال للسؤال عن أي كارثة تنتظر البشر عند هذا المفترق، وما هي الكارثة الأخرى التي تختبئ له عند المفترق التالي، وكم من البلايا تنتظر الإنسانية في مسار حياتها الذي اختطته لنفسها، والذي لا يمكن أن يقودها إلا إلى.. المجهول.
ليس أنفلونزا الطيور مجرد مرض، إنه إفراز لأسلوب عيش، ونتيجة لمقدمات صنعها الإنسان بيديه، دون أن يدري إنه يرسم حول نفسه شرنقة من مصائب يصعب الخروج منها.
قد يكون الحديث عن "العقاب" خارج إطار البحث هنا ـ لأن له المولجين به ـ ولكن لا يمكن أن يغيب عن البال أن الخطر بدأ يقترب، وهو لم يعد يستهدف الإنسان بإرادته (الإيدز.. وغيره من الأمراض "الاختيارية") وإنما تحول إلى موجات وبائية تطال الجميع، وهو ما يذكر بحديث عن ضرورة قيام العقلاء بمنع المجانين والخاطئين من خرق القوانين، وإلا فإن "الغضب" سيعمّ الجميع دون تمييز.
أنفلونزا الطيور؟
ما هو العقاب التالي؟
محمود ريا
الاثنين، أكتوبر 10، 2005
أميركا وسوريا: لهجة مختلفة؟
هل هناك لهجة أميركية جديدة باتجاه سوريا، وهل أن التصعيد في الخطاب الأميركي ضد دمشق في العلن يخفي مراجعة أميركية سرية للعلاقة بين البلدين؟
إزاء الحديث عما تتوقعه دمشق من تقرير ميليس وتصريحات المسؤولين الأميركيين التي تعتبر أن سوريا "لا ترد" على النداءات الأميركية" وان دمشق تسير في مسار صعب، برز ما أوردته مجلة نيوزويك الأميركية أمس الأحد، والتي نقلت عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية طلب عدم ذكر اسمه قوله، ان الضغط الاميركي على النظام السوري ، قد لا يكون ناجعاً ولن يؤدي الا الى "بسط التطرف في البلاد".
والأكثر أهمية هو ما رأته مجلة نيوزويك نفسها ـ وهي تلعب دوراً مؤثراً في السياسة الأميركية ـ حيث اعتبرت أن رفض واشنطن الاعتراف بأن سوريا تعاونت معها في مجال مكافحة المتطرفين فإنها "حرمت نفسها الحصول على معلومات "حيوية"، في رأي المجلة التي ذكرت ان تعاون سوريا في السنوات الاخيرة اتاح للولايات المتحدة ان تتدارك هجمات على اهداف اميركية منها هجوم على القاعدة البحرية الاميركية في البحرين".
فهل هناك نية أميركية حقيقية بمراجعة العلاقة مع دمشق؟
لندع الأيام تجيب.
إزاء الحديث عما تتوقعه دمشق من تقرير ميليس وتصريحات المسؤولين الأميركيين التي تعتبر أن سوريا "لا ترد" على النداءات الأميركية" وان دمشق تسير في مسار صعب، برز ما أوردته مجلة نيوزويك الأميركية أمس الأحد، والتي نقلت عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية طلب عدم ذكر اسمه قوله، ان الضغط الاميركي على النظام السوري ، قد لا يكون ناجعاً ولن يؤدي الا الى "بسط التطرف في البلاد".
والأكثر أهمية هو ما رأته مجلة نيوزويك نفسها ـ وهي تلعب دوراً مؤثراً في السياسة الأميركية ـ حيث اعتبرت أن رفض واشنطن الاعتراف بأن سوريا تعاونت معها في مجال مكافحة المتطرفين فإنها "حرمت نفسها الحصول على معلومات "حيوية"، في رأي المجلة التي ذكرت ان تعاون سوريا في السنوات الاخيرة اتاح للولايات المتحدة ان تتدارك هجمات على اهداف اميركية منها هجوم على القاعدة البحرية الاميركية في البحرين".
فهل هناك نية أميركية حقيقية بمراجعة العلاقة مع دمشق؟
لندع الأيام تجيب.
الأحد، أكتوبر 09، 2005
موساد.. وجرائم منسيّة
مر خبر كشف الموساد الصهيوني مسؤوليته بشكل رسمي عن اغتيال الشاعر الفلسطيني الكبير غسان كنفاني في بداية السبعينات دون أن يتوقف عنده أحد، في حين أن دلالات إطلاقه في هذا الوقت بالذات تتعدى مسألة "اكتشاف" جريمة جديدة للموساد الصهيوني، لتصل إلى حد النظر بدقة في الجرائم التي تحصل في أكثر من مكان من عالمنا العربي، سواء في لبنان أو في العراق أو في أماكن أخرى.
صحيفة يديعوت أحرونوت التي وزعت الخبر نقلاً عن مسؤولين سابقين في الموساد قالت إن عمليات أخرى عديدة نفذها الموساد ولم يعلن مسؤوليته عنها.
خبر برسم الذين يستبعدون اليد الصهيونية عن الإخلال بالأمن الذي يشهده لبنان.
صحيفة يديعوت أحرونوت التي وزعت الخبر نقلاً عن مسؤولين سابقين في الموساد قالت إن عمليات أخرى عديدة نفذها الموساد ولم يعلن مسؤوليته عنها.
خبر برسم الذين يستبعدون اليد الصهيونية عن الإخلال بالأمن الذي يشهده لبنان.
السبت، أكتوبر 08، 2005
صحافة الكويت مرة أخرى: الدعوة إلى علاقات"طبيعية" مع "إسرائيل"
كتبت قبل فترة (18 أيلول2005)عن الصحافة الكويتية ودورها في الحملة التي تشن على التوجه العربي في لبنان وسعيها إلى دعم وتأييد وجهة النظر المرتبطة بالغرب وبشكل ما بالكيان الصهيوني.
وتحدثت بشكل أساسي عن احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية والذي يمثل رأس حربة المنقضين على لبنان وعلى عروبته وعلى علاقته السويّة مع سوريا.
اليوم يطلع علينا الجار الله نفسه بدعوة لعلاقات طبيعية وكاملة مع العدو الصهيوني.
لا تحتاج المسألة لدليل.
الذين يروجون لمعلومات تستهدف العلاقة بين لبنان وسوريا ويعملون لتغليب النهج الانعزالي في لبنان يروجون لإنهاء حال المقاطعة مع العدو الصهيوني.
فهل يفهم الذين ما زالوا يعتقدون أن تغيير توجه لبنان يخدمهم وأن ثورة الأرز (ثورة الحمّص كما يسميها الدكتور أسعد أبو خليل) هي جزء من منظومة إدخال إسرائيل إلى كل بيت في لبنان والمنطقة؟
وتحدثت بشكل أساسي عن احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية والذي يمثل رأس حربة المنقضين على لبنان وعلى عروبته وعلى علاقته السويّة مع سوريا.
اليوم يطلع علينا الجار الله نفسه بدعوة لعلاقات طبيعية وكاملة مع العدو الصهيوني.
لا تحتاج المسألة لدليل.
الذين يروجون لمعلومات تستهدف العلاقة بين لبنان وسوريا ويعملون لتغليب النهج الانعزالي في لبنان يروجون لإنهاء حال المقاطعة مع العدو الصهيوني.
فهل يفهم الذين ما زالوا يعتقدون أن تغيير توجه لبنان يخدمهم وأن ثورة الأرز (ثورة الحمّص كما يسميها الدكتور أسعد أبو خليل) هي جزء من منظومة إدخال إسرائيل إلى كل بيت في لبنان والمنطقة؟
الخسائر الأميركية.. كوارث
يثير التقرير الذي يتحدث عن حجم الخسائر الأميركية المادية والبشرية في العراق والذي نشره موقع "تقرير واشنطن" (8/10/2005) في نفوس المطلعين عليه أكثر من سؤال حول مدى معرفة الأميركيين للكارثة التي ساقها الرئيس جورج بوش عليهم والتي يمكن أن تؤدي إلى تراجع قدراتهم وبالتالي فقدانهم موقع القوة الوحيدة في العالم.
إن المعلومات التي نشرها التقرير توضح بما لا يبقي مجالاً للشك أن تكاليف الحرب الأميركية على العراق باتت فوق احتمال المواطن الأميركي الذي تكلف أكثر من مئتي مليار دولار وأكثر من ألف وخمسمئة قتيل حتى الآن و"الحبل على الجرار".
أعجبني بالمناسبة العداد الذي صممه أحد المواقع المختصة بمتابعة حجم الخسائر التي يتعرض لها الأميركيون في العراق، وقد "استعرته" وثبته في المدونة الخاصة بي من أجل إطلاع الزوار على كيفية تصاعد هذه الخسائر لحظة بلحظة، فأرجو أن "تسمتعوا به"!!
إن المعلومات التي نشرها التقرير توضح بما لا يبقي مجالاً للشك أن تكاليف الحرب الأميركية على العراق باتت فوق احتمال المواطن الأميركي الذي تكلف أكثر من مئتي مليار دولار وأكثر من ألف وخمسمئة قتيل حتى الآن و"الحبل على الجرار".
أعجبني بالمناسبة العداد الذي صممه أحد المواقع المختصة بمتابعة حجم الخسائر التي يتعرض لها الأميركيون في العراق، وقد "استعرته" وثبته في المدونة الخاصة بي من أجل إطلاع الزوار على كيفية تصاعد هذه الخسائر لحظة بلحظة، فأرجو أن "تسمتعوا به"!!
الخميس، أكتوبر 06، 2005
عمار يعري ملتقطي الفرص
جاءت الكلمة التي ألقاها النائب علي عمار في مجلس النواب اللبناني اليوم خلال جلسة مناقشة السياسة الأمنية للحكومة بمثابة شربة ماء باردة على قلوب الذين كانوا مجبرين على اللهاث في صحراء القحط السياسي اللبناني الذي عبرت عنه كلمات معظم النواب الذي تحدثوا في الجلسة والذين جعلوا من الهجوم على سوريا وعلى الفلسطينيين ديدنهم متناسين العدو الصهيوني وجرائمه بحق اللبنانيين ومحيدين إياه من لائحة أعداء لبنان ومركزين مكانه على رأس هذه اللائحة سوريا والفلسطينيين.
لقد تحدث عمار بكل شفافية وصدق وبشكل مرتجل دون أن يكون هناك أي تحضير، فخرجت كلماته من القلب لتصف حرقة تشتعل في قلوب اللبنانيين الذي باتوا يرون منبر مجلسهم النيابي يتحول إلى مرتع للحاقدين والمتسلقين والمتلونين والمتقلبين والراغبين بتحقيق الشهرة واستجداء الجماهيرية والبحث عن لقطات فوتوجينيك في الإعلام اللبناني الذي بات بدوره يلعب دور رأس الحربة في محاربة عروبة لبنان ووطنيته ورفضه للهيمنة الأميركية والصهيونية.
كانت كلمة علي عمار صرخة من القلب، صرخة تعبر عما يجول في خاطر الكثيرين من أبناء الشعوب اللبنانية والسورية والفلسطينية والذين لم يعد يدهشهم صراخ الصارخين واتهامات المتهمين، إذ أنهم يعلمون أن جزءاً كبيراً من هذا الصراخ صنعت نبرته في البيت الأبيض الأميركي ووضعت اللمسات الأخيرة عليه عند "الأم الحنون" فرنسا.
إنها صرخة في محلها، أعادت التذكير بأن لبنان ليس مسرحاً للمتنكرين لعروبتهم ولا مرتعاً للذين ينكرون أصلاً عروبة لبنان، بل هو مهد المقاومة الشريفة من اجل المحافظة على القيم التي صنعها اللبنانيون بدمائهم فتحولت انتصاراً وتحريراً لجنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني الغاشم.
وفيما يلي نص تقريبي لكلمة النائب عمار، أما وقائع الجلسة كاملة فيمكن الاطلاع عليها من الرابط التالي.
قال النائب علي عمار: ادركني هاتف أخرجني من رقادي واجلسني امام لوحة ما نشهد في وطننا العزيز، حققت في لب هذه اللوحة باحثا عن كل شيء عن ألم، عن أمل، عن ايمان، عن كفر، عن حلو، عن مر، عن كل التناقضات في الحياة واذا بي ارى في لب هذه اللوحة لبنان ومن حوله أنياب تتناتشه بمعايير وموازين مختلفة منها ما هو دولي ومنها ما هو اقليمي وما هو محلي. لماذا استبدلنا لغة الحوار الوطني بثقافة المناحرة على حساب جسد الوطن والامة. هل فينا من يجرؤ ان يصرح بانتقاص بلبنانية آخر فينا، الحكومة هي حكومتنا وهذا المجلس هو مجلسنا ورئيس الجمهورية هو رئيسنا، ما دام هناك عائق امام فك الاشتباك السياسي الذي هو حق للجميع في التعبير عن الموقف. ولكن علينا ونحن في معمعة هذا السجال في الملف الامني ان نستحضر الامور برؤية واضحة بعيدة عن ثقافة المشاكسة، لماذا لا نشيح في هذه المرحلة بوجوهنا عن لغة المناحرة ونحن نستهدف على مستوى الجسد العام بكل السهام.
فالامن له هوية سياسية، ولا يمكن ان نتحدث عن الامن من دون استحضار هوية سياسية كان ثمنها دماء عزيزة هي دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، هذه الهوية، هي عروبة لبنان، علاقات مميزة مع سوريا، حماية المقاومة، تشخيص العدو من الصديق، سد كل آفاق التسلل الاجنبي الذي يستهدف مقومات هذا الوطن. فما رأيكم ببناء سور، كسور الصين على الحدود اللبنانية السورية، لعل البعض يرتاح في هذا الوطن وننتهي من هذه المشكلة العظمى، بحيث أننا نتنكر للجغرافيا والتاريخ وننطلق في لبناننا لنحوله منصة انطلاق ضد بلد عربي في ظل وضع تتزاحم به كل قوى الاستكبار والكفر العالمي الذين لا يريدون خيرا لهذا الوطن.
للاسف الشديد، فلبنان افتقد للغة العروبة في هذه الايام، لم اسمع كلاما واحدا يشير الى العدو الاسرائيلي من اول الجلسة حتى الآن، فمن كان له ازمة مع النظام السوري فأزمته لا تحل عبر تحويل لبنان الى منصة للانقضاض على سوريا، ومن له أزمة لها علاقة بعقدة نفسية حيال فلسطين لا تحل باستبدال الفلسطيني واحلاله عدوا مكان العدو الاسرائيلي.
أضاف: انسينا دور دين براون ونظريات كيسنجر وترشيح مخايل الضاهر والا الفوضى، كيف يمكننا ان نتصور ان يتحول العدو الاول للانسان الى صديقا، مساعدا، حريصا على امننا وسيادتنا وحريتنا، من أراد ان يعرف المسؤولية فليستحضر شظايا الاطفال والنساء والشيوخ تحت خيمة الشرعية الدولية في قانا، وليستحضر شهداء النبطية الفوقا والمنصوري، نحن جزء من هذه الحكومة وتاليا نحن جزء من المسؤولية فيها، ولكن الجميع مسؤول، الحكومة مسؤولة والمجلس النيابي ايضا مسؤول على مستوى خطابه السياسي وعلينا ان نستحضر جميعا من خلال ساحة التشريع هذه مسؤولية الوكالة التي اوكلنا الناس اياها في بلوغ هذا المكان. يتحدثون عن التهريب أيهرب سلاح؟ المخيمات ليست في حاجة الى سلاح او رجال ما يهرب ، هو مادة المازوت، لان الامن الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي اصبح في الارض. ما يهرب من سوريا، غاز، دواء مازوت، مواد غذائية. من يهرب فليكمش ويحاكم، أما ان نحول مسار البلد وهوية البلد بهذا الشكل وبهذه الضوضاء السياسية، فحرام. الامن مسؤولية الجميع، ونحن لا نستحضر الامن الا في وجه السوري والفلسطيني، ففي الاسبوع الماضي خطف ثلاثة رعاة لبنانيين ولم يحرك احد ساكن. الطائرات الاسرائيلية تخرق الاجواء اللبنانية يوميا، فهل هذا لا يمس بالامن اللبناني. وأنا ادعوكم بما أمثل، بلسان الاخوة والمواطنية الى الحفاظ على لبنان بما هو رسالة كما نصت وثيقة السينودس.
المطلوب قائد لأميركا
عندما يطالب الكاتب ذو الشهرة العالمية نعوم تشومسكي بقائد لأميركا، فإنه يؤكد بوضوح أن هناك من بات ينظر إلى الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش على أنه مجرد عالة على الحكم في اشنطن، أو أنه عقبة في طريق تقدم الولايات المتحدة.
يعدد تشومسكي في مقاله سلسلة من الأخطاء القاتلة وقعت فيها ـ أو ارتكبتها ـ إدارة بوش وأدت إلى الكارثة التي شهدتها مدينة نيو أورليانز نتيجة إعصار كاترينا المدمر.
وإذا كان معظم ما يقوله تشومسكي بات معروفاً،فإن مجرد تكراره من قبل كاتب كبير ومعروف مثل نعوم تشومسكي يعطيه مصداقية أكبر ويجعله يصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس الذين قد تغيب عنهم بعض الحقائق، فيأتي أشخاص مثل تشومسكي ليثبوها في أذهانهم.
مقال جدير بالقراءة والتأمل ويشير إلى أن هناك شيئاً ما يتفاعل داخل الولايات المتحدة احتجاجاً على جملة الورطات التي أدخلت إدارة بوش البلاد فيها، وليس أقلها غزو أفغانستان والعراق، وليست التظاهرات المناهضة للحرب على العراق والتي سارت في شوارع العديد من المدن الأميركية بعيدة عنا.
الاثنين، أكتوبر 03، 2005
ميلس ليس قديساً، ولجنته ليست امرأة القيصر
أعجبتني الرسالة التي وجههاالصحافي الكبير طلال سلمان في صحيفة السفير اليوم الاثنين إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي كشف فيها بعض المعلومات ووضع نقاطاً على الحروف في مدى ترفع اللجنة عن النقد وارتفاع رئيسها عن ارتكاب الأخطاء
المقال يستحق أن يقرأ
المقال يستحق أن يقرأ
الأحد، أكتوبر 02، 2005
زوجتي وأوبرا وينفري والمرأة الأميركية
عندما قرأت زوجتي المجازة في الحقوق ما كتبته في المحطةالسابقة عن أوبرا وينفري والمرأة الأميركية انتقدتني بشدة واعتبرت أنني كنت متساهلاً جداً في الحديث عن وضع المرأة الأميركية، مصرة على أن وضع المرأة العربية والمسلمة يبقى أفضل بكثير من الوضع الذي تعيشه المرأة الأميركية، مستندة في هذا الحكم على قراءاتها السابقة وعلى ما قرأته في "تقرير واشنطن".
وقد أرسلت زوجتي تعليقاً على التقرير الذي نشره موقع "تقرير واشنطن".
وها أنذا أنشر التعليق.. دون تعليق:
"قد لا يصدم تقرير من هذا النوع من يتابع بعضاً من حالات المجتمع الغربي ومدى التفلّت من كثير من القيم الأخلاقية والتي هي بدورها تودي إلى التفلت من القيم الإنسانية..ولا يزال المجتمع العربي برغم كل ما يقال عنه بالنسبة لتحرير المرأة من العنف الذي تعيشه أهون بكثير من تلك المجتمعات التي لا تصل أخبارها إلى الكثيرين..
إن المسألة تبدو وكما أشار بداية التقرير تسليط الأضواء على مناطق الضعف في المجتمع العربي، في الوقت الذي ما زال هذا المجتمع محافظاً على كثير من المبادىء والأخلاق التي تمنع حدوث الجرائم الفظيعة المشار إليها في التقرير وإذا حدثت فهي بنسب لا تقاس
أرجو أن تعي المراة بشكل عام والعربية بشكل خاص خطورة الديمقراطية الأميركية وتعي مكانتها ودورها."
انتهى تعليق زوجتي.. ولكن الحديث في هذا الموضوع لا ينتهي
وقد أرسلت زوجتي تعليقاً على التقرير الذي نشره موقع "تقرير واشنطن".
وها أنذا أنشر التعليق.. دون تعليق:
"قد لا يصدم تقرير من هذا النوع من يتابع بعضاً من حالات المجتمع الغربي ومدى التفلّت من كثير من القيم الأخلاقية والتي هي بدورها تودي إلى التفلت من القيم الإنسانية..ولا يزال المجتمع العربي برغم كل ما يقال عنه بالنسبة لتحرير المرأة من العنف الذي تعيشه أهون بكثير من تلك المجتمعات التي لا تصل أخبارها إلى الكثيرين..
إن المسألة تبدو وكما أشار بداية التقرير تسليط الأضواء على مناطق الضعف في المجتمع العربي، في الوقت الذي ما زال هذا المجتمع محافظاً على كثير من المبادىء والأخلاق التي تمنع حدوث الجرائم الفظيعة المشار إليها في التقرير وإذا حدثت فهي بنسب لا تقاس
أرجو أن تعي المراة بشكل عام والعربية بشكل خاص خطورة الديمقراطية الأميركية وتعي مكانتها ودورها."
انتهى تعليق زوجتي.. ولكن الحديث في هذا الموضوع لا ينتهي
أوبرا وينفري والمرأة الأميركية
لا بد لي من الاعتراف أنني من المعجبين ببرنامج المذيعة الأميركية المشهورة أوبرا وينفري، وإعجابي نابع بصراحة من إعجاب بشخص آخر، هو أستاذ المعهد الذي كنت أدرس فيه اللغة الإنكليزية، حيث نصحنا ـ نحن طلابه الذين أحبهم وأحبوه ـ بمتابعة برنامج أوبرا لأنه يفيد جداً في تعلم اللكنة الأميركية وطريقة الكلام.
إلا أن إعجابي ببرامج "النجمة السمراء" خدشه ما قرأته من افتخار بكونها أميركية وتعيش على الأرض الأميركية، وخصوصاً أنها كانت بذلك تعلق على حدث عربي بامتياز من خلال محاولتها الإيحاء بأن المرأة الأميركية تعيش حياة سعيدة وسط احترام كامل لحقوقها.
إلا أن التقرير الذي نشره "تقرير واشنطن" في عدده السادس والعشرين يوضح حقيقة وضع المرأة الأميركية ويظهر أنها لا تحتلف في معاناتها عن كثير من نساء العالم.. وهذا يظهر بوضوح أن الكثير مما يروج له حول الديموقراطية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة ليس في حقيقته سوى بروباغندا إعلامية، وأن ما تحاول واشنطن نشره في العالم ليس سوى بضاعة فاسدة.
أرجو أن تتمتعوا بقراءة التقرير حول وضع المرأة الأميركية ففيه الكثير من المعلومات المفيدة.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)