انتظر الصهاينة كثيراً أن تتحقق أهدافهم في لبنان من تلقاء نفسها، وراهنوا على نجاح حاملي اللواء الأميركي في لبنان في أن يقوموا عنهم بما حاولوا أن يقوموا به هم، واستخدموا من أجله كل ما يملكون من وسائل عسكرية وسياسية وإعلامية.
ولكن الوكلاء الذين طلبت واشنطن من تل أبيب أن تعطيهم فرصة للقيام بما هو مطلوب منهم، عجزوا عن الوفاء بتعهداتهم، وبقي الموضوع الذي يقلق الصهاينة ـ ومن ورائهم الأميركيون ـ عالقاً بلا حل، وبقي الأفق مسدوداً، والآمال العريضة سقطت عند صمود الشعب اللبناني وثبات مقاومته أمام كل محاولات التهويل والإغراء.
يئس الصهاينة، واليأس دافع لارتكاب أعمال مجنونة، منها إعادة "تجريب المجرّب"، ومحاولة تحقيق الأهداف باليد.
من هنا كان الدخول الإسرائيلي المباشر على تطورات الساحة اللبنانية فجاً وخالياً من أي محاولة للتغطية، إلى درجة دفعت العدو والصديق للقول إن ما قام به الصهاينة يوم الأحد الماضي هو مفردة للاستخدام ممن "يعنيهم الأمر" في جولة الحوار القادمة، التي يفترض أن يكون موضوع الاستراتيجية الدفاعية عن لبنان الموضوع الوحيد على طاولتها.
لقد أراد الصهاينة من توسيع عدوانهم على لبنان توجيه رسالة تهديد إلى المقاومة ورسالة تأييد إلى الطرف المقابل لها على الساحة اللبنانية، عسى أن تنجح هاتان الرسالتان في تعديل ميزان القوى "المتوازن" على الساحة اللبنانية، وتغليب وجهة نظر فريق على فريق آخر.
ولكن المعطيات التي جُمعت بعد انجلاء غبار القصف الصهيوني وغبار التهويل الإعلامي المعادي الذي رافقه، تشير إلى أن ما أراده الصهاينة لم يتحقق، وأنهم وقعوا مرة أخرى في الفخ.
على الصعيد العسكري لم تطابق حسابات الواقع الميداني أحلام الجنرالات القابعين في مقر قيادتهم في "العمق الصهيوني" أو في قيادة فرقة الجليل التي تعرضت للقصف، ولمس المقيمون فيها حقيقة الفعل المقاوم في مواجهة الاستخدام المعادي لوسائط قتالية من الطراز الرفيع.
وبدل أن تكون المعادلة الجديدة قائمة على القدرة الصهيونية والإحباط المقاوم، أحبط المقاومون الخطة الصهيونية وأجبروا الأعداء بشكل ملموس على تغيير التكتيكات المستخدمة في التحصين والتمركز في الشمال!
وإذا كان "صندوق البريد العسكري" قد رد الرسالة إلى مرسليها مع "التوضيحات" اللازمة، فإن "الصندوق السياسي" استقبل الرسالة إلى درجة الإعراب عن الترحيب بهذا التدخل، ولو من باب استخدام إدانة الاعتداءات الصهيونية على المناطق اللبنانية من أجل توجيه رسائل مسمومة في كل الاتجاهات، وإطلاق الأبواق السياسية والإعلامية لشن حملات عنيفة على خيار المقاومة وعلى سلاحها.
يمكن للذين كانوا ـ وما زالوا ـ يتساءلون عن جدوى بقاء المقاومة أن يستفيدوا من الذي حصل خلال هذا الأسبوع كي يقتنعوا بأن المقاومة هي الرد الوحيد على الرسائل الصهيونية المملوءة حقداً ودماراً وخبثاً، وأنها الوحيدة التي تستطيع أن "تفاجئ" العدو وتمنعه من التطاول على لبنان وكرامته وسيادته وحريته واستقلاله.. وهذا هو بالضبط معنى عيد المقاومة والتحرير الذي احتفل به لبنان هذا العام كأفضل ما يمكن أن يكون الاحتفال، حتى لو لم يحظَ ببركة الإعلان عنه عيداً رسمياً من قبل من بيدهم الأمر.
محمود ريا
هناك تعليقان (2):
Nice idea with this site its better than most of the rubbish I come across.
»
Greets to the webmaster of this wonderful site! Keep up the good work. Thanks.
»
إرسال تعليق