افتتاحية العدد التاسع والثلاثين من نشرة الصين بعيون عربية الالكترونية الأسبوعية
محمود ريا
احتفلت البحرية الصينية خلال الأسبوع الماضي بذكرى تأسيسها الستين، في استعراض للقوة لم يحصل من قبل، ما حمل أكثر من دلالة على الاستراتيجية التي وضعتها الصين للمستقبل، ليس على مستوى القوة العسكرية فحسب، وإنما على مستوى التعامل مع العالم بشكل عام.
كانت دعوة قطع بحرية من أربعة عشر بلداً حول العالم إشارة لا بد منها إلى الدول القوية بوجوب أخذ القوة الصينية المتصاعدة بالحسبان، وفي هذا تخلّ عن مبدأ كانت الصين تعمل جاهدة على الحفاظ عليه، مبدأ "الاختباء" من وجه العالم حتى تحين اللحظة المناسبة.
هذا الاختباء كان يفترض أن الصين لم تحقق بعد القوة اللازمة كي تخرج على العالم بإعلان صريح يؤكد أنها قوة عظمى ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس، لا بل إن القياديين الصينيين كانوا يصرون دائماً على أن الصين دولة من الدول التي لا تزال على طريق النمو، وإنها دولة لا همّ لها إلا أن تحمي أرضها من أي هجوم خارجي، في رؤية دفاعية لم تتغير منذ قرون ولم تشهد أي نقض لها من أي تصرف رسمي صيني تجاه دول الخارج.
اليوم تقول الصين: بالإذن.. نحن هنا، وقد اختارت البحرية في عيدها لتقول هذه الكلمة الجريئة، وليس هذا الاختيار نابعاً من فراغ، وإنما له عمق يتمثل في قيام البحرية الصينية خلال العام الماضي بمهمتين رياديتين يحملان "الرقم واحد" بكل جدارة: الأولى إلى مياه بحر عمان وخليج عدن للمساهمة في مكافحة مشكلة القراصنة الصوماليين، وذلك في أول تحرك عسكري ردعي تقوم به الصين في تاريخها، والثانية إلى جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي حيث أكدت الصين بذلك قدرتها على فرض رأيها في قضايا الخلافات الحدودية المفتوحة في تلك المنطقة، عندما تشاء ذلك.
لقد حملت هاتان المهمتان رؤية "حماية المصالح" الصينية، ما يشكل افتراقاً عن السياسة التقليدية المتبعة والتي تنص على "حماية الأراضي" الصينية من الاعتداء.
البحرية الصينية اليوم أكبر وأقوى وأكثر فاعلية، تماماً كما هي الصين في أذهان العالم، وقد جاء احتفال هذا الأسبوع بمثابة إطلاق صافرة إنذار لا بد من سماعها جيداً.
هل تسرّعت الصين في إظهار نفسها، وهل تجاوزت برنامجها السابق الذي كان يقوم على الانتظار عشر سنوات أخرى قبل القيام بهذه الخطوة؟
هناك من يقول إن الصين أسرعت لتلاقي ظروفاً كانت تظن أنها متأخرة الحصول، ظروف انهيار القوة العالمية العظمى التي تمثلها الولايات المتحدة الأميركية، وانكفاء قوى دولية أخرى عن لعب دور القوة الكبرى. وبذلك وجدت الصين نفسها على حين غرة في موقع المطالب بموقف.. وهذا ما كان.
محمود ريا
احتفلت البحرية الصينية خلال الأسبوع الماضي بذكرى تأسيسها الستين، في استعراض للقوة لم يحصل من قبل، ما حمل أكثر من دلالة على الاستراتيجية التي وضعتها الصين للمستقبل، ليس على مستوى القوة العسكرية فحسب، وإنما على مستوى التعامل مع العالم بشكل عام.
كانت دعوة قطع بحرية من أربعة عشر بلداً حول العالم إشارة لا بد منها إلى الدول القوية بوجوب أخذ القوة الصينية المتصاعدة بالحسبان، وفي هذا تخلّ عن مبدأ كانت الصين تعمل جاهدة على الحفاظ عليه، مبدأ "الاختباء" من وجه العالم حتى تحين اللحظة المناسبة.
هذا الاختباء كان يفترض أن الصين لم تحقق بعد القوة اللازمة كي تخرج على العالم بإعلان صريح يؤكد أنها قوة عظمى ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس، لا بل إن القياديين الصينيين كانوا يصرون دائماً على أن الصين دولة من الدول التي لا تزال على طريق النمو، وإنها دولة لا همّ لها إلا أن تحمي أرضها من أي هجوم خارجي، في رؤية دفاعية لم تتغير منذ قرون ولم تشهد أي نقض لها من أي تصرف رسمي صيني تجاه دول الخارج.
اليوم تقول الصين: بالإذن.. نحن هنا، وقد اختارت البحرية في عيدها لتقول هذه الكلمة الجريئة، وليس هذا الاختيار نابعاً من فراغ، وإنما له عمق يتمثل في قيام البحرية الصينية خلال العام الماضي بمهمتين رياديتين يحملان "الرقم واحد" بكل جدارة: الأولى إلى مياه بحر عمان وخليج عدن للمساهمة في مكافحة مشكلة القراصنة الصوماليين، وذلك في أول تحرك عسكري ردعي تقوم به الصين في تاريخها، والثانية إلى جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي حيث أكدت الصين بذلك قدرتها على فرض رأيها في قضايا الخلافات الحدودية المفتوحة في تلك المنطقة، عندما تشاء ذلك.
لقد حملت هاتان المهمتان رؤية "حماية المصالح" الصينية، ما يشكل افتراقاً عن السياسة التقليدية المتبعة والتي تنص على "حماية الأراضي" الصينية من الاعتداء.
البحرية الصينية اليوم أكبر وأقوى وأكثر فاعلية، تماماً كما هي الصين في أذهان العالم، وقد جاء احتفال هذا الأسبوع بمثابة إطلاق صافرة إنذار لا بد من سماعها جيداً.
هل تسرّعت الصين في إظهار نفسها، وهل تجاوزت برنامجها السابق الذي كان يقوم على الانتظار عشر سنوات أخرى قبل القيام بهذه الخطوة؟
هناك من يقول إن الصين أسرعت لتلاقي ظروفاً كانت تظن أنها متأخرة الحصول، ظروف انهيار القوة العالمية العظمى التي تمثلها الولايات المتحدة الأميركية، وانكفاء قوى دولية أخرى عن لعب دور القوة الكبرى. وبذلك وجدت الصين نفسها على حين غرة في موقع المطالب بموقف.. وهذا ما كان.