يقف الضمير العالمي حائراً بين متطلبات المبدأ الذي قام عليه، وبين موجبات انصياع كل ما في هذا العالم للقوة العالمية الكبرى التي لا تقف عند أي حق ولا تتمتع بأي ضمير.
العدوان الكبير الذي شنه العدو الصهيوني ضد لبنان على مدى ثلاثة وثلاثين يوماً في العام 2006 يحمل علامات واضحة للإجرام المتمثل بقتل الأطفال وهدم البيوت وتدمير الممتلكات، وبالرغم من كل ذلك كانت المؤسسات الرسمية الدولية الممثّلة لهذا الضمير "ضعيفة الرؤية" فلم تشاهد أيّاً من هذه الجرائم، ولم تضعها تحت منظار المراقبة ومن ثم الحساب والعقاب، وبات البحث عن هذه الجرائم في سجلات منظمات حقوق الإنسان كالتنقيب عن نقطة ماء في صحراء لاهبة.
لم يكن التغاضي عن هذه الجرائم عمى لدى "المنظمات الإنسانية" والمؤسسات الدولية المعنية بالمحافظة على حقوق الإنسان، فالصور تملأ العيون، وأصوات الضحايا لم تخفت تردداتها في آذان الجميع، ولكن ما حصل هو "انحراف رؤية" ناجم عن الضغوط المكثفة التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية لمنع صدور أي تقرير دولي قد يدين ـ ولو بالإشارة ـ الكيان الصهيوني الذي أخذ يسرح ويمرح، يقتل ويدمر، يعتدي ويتجبّر، من دون أن يخشى المحاسبة أو يحسب حساب "ضمير".
هذا الجبروت الصهيوني لم يقتصر على فترة محددة من التاريخ، انحصرت في ما حصل ذات صيف، عام 2006، وإنما هو موجود منذ لحظة قيام هذا الكيان، الذي نشأ معتمداً على قرار دولي واستمر مستنداً إلى دعم دولي، ويطمح للبقاء مهيمناً على كل الدول.
كما أن الإجرام الصهيوني لم يستهدف منطقة واحدة، في الجنوب أو في الضاحية أو في البقاع، أي في لبنان، وإنما هو طاول على مدى السنوات كل منطقة في الدول المحيطة بفلسطين، في الأردن وفي مصر وفي سوريا، وحتى امتدت يد الإرهاب طويلاً إلى دول عربية وغير عربية عانت من ممارسات هذا الإرهاب.
وبالرغم من كل ذلك، لم يكن الضمير العالمي قادراً على أن "يرى" كل هذه الفظائع، لأن "عين الرضا" هي التي كانت تحكم، في حين أن عين المحاسبة والمعاقبة كان قد اقتلعها تجبّر القوى الكبرى وتفرعنها وسيطرتها على مقاليد القرار في العالم.
وفي الوقت الذي يحاول أحدنا أن يراجع كل هذه الأحداث، يستمع إلى الأخبار القادمة من فلسطين، وهي تنقل تفاصيل جرائم صهيونية جديدة، يذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، من دون أن يسأل "الضمير العالمي" عن ذلك، وهو الذي يصحو مستنفراً إذا أصيب جندي صهيوني بجراح نتيجة عملية للمقاومة، أو إذا أزعج صوت "صاروخ قهر" خاطر مستوطن جاثم على أرض فلسطين، بعد أن تطلقه يد مقهور عانى ما عاناه من جرائم هذا الاحتلال.
إنه الضمير العالمي الرسمي، الذي ضاع على طاولات المفاوضات والمباحثات والمساومات وبات يباع ويشرى على الملأ.. وبدون أي حرج.
مقابل هذا الضمير، تحرك ضمير آخر، ما يزال يحبو، ولكنه يتحرك، يسأل ويحاسب، يصرخ ويمانع، يقول إن الجريمة لا يمكن أن تمر من دون أن يكتشف مرتكبها، ومن دون أن يعاقب.. ولو أن هذا العقاب مجرد كلمة في وجه القاتل.. واضحة وصريحة، تقول له: أنت قاتل.
هذا الضمير الدولي الشعبي، شهدنا أحد فصوله قي بروكسل، حيث "تمت معاقبة" المجرمين الصهاينة على ما ارتكبوه من جرائم عام 2006، وهو قادر على معاقبة هؤلاء المجرمين على كل جرائمهم التي نفذوها ـ آمنين من العقاب ـ على مدى السنوات الماضية.
وإذا بقيت صرخات هذا الضمير "مجرد صراخ"، فإنها ستكون في يوم ما لن يكون بعيداً أساس محكمة حقيقية تملك القوة التنفيذية لوضع هؤلاء المجرمين في المكان الذي يستحقون.
إنه الضمير العالمي الحقيقي يتحرك، وقد لا تنفع كل ضغوط العالم في جعله ينام من جديد.
محمود ريا
العدوان الكبير الذي شنه العدو الصهيوني ضد لبنان على مدى ثلاثة وثلاثين يوماً في العام 2006 يحمل علامات واضحة للإجرام المتمثل بقتل الأطفال وهدم البيوت وتدمير الممتلكات، وبالرغم من كل ذلك كانت المؤسسات الرسمية الدولية الممثّلة لهذا الضمير "ضعيفة الرؤية" فلم تشاهد أيّاً من هذه الجرائم، ولم تضعها تحت منظار المراقبة ومن ثم الحساب والعقاب، وبات البحث عن هذه الجرائم في سجلات منظمات حقوق الإنسان كالتنقيب عن نقطة ماء في صحراء لاهبة.
لم يكن التغاضي عن هذه الجرائم عمى لدى "المنظمات الإنسانية" والمؤسسات الدولية المعنية بالمحافظة على حقوق الإنسان، فالصور تملأ العيون، وأصوات الضحايا لم تخفت تردداتها في آذان الجميع، ولكن ما حصل هو "انحراف رؤية" ناجم عن الضغوط المكثفة التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية لمنع صدور أي تقرير دولي قد يدين ـ ولو بالإشارة ـ الكيان الصهيوني الذي أخذ يسرح ويمرح، يقتل ويدمر، يعتدي ويتجبّر، من دون أن يخشى المحاسبة أو يحسب حساب "ضمير".
هذا الجبروت الصهيوني لم يقتصر على فترة محددة من التاريخ، انحصرت في ما حصل ذات صيف، عام 2006، وإنما هو موجود منذ لحظة قيام هذا الكيان، الذي نشأ معتمداً على قرار دولي واستمر مستنداً إلى دعم دولي، ويطمح للبقاء مهيمناً على كل الدول.
كما أن الإجرام الصهيوني لم يستهدف منطقة واحدة، في الجنوب أو في الضاحية أو في البقاع، أي في لبنان، وإنما هو طاول على مدى السنوات كل منطقة في الدول المحيطة بفلسطين، في الأردن وفي مصر وفي سوريا، وحتى امتدت يد الإرهاب طويلاً إلى دول عربية وغير عربية عانت من ممارسات هذا الإرهاب.
وبالرغم من كل ذلك، لم يكن الضمير العالمي قادراً على أن "يرى" كل هذه الفظائع، لأن "عين الرضا" هي التي كانت تحكم، في حين أن عين المحاسبة والمعاقبة كان قد اقتلعها تجبّر القوى الكبرى وتفرعنها وسيطرتها على مقاليد القرار في العالم.
وفي الوقت الذي يحاول أحدنا أن يراجع كل هذه الأحداث، يستمع إلى الأخبار القادمة من فلسطين، وهي تنقل تفاصيل جرائم صهيونية جديدة، يذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، من دون أن يسأل "الضمير العالمي" عن ذلك، وهو الذي يصحو مستنفراً إذا أصيب جندي صهيوني بجراح نتيجة عملية للمقاومة، أو إذا أزعج صوت "صاروخ قهر" خاطر مستوطن جاثم على أرض فلسطين، بعد أن تطلقه يد مقهور عانى ما عاناه من جرائم هذا الاحتلال.
إنه الضمير العالمي الرسمي، الذي ضاع على طاولات المفاوضات والمباحثات والمساومات وبات يباع ويشرى على الملأ.. وبدون أي حرج.
مقابل هذا الضمير، تحرك ضمير آخر، ما يزال يحبو، ولكنه يتحرك، يسأل ويحاسب، يصرخ ويمانع، يقول إن الجريمة لا يمكن أن تمر من دون أن يكتشف مرتكبها، ومن دون أن يعاقب.. ولو أن هذا العقاب مجرد كلمة في وجه القاتل.. واضحة وصريحة، تقول له: أنت قاتل.
هذا الضمير الدولي الشعبي، شهدنا أحد فصوله قي بروكسل، حيث "تمت معاقبة" المجرمين الصهاينة على ما ارتكبوه من جرائم عام 2006، وهو قادر على معاقبة هؤلاء المجرمين على كل جرائمهم التي نفذوها ـ آمنين من العقاب ـ على مدى السنوات الماضية.
وإذا بقيت صرخات هذا الضمير "مجرد صراخ"، فإنها ستكون في يوم ما لن يكون بعيداً أساس محكمة حقيقية تملك القوة التنفيذية لوضع هؤلاء المجرمين في المكان الذي يستحقون.
إنه الضمير العالمي الحقيقي يتحرك، وقد لا تنفع كل ضغوط العالم في جعله ينام من جديد.
محمود ريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق