الاثنين، سبتمبر 19، 2005

المستهتر


"اذا كان بوش جاداً في رغبته أن يمد يده لبقية العالم فلماذا اختار رجلاً يستهتر الي هذا الحد بالعمل بالتعاون مع حلفائنا؟"
هذا "التقييم" المختصر الذي قدمه المرشح الديموقراطي إلى انتخابات الرئاسة الأميركية جون كيري قد يكفي للتعبير عن الصورة التي يقدمها جون بولتون، مرشح الرئيس الأميركي جورج بوش لترؤس بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة.
ولد جون بولتون في مدينة بالتمور في 20 نونبر 1948 وانخرط مبكرا في صفوف اليمين المتطرف العنصري الأمريكي خلال دراسته الجامعية، وبعد أن حصل على ديبلوم في القانون انضم إلى مكتب محاماة. وفي بداية عهد الرئيس رونالد ريغان، وبالضبط سنة 1981 دخل إلى دهاليز السياسة الأمريكية. في البداية عمل مستشارا في الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي (USAID) وفي سنة 1989 عمل مساعدا لوزير العدل آنداك إدوين ميز، في هذه الفترة سيشتهر بمحاولاته عرقلة مسيرة التحقيقات التي كانت تقوم بها لجنة من الكونغرس يقودها جون كيري، الذي انهزم قبل أشهر أمام بوش في النزال الرئاسي، حول تجارة المخدرات.
عندما تسلم الديمقراطيون البيت الأبيض تحت قيادة كلنتون، غادر وزارة العدل وأسس مع آخرين مكتبا للمحاماة وراح يشارك بفعالية في منتديات البحث التي يشرف عليها المحافظون الجدد ومن خلالها أخذ يطلق النار على كل القوانين والمعاهدات الدولية إلى أن دخل بوش البيت الأبيض فعين في منصب مساعد وزير الخارجية المكلف بمراقبة التسلح،وكان من أشد أنصار غزو العراق.كما وقف الجمهور الواسع على انعدام حس الفكاهة لدى الرجل وإن بدا مبتسما في بعض الصور، كما اشتهر خلال هذه الفترة بفـظاظته خاصة اتجاه كوريا الشمالية.
يعتبر بولتون مثل بقية أعضاء الادارة الأمريكية من المؤيدين لـ "اسرائيل" وهو احد مؤسسي ومديري المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي الذي ينتسب اليه ايضاً كل من ديك تشيني ومساعد وزير الحرب دوجلاس فيث وغيرهما من صقور البيت الأبيض.
أظهر بولتون عداء شديداً لتشكيل المحكمة الجنائية الدولية وكان من أشد المعارضين لانضمام الولايات المتحدة لتلك المحكمة ووصف بولتون توقيعه علي رفض الانضمام للمحكمة رسمياً الي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بأنها كانت أسعد لحظة في حياته المهنية كدبلوماسي!!
وتحدث دبلوماسيون سابقون عملوا في ظل رؤساء أمريكيين سابقين من ريتشارد نيكسون إلى بيل كلينتون عن موقف بولتون الذي لا يرى في الأمم المتحدة قيمة إلا إذا خدمت وبشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة.
"ليس هناك شيء اسمه الأمم المتحدة، وإذا فقد بناء الأمانة العامة في نيويورك عشرة طوابق فلن يغير ذلك من الأمر شيئا".
هذا الكلام قاله بولتون عام 1994، وربما من أجل هذا الكلام أجّل الكونغرس تعيينه إلى أجل غير مسمى، وربما لن يعيّنه أبداً، كي لا يتحقق ما قاله وزير الخارجية السابق كولن باول: "إن تعيينه.. يشبه تعيين مولع بالحرائق للإشراف على معمل للمفرقعات".
هذه الحقيقة التي عرفها الكونغرس فلم يوافق على تعيين بولتون عرفها أيضاً جورج بوش فأصر على تعيينه، واستخدم سلطاته الدستورية لتعيينه رغماً عن أنف الكونغرس.. في بلد الديموقراطية!!
محمود ريا

ليست هناك تعليقات: