الثلاثاء، أغسطس 21، 2007

معراب.. خارج الإعراب


الاتفاق على رفض تولي شخص لمنصب لا يعني الاتفاق على الشخص الذي ينبغي عليه تولي هذا المنصب...
هذه هي خلاصة اللقاءات والاجتماعات التي يعقدها أقطاب السلطة، الذين باتوا يعانون من تخمة المرشحين المتنطحين لتولي الموقع الأول في الدولة اللبنانية، فإذا بهم يلجأون إلى نفي أي مرشح قوي ومحاولة إقفال الطريق عليه، عسى أن يؤدي ذلك إلى إفساح المجال أمام المرشحين الصغار، أو المرشحين الذين يملكون "تاريخاً" طويلاً، ولكنهم لا يعرفون كيف يصرفونه في سوق الرئاسة.
وبين متنسك يرغب بالرئاسة ولكنه يعفّ عنها مقابل فرض نفسه مرجعية للرئيس وللمسيحيين ولناس البلد أجمعين، وبين مسترئسين مستعدين لبذل كل ما يطلب منهم كي ينالوا كلمة رضا أو إشارة تطمين، تبدو الكلمة الأخيرة وكأنها ستصدر من مكان آخر، لا "معراب" فيه، ولا صوت للذين باعوا كلمتهم وموقفهم مقابل وعود واهية، يعلم مطلقوها أنهم أعجز عن تحقيقها ـ لو كانوا يريدون تحقيقها بالفعل ـ ويعلم قابضوها أنهم لا يمسكون إلا بالوهم، ولكنهم يقبلون به لأنه ليس لديهم غير الوهم يتمسكون به.
تبدو الإدارة الأميركية وصية على هؤلاء.. "أكثر من اللازم"، ولكن ربما ليس أكثر من المطلوب.
لقد عبّر منظر الغرف السوداء في هذه التيارات، المتشعبة الانتماء والموحدة الانحناء، عن هذه الحقيقة عندما دعا المندوب السامي الأميركي إلى اختيار رئيس من بين المسترئسين في تيار "السياديين" فيوفر عليهم عناء التطاحن، ويقيلهم من أزمة النفي والنفي المضاد، والإعدام المعنوي والسياسي وربما الجسدي والمادي أيضاً.
ولكن هذا المنظّر الذي يكاد يُشعر اللبنانيين بالغثيان وهو يتحدث عن السيادة والاستقلال، فيما هو يسلم اختيار رئيس بلاده إلى الأمريكان، ربما لا يعلم ـ وربما يعلم وينكر إنكار المصدوم نفسياً ـ أن قرار اختيار رئيس البلاد ليس مضغة في أفواه هؤلاء الأسياد، وإنما هناك من هو قادر على تعطيل أي مشروع أميركي مهما كانت قوته، وهذا ما يجعل هؤلاء "السياديين" وأسيادهم من اصحاب الوصاية، في مأزق واحد، أو في مركب واحد، يترنح، ويتمايل، وهو في طريقه إلى الغرق، دون أن يستطيع أحد أن ينقذ أحد.
إن لقاء معراب لا يمكن أن يكون له محل من الإعراب، طالما بقي هؤلاء بعيدين عن التعاون مع أبناء وطنهم، وطالما بقوا خداماً للأغراب.
محمود ريا

ليست هناك تعليقات: