زلزال سياسي، انقلاب، صدمة، مفاجأة.. كلها تعابير استخدمت خلال الساعات الماضية لوصف الحدث الكبير الذي تمثل بالفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية الأربعاء وأعلنت نتائجها شبه النهائية أمس الخميس.
وإذا كانت ردود الفعل الفلسطينية على حصول حماس على حوالي ثمانين مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي المئة واثنين وثلاثين توزعت بين تحرك رسمي لمواكبة تداعيات النتائج وتعبير شعبي عن الفرح بنجاح هذه التجربة الديموقراطية فإن ما صدر من مواقف عن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعكس حجم الصدمة التي تعرض لها القياديون في تل أبيب وواشنطن والعواصم الأوروبية المختلفة بعد الإعلان عن هذه النتائج.
ولعل أكثر ما يعبر عن هذا الشعور بالصدمة هو ظهور الفشل الذريع الذي لحق بتوقعات قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية في توقعاتهم لنتائج هذه الانتخابات، حيث كانت المصادر الأمنية المعادية لا تعطي حماس أكثر من ثلاثين بالمئة من الأصوات وهو الأمر الذي ثبت خطؤه الكبير.
وإزاء هذا الفشل تداعت القيادات الأمنية الصهيونية إلى اجتماعات عقدت ابتداء من ظهر الخميس من أجل تقييم ما حصل وتوقع نتائجه، وتزامنت مع اجتماعات طارئة مكثفة عقدتها الحكومة الصهيونية والقيادات السياسية المعادية للسبب نفسه، في حين توقعت مصادر مطلعة حصول خلافات واسعة في الداخل الصهيوني على خلفية الفشل الاستخباراتي في توقع النتائج.
الرد الأولي للمسؤولين الصهاينة صدر من رئيس الوزراء إيهود اولمرت وعدد من الوزراء وأعضاء حزب كاديما (شمعون بيريز) والأحزاب الأخرى، وقد أجمعت مواقف هؤلاء على التعبير عن الاستياء من النتيجة، وعلى رفض "التفاوض" مع حماس، وإن كانت المواقف الحقيقية والنهائية لن تصدر قبل انتهاء الاجتماعات التي عقدت مساء أمس واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل.
وكما كانت الصدمة في الأوساط الصهيونية فإنها عكست نفسها على الإدارة الأميركية التي سارعت للتعبير عن غضبها من النتائج وقال الرئيس الأميركي جورج بوش "ان الحزب السياسي الذي يريد البقاء هو الحزب الذي يسعى إلى الحفاظ على السلام".
أما على الجانب الفلسطيني فالسعي الآن هو لترتيب الأوضاع بعد النتائج، وكان ملفتاً "الاتصال الدافئ" الذي أجراه رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي عبر له فيه عن "حرص حماس وتمسكها بالشراكة مع كافة القوى الفلسطينية ولاسيما الإخوة في حركة فتح".
هذه الأجواء "التصالحية" عبر عنها القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية بشكل أكثر تفصيلاً حين قال إن إجراء محادثات مع حركة فتح حول احتمال قيام شراكة سياسية بينها وبين حماس سيتصدر سلم أولويات حماس في القريب العاجل. وأضاف هنيّة أن حركة حماس ستبدأ بإجراء مشاورات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة فتح وأحزاب فلسطينية أخرى حول تشكيل الحكومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق