يكاد المسرح اللبناني يصبح متخصصاً بذلك الفن الذي يمكن تجاوزاً أن نطلق عليه فن "التراجيـ ـ كوميديا"، حيث تتواتر الأحداث وبتقلب غريب بين المضحك والمبكي، وبين المفرح الذي يحمل في طياته أقسى وأقصى لحظات الحزن.
نشوة "الحرية" تتزامن مع الحرقة الناجمة عن عدم القدرة على التحرك إلا وفق "الاستشارات الملزمة" القادمة من الخارج، وقِمة "السيادة" تترافق مع قُمة الوصاية التي تكاد تقطع الهواء عن السياديين الجدد قبل أن تقطعه عن المعادين الذين يفترض أن يكونوا غير مرتاحين نتيجة الأجواء الجديدة.
أما "الحقيقة" فتكاد تضيع مع تشتت الاهتمامات ونشوء العديد من القضايا التي تتطلب كل واحدة منها حقيقتها الخاصة بها، فتختلط الحقائق بالشائعات، ويذهب "الصالح بعزا الطالح"، ولا أحد يعود يعرف "مين الضارب ومين المضروب".
أما أقصى الحركات التعبيرية في هذا المسرح اللبناني العجيب فقد أداه عنصر الـ"أف بي آي" الذي كان راكعاً على ركبتيه وهو يبحث عن جزء من دليل أمام سيارة الراحل جورج حاوي.
طبعاً لم يسأل أحد من هو هذا "الممثل" وماذا يفعل هنا، ومن أعطاه الدور، وما هو "الكاراكتير" المرسوم له، لأن اللبناني لم يعد له علاقة بالإخراج، ولا بصنع الأحداث على مسرحه، بل إن شأنه هو فقط متابعة الأحداث التي يرسمها المخرج الهوليودي، وينتقي لها من يريد من الممثلين، فـ"يضحّي ببعضهم" ويبقي آخرين على لائحة الانتظار.
محمود ريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق