محمود ريا
بشّرت وزارة الداخلية المواطنين بأن عدد مخالفات السير التي سجّلتها الرادارات الثابتة والمتنقلة لقوى الأمن الداخلي على مختلف الطرق اللبنانية قد تجاوز 67 ألف مخالفة خلال شهر ونصف، وصولاً إلى نهاية العام المنصرم.
عدد المخالفات لافت، فهو يدل على مدى انفلات اللبنانيين وتحلّلهم من الالتزام بقوانين السير، هذا مع وجود رادارات تراقب حركتهم، وتحصي عليهم أنفاسهم ولا سيما على الطرقات الرئيسية، فكيف الأمر بهذا اللبناني وهو متروك "على راحته" يفعل ما يشاء حيث يشاء، دون حسيب أو رقيب.
لا شك أن كل واحد من السائقين على الطرقات قد لحظ حالة "الانسياب" والسكون التي تسيطر على السيارات، بحيث أنه يمكن تصوّر أن السيارات مربوطة ببعضها، فلا تتحرك الواحدة أسرع من الأخرى، وهذه ظاهرة لم نعتد عليها في هذا البلد، حيث كان السائق لا يستطيع توقع اللحظة التي تمر بجانبه "سيارة طائرة" تكسر كل حدود السرعة، وتحطم بدربها ما يعترضها من سيارات ومواطنين وأبنية وغير ذلك.
الآن يمكن أن يشهد كل واحد منا أن هدوءاً غريباً يتحكم بحركة السيارات، وبالرغم من ذلك نجد أن عدد المخالفات وصل إلى الرقم الذي ذكرته وزارة الداخلية، والأمل أن لا يزداد هذا الرقم بسرعة، وأن ينخفض معدل السيارات المضبوطة، ليس بسبب تعطل الرادارات، وإنما نتيجة اقتناع المواطنين بأن دفع الغرامة المقررة على كل مخالفة أمر مرهق، ويستحق أن يخفض المرء سرعته خلال القيادة تجنباً للوقوع في مطب مخالفة قانون السير.
ولا بد هنا من الإشارة إلى بعض الملاحظات التي تشوب عملية ضبط حركة السيارات عبر الرادارات، وأبرزها اثنتان:
ـ الأولى هي أن عدداً كبيراً من السيارات في لبنان تباع وتشترى من خلال وكالات البيع ووكالات السوق، وشئنا أم أبينا هناك عشرات الآلاف من السيارات التي لا تزال دون تسجيل على اسم صاحبها الحالي، بالرغم من مرور سنوات على شرائها، وبالرغم من تنقلها من شارٍ إلى شارٍ.
وهذا الواقع يدفع إلى التساؤل عن موقف مواطن باع سيارته قبل عشر سنوات مثلاً، ليفاجأ بموظف من شركة ليبان بوست يدق بابه ليسلّمه مخالفة سرعة، دون أن يعرف هو أين هي السيارة الآن ومع من؟
هل يدفع المخالفة، أم يضع نفسه تحت طائلة التعرض للتحويل إلى المحاكمة؟
هذا الواقع يتطلب من وزارة الداخلية استكمال آلية المحاسبة من خلال التشديد على المواطنين بضرورة "ملاحقة" السيارات المسجلة على اسمهم ومتابعة مصيرها، كي لا يكونوا عرضة لهذه المفاجآت السارة في يوم من الأيام.
ـ الملاحظة الثانية تتعلق بكيفية الاطلاع على مخالفات السير من خلا ل الموقع الإلكتروني لقوى الأمن الداخلي على شبكة الإنترنت.
إن المهتم بمعرفة واقع العلاقة بين عدّاد السرعة في سيارته وصور الرادارات على الطرقات سيجد صعوبة كبيرة في تأمين تواصل حقيقي وفعّال مع هذا الموقع، حيث تشكل عملية الدخول إلى الموقع معاناة حقيقية لكثرة ما يظهر من فشل في إمكانية الوصول إلى الموقع ومعلوماته.
قد يكون هذا الفشل ناجماً عن ضعف الموقع، أو عن ضيق سعة النطاق الممنوح له من أجل الدخول إليه، أو بسبب الضغط الكثيف لطلبات الدخول.
"أظهرت إحصاءات وزارة الداخلية اللبنانية ارتفاعا في عدد السيارات والمركبات المسجلة في لبنان حيث بلغ عددها مليونا و720 ألف سيارة للعام 2010 في لبنان عامة منها 900 ألف في العاصمة اللبنانية بيروت".
إذا كان هذا هو عدد السيارات كما ذكره خبر منشور في حزيران/ يونيو من العام الماضي، وإذا كان هناك خمسون بالمئة فقط من اللبنانيين مهتمين بمعرفة ما إذا كان عليهم مخالفات سرعة أم لا، وإذا أخذنا بالاعتبار أن المواطن سيدخل مرة في الأسبوع على الأقل للاطلاع على "صفحة سوابقه" المرورية، فإن هذا يعني أن لدينا مئات الآلاف من النقرات على موقع قوى الأمن الداخلي يومياً، فهل أمّن المختصون في المعلوماتية في المديرية العامة البنية التقنية اللازمة لتلقي هذا العدد من النقرات؟
لا يبدو ذلك. والدليل هو الفشل في الدخول إلى الموقع، الذي يعاني منه المواطن مرة بعد مرة، ما يجعله بعد فترة يائساً من التجربة، ويضعه أمام خيار إهمال الإطلاع على ما يمكن أن يطرأ من مخالفات على سيارته، ويقلّل من جدوى إجراء وضع الرادارات على الطرقات.
فيا وزارة الداخلية، يا أيها المعنيون في موقع قوى الأمن الداخلي، نحن، المواطنين اللبنانيين، نرجوكم أن تسمحوا لنا بالدخول بسهولة إلى موقعكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق