افتتاحية العدد الخامس والعشرين من نشرة "الصين بعيون عربية"
محمود ريا
تقف الصين موقفاً متقدماً من قضية الملف النووي الإيراني، أو على الأقل هكذا يمكن رؤية الأمر من وجهة النظر الإيرانية.
هذه الرؤية ستؤدي بالطبع إلى اعتبار الطرف الآخر ـ الأميركي والأوروبي ـ أن الموقف الصيني محافظ جداً، لا بل هو متخلف كثيراً عن الموقف الدولي من هذا الموضوع الحيوي.
كيف يمكن ان ”يتقدم“ موقف الصيني حسب الرؤية الأميركية؟
الأمر بسيط: الرضوخ للضغوط الأميركية، والسير في العقوبات على طهران، سواء من خلال المشاركة فيها مباشرة أو من خلال تمريرها قراراته في مجلس الأمن الدولي، وربما المشاركة في أي حرب عسكرية قد تشنها الإدارة الأميركية على إيران.
طبعاً، إذا كانت هذه هي ”التقدمية“ كما تراها اميركا، فإن الصين فضّلت على ما يبدو أن تبقى ”متخلفة“، وأن تتخذ مواقف حاسمة في كل القضايا التي تطلبها واشنطن، فبكين تشدد على الحل السلمي لقضية الملف النووي الإيراني، وتؤكد على عدم ضرورة توقيع عقوبات جديدة على طهران، وتفعل عكس ذلك تماماً، إذ هي تزيد من التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بل وتزيد من اعتمادها على النفط الإيراني كمصدر رئيسي للطاقة في الصين.
وبكين لم تكتفِ بذلك بل هي أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران لينقل رسالة دعم واضحة، قابلها تأكيد من القيادات الإيرانية على عمق الصداقة مع الصين، وقد عبّر عن ذلك الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي قال ”إن أعداء إيران والصين لا يطيقون العلاقات الودية بين البلدين“.
ربما تعلن الصين موقفها بشكل موارب إلى حد ما، وربما هي تؤكد في ما تعلنه من تصريحات ومواقف على وجوب أن تتعامل إيران بجديّة مع القلق الدولي حول برنامجها النووي، وربما أيضاً أن الصين لا ترغب بأن تتحول المواجهة الإيرانية الغربية إلى مواجهة عسكرية، أو في أقل تقدير مواجهة حامية تنعكس حرارتها على سياسة العالم واقتصاده، ولكن كل ذلك لا يعني أن الصين محتارة في تعيين الجهة التي قررت الوقوف إلى جانبها، أو أنها يمكن أن ”تضيع“ في تحديد الطرف الذي ينبغي عليها أن تسانده في هذه المواجهة.
وقد عبّرت الصين بكل وضوح عن هذه الحقائق من خلال رفضها حضور اجتماع الدول الست الذي كان مقرراً لبحث فرض عقوبات على إيران، وهي وإن علّلت الرفض بأسباب تقنية، إلا أن هذه ”الأسباب“ كان يمكن لمن ”يرغب“ بتجاوزها أن يتجاوزها، وهذا ما لم تفعله القيادة الصينية.. وفي هذا موقف ليس بعده أي التباس.
يمكن القول إن كل ذلك يعني شيئاً واحداً: الصين تصفع الولايات المتحدة على وجهها، مرّة تلو مرّة تلو مرّة. وفيما واشنطن تتلقى هذه الصفعات، تصر على أن الصين ”متخلّفة“ وأنها ستقودها إلى التقدم.
فهل سـ ”تنقاد“ الصين“ أم أن قاطرتها الاقتصادية والسكانية الكبرى ستعود بالقطار الأميركي المندفع بلا كوابح.. إلى ”الوراء“، فتجنّب العالم أخطار التهوّر الأميركي التي تتجاوز كل توقع؟
محمود ريا
تقف الصين موقفاً متقدماً من قضية الملف النووي الإيراني، أو على الأقل هكذا يمكن رؤية الأمر من وجهة النظر الإيرانية.
هذه الرؤية ستؤدي بالطبع إلى اعتبار الطرف الآخر ـ الأميركي والأوروبي ـ أن الموقف الصيني محافظ جداً، لا بل هو متخلف كثيراً عن الموقف الدولي من هذا الموضوع الحيوي.
كيف يمكن ان ”يتقدم“ موقف الصيني حسب الرؤية الأميركية؟
الأمر بسيط: الرضوخ للضغوط الأميركية، والسير في العقوبات على طهران، سواء من خلال المشاركة فيها مباشرة أو من خلال تمريرها قراراته في مجلس الأمن الدولي، وربما المشاركة في أي حرب عسكرية قد تشنها الإدارة الأميركية على إيران.
طبعاً، إذا كانت هذه هي ”التقدمية“ كما تراها اميركا، فإن الصين فضّلت على ما يبدو أن تبقى ”متخلفة“، وأن تتخذ مواقف حاسمة في كل القضايا التي تطلبها واشنطن، فبكين تشدد على الحل السلمي لقضية الملف النووي الإيراني، وتؤكد على عدم ضرورة توقيع عقوبات جديدة على طهران، وتفعل عكس ذلك تماماً، إذ هي تزيد من التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بل وتزيد من اعتمادها على النفط الإيراني كمصدر رئيسي للطاقة في الصين.
وبكين لم تكتفِ بذلك بل هي أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران لينقل رسالة دعم واضحة، قابلها تأكيد من القيادات الإيرانية على عمق الصداقة مع الصين، وقد عبّر عن ذلك الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي قال ”إن أعداء إيران والصين لا يطيقون العلاقات الودية بين البلدين“.
ربما تعلن الصين موقفها بشكل موارب إلى حد ما، وربما هي تؤكد في ما تعلنه من تصريحات ومواقف على وجوب أن تتعامل إيران بجديّة مع القلق الدولي حول برنامجها النووي، وربما أيضاً أن الصين لا ترغب بأن تتحول المواجهة الإيرانية الغربية إلى مواجهة عسكرية، أو في أقل تقدير مواجهة حامية تنعكس حرارتها على سياسة العالم واقتصاده، ولكن كل ذلك لا يعني أن الصين محتارة في تعيين الجهة التي قررت الوقوف إلى جانبها، أو أنها يمكن أن ”تضيع“ في تحديد الطرف الذي ينبغي عليها أن تسانده في هذه المواجهة.
وقد عبّرت الصين بكل وضوح عن هذه الحقائق من خلال رفضها حضور اجتماع الدول الست الذي كان مقرراً لبحث فرض عقوبات على إيران، وهي وإن علّلت الرفض بأسباب تقنية، إلا أن هذه ”الأسباب“ كان يمكن لمن ”يرغب“ بتجاوزها أن يتجاوزها، وهذا ما لم تفعله القيادة الصينية.. وفي هذا موقف ليس بعده أي التباس.
يمكن القول إن كل ذلك يعني شيئاً واحداً: الصين تصفع الولايات المتحدة على وجهها، مرّة تلو مرّة تلو مرّة. وفيما واشنطن تتلقى هذه الصفعات، تصر على أن الصين ”متخلّفة“ وأنها ستقودها إلى التقدم.
فهل سـ ”تنقاد“ الصين“ أم أن قاطرتها الاقتصادية والسكانية الكبرى ستعود بالقطار الأميركي المندفع بلا كوابح.. إلى ”الوراء“، فتجنّب العالم أخطار التهوّر الأميركي التي تتجاوز كل توقع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق