كان العرب عاجزين، وكانوا يسدون عجزهم بإطلاق شعارات كبرى وادعاء انتصارات وهمية، وتسجيل أرقام هائلة من الخسائر في صفوف العدو الصهيوني.. ثم تأتي الوقائع لتكشف أن ما يحصل على الأرض معاكس للشعارات، ومناقض للانتصارات، وبعيد كل البعد عن الأرقام الحقيقية.
حاول البعض القول إن هذا النمط من التعامل مع الصراع ونتائجه نابع من الذات العربية التي تميل إلى المبالغة والتهويل وإطلاق الكلام على عواهنه.
وأصر البعض الآخر على أن هذه المبالغات العربية هي حال كل القاصرين والمقصرين في كل أنحاء العالم، فهم يسدون بالكلام ثغرات الفعل، ويفرشون بالأحلام صحراء الواقع.
بعض العرب لم يتغيروا، ولم يعرفوا لماذا لم يتغيروا، لأنهم استمروا كما كانوا، وبقوا على الحال التي وُلدوا عليها، وعاش عليها آباؤهم.
وبعض العرب باتوا يقولون ما يفعلون، وباتت أرقامهم تؤخذ بمثابة مستندات لا تقبل الرد، وصارت تقويماتهم للتطورات تصبح هي الرواية الرسمية للأحداث.
لا بل أكثر من ذلك، لقد انتقل التهويل ليصبح وسيلة العدو للتعامل مع الأحداث، وصارت الأرقام التي يذكرها الصهاينة تُعامل كـ"مزحة" من قبل وسائل الإعلام العالمية.
فما الذي تغير؟
ما تغير أن العرب الذين تصدق أقوالهم باتوا هم الذين يصنعون الأحداث، وهم الذين يوجهون المسارات، وهم الذين يتخذون القرارات.. وصار العدو يعمل برد الفعل.
صار العدو عاجزاً، وأخذ يبالغ ويهذي.. ويدعي انتصارات وهمية.
محمود ريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق